النصب والاحتيال

قياسي

النصب والاحتيال

كلما انكشفت طرق النصابين والمحتالين تفننوا في إيجاد طرق جديدة لاتخطر على البال من أول وهلة فيقع من يقع فريسة في شراكهم. في هذه الأسطر سأقف على حادثتي احتيال مررت بهما لأسلط الضوء على الطرق المتبعة والأساليب الخبيثة للتنبيه والتحذير من الوقوع في فك هذه العصابات.


الحادثة الأولى كانت قبل أشهر عندما وصلني اتصالا باسم السفارة السعودية في أمريكا وكان السيناريو محبوكا بدهاء ومهارة ومهنية عالية. بدأ الاتصال من سيدة زعمت أنها موظفة في السفارة السعودية وأنه يوجد قضية مرفوعة باسمي في أمريكا بأنني مقدم على بعثة دراسية قبل سنوات في عدد من الجامعات ولم ألتحق بأي منها وأن إسمي في القائمة السوداء والسفارة تحاول حل المشكلة قبل أن تحول للنيابة العامة ودفع غرامة 65000 دولار (تقريبا 244000 ريال).

انتابني الشك من كلامها وطلبت الإثبات بأنها موظفة في السفارة فقالت افتح بريدك الالكتروني ستجد رسالة موجهة لك من السفارة وموجود نسخة للنيابة العامة في السعودية. بالفعل فتحت الايميل فوجدت الرسالة وعملت نسخ ولصق وأجريت بحثا سريعا في النت للعناوين فكانت صحيحة باسم السفارة والنيابة فازدادت حيرتي وسألتها عن المطلوب.قالت بأنه يوجد توصيات من سمو الأميرة سفيرة المملكة بالتعاون معكم وتخفيض الغرامة للتكفل فقط بتكاليف رسوم إلغاء المنحة وإخلاء الطرف تقريبا 10000 ريال وستتحمل السفارة رسوم المحامي فإن وافقت سيتم تحويل المكالمة للمسؤول في قسم التعليم العالي. لحظات وتم تحويل المكالمة لرئيسها وبعد نقاش طويل تم تحويلها إلى شخص ثالث ومنه تم إشراك شخص رابع أمريكي على أنه من التعليم العالي في أمريكا وكل شخص كان يعرف باسمه الكامل. دار نقاش وجدل طويل وإعادة لما سبق بحيث استغرقت المكالمة تقريبا ساعة كاملة ووصلنا إلى طلبهم بتجهيز المبلغ لتحويله مباشرة مما أثار الشك بسبب الإصرار على التحويل مباشرة لأنني مررت بتجارب سابقة يكون فيها إصرار على الدفع حالا وقد وثقت البعض منها تحت عنوان “ستخسر إن لم تشترك الآن”. طلبت منهم مهلة ساعة أو ساعتين وكان هدفي البحث والتأكد من الموضوع ولكن كان الرفض سيد الموقف وعلت نبرة التهديد منهم بالتحويل إلى النيابة العامة. فجأة (برعاية إلهية) انقطع الاتصال فحولت الهاتف على حالة الطيران ودخلت النت للبحث والتأكد فوجدت العنوان هو نفس عنوان السفارة ورقم الهاتف هو نفس رقم السفارة. دخلت تويتر وأرسلت رسالة للسفارة وزودتهم بالأسماء إن كانوا فعلا موظفين في السفارة ولكن لم يردني درا سريعا. فتحت جوالي فإذا بي أرى ثلاثين مكالمة فاستغربت من الأمر وهذا التلهف بتكرار الاتصال وكأنهم يخشون هروب الفريسة من بين أيديهم بعد هذه المكالمة الطويلة. طلبت من ابني التأكد من رقم الهاتف فأجرى بحثا في النت فقال هو بالفعل نفسه ولكنه واصل البحث فوجد تحذيرا قديما من السفارة السعودية في أمريكا بوجود عصابة نصب واحتيال تستخدم اسم السفارة والملحقية وأنهم يستخدمون تطبيقات تُظهر الإسم نفسه وكذلك الرقم للجهة المرغوب باستخدامها. وبعد ساعات ورد الرد من السفارة أيضا والتحذير منهم وعدم الاستجابة لهم وأن السفارة حذرت منهم في تويتر وصحيفة اليوم. ولله الحمد انتهى الأمر بسلام ولم يتم تحويل أي مبلغ لهم.


الحادثة الأخرى حدثت قريبا عندما وصلتني رسالة عبر البريد الالكتروني باسم شركة الشحن أرامكس وقد كنت أترقب وصول شحنة لأكثر من شهر فتوقعتها قد وصلت. الرسالة عليها شعار أرامكس وتطلب دفع تكلفة الشحن قبل إرسالها. دخلت الموقع الذي حمل شعار أرامكس وطلب إدخال بيانات البطاقة الائتمانية فتم ذلك وانتظرت لمدت دقيقتين للحصول على رمز التفعيل خلال رسالة نصية. لم تصل الرسالة فأعدت المحاولة بعد دقيقتين ولم تصل الرسالة فأغلقت الموقع للنظر في الأمر في اليوم التالي. لحظات وإذا برسالة نصية على الجوال برفض عملية شرائية بقيمة تقريبا 4445 ريال بسبب الرصيد غير كاف على نفس البطاقة، ثم تبعتها رسالة أخرى. شككت في الأمر فتواصلت مع إبني إن كان قد أجرى أي عمليات شرائية على البطاقة فكان جوابه النفي.


دخلت حسابي عبر النت فوجدت بالفعل محاولات سحب من فرنسا ولكن الرصيد لم يكن كافيا. كان الرصيد الموجود في البطاقة 454 ريال فحولتها لحسابي الخاص. لحظات وإذا بمحاولة فاشلة لسحب تقريبا 494 ريال لعدم وجود رصيد يكفي. وفي هذا الأثناء تم إيقاف البطاقة نهائيا عبر الاتصال الآلي وانتهت العملية بسلام ولله الحمد.


لقد تجلت أهمية استخدام بطاقة النت التي تشحنها بالرصيد المطلوب وتستخدمها عند الشراء عبر النت وكلما احتجت لرصيد أكبر قمت بشحنها. الرصيد المتبقي في البطاقة لم يكن كافيا وحتى عندما تنازل المحتال عن شيء من طمعه وخفض المبلغ لم يجد مايريد ولم يستفد شيئا. ولو كان الأمر مع البطاقة المفتوحة لأخذ راحته في السحب حتى وصول الحد الأعلى.


نصيحتي للإخوة الأحبة بأخذ الحيطة والحذر الشديد وعدم الاستجابة والثقة بأي موقع وإدخال البيانات الخاصة وعدم الانجراف خلف أي عروض مغرية قد تكون وهمية، والتأكيد على عدم استخدام البطاقات الائتمانية أو أي بطاقة أخرى يكون الرصيد فيها كبيرا بل استخدام البطاقة مسبقة الدفع لعمليات الشراء عبر النت. حفظكم الله ورعاكم.


عبدالله الحجي

٢٠٢٢/٢/٨