متطوعو الفيصلية وحي الملك فهد في رحلة بحرية

قياسي

متطوعو الفيصلية وحي الملك فهد في رحلة بحرية

في خضم الأعمال الاجتماعية التطوعية ينسى بعض المتطوعين أنفسهم فيذوبوا وينصهروا في تقديم الخدمات وقضاء حوائج الناس التي تُدخل على قلوبهم الرضا و السعادة وذلك عندما يرسمون البسمة على شفاه الآخرين ويجدون علامات الرضا على وجوههم ويسمعون ألسنتهم تلهج بالدعاء. 

خدمة الناس وسام شرف لمن يدرك قيمتها ويملك الحس الاجتماعي ويعيش أجواءها بقلبه، وهي نعمة من نعم الله على عبده، عليه أن يقابلها بالشكر والامتنان لاختياره لها، وعليه أن يتمسك بها ويؤدي دوره بنية خالصة قربة إلى الله تعالى بلا ملل ولاكلل ولاتذمر ولاتضجر لكي لاتتحول هذه النعمة إلى غيره ويكون من الخاسرين. قال الإمام الحسين (عليه السلام): “إنّ حوائج الناس إليكم من نِعم الله عليكم، فلا تملّوا النعم فتتحول إلى غيركم“. وقال الإمام الصادق (عليه السلام): ”من مشى في حاجة أخيه المؤمن يطلب بذلك ما عند الله حتى تقضى له، كتب الله عز وجل له بذلك مثل أجر حجة وعمرة مبرورتين وصوم شهرين من أشهر الحرم واعتكافهما في المسجد الحرام، ومن مشى فيها بنية ولم تقض كتب الله له بذلك مثل حجة مبرورة“.

الذوبان والانصهار في قضاء حوائج الناس يجعل المتطوع يحترق كالشمعة التي تضيء للآخرين وقد يؤثر أحيانا على اهتمامه بأهله والتضحية بأوقاتهم فينعكس سلبا على علاقته الأسرية. وهنا تتجلى أهمية ضبط البوصلة والتوازن بين مختلف الأدوار التي يعيشها في المجتمع والأسرة ليحظى بالأجرين ومحبة الله تعالى، فكما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ”إن أحب عباد الله إلى الله تعالى أنفعهم لعباده وأوفاهم بعهده؛ وقال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.)، ورد أيضا عنه (صلى الله عليه وآله) ”خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله“. وقال: ”جلوس المرء عند عياله أحب إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا“. فكلما وازن المتطوع بين أهدافه وأدى حق الأسرة فستكون له الأسرة حتما نعم الداعم والمعين والمحفز والشريك له في الأجر بمايقدمه من خدمات جليلة للمجتمع.

ليس ذلك فحسب بل عليه أن يراعي نفسه والاهتمام بها وعدم الغفلة عن حقوقها لكي لاتمل ويكون نفَسُها قصيرا في هذا المضمار. ومن هذا المنطلق انبرت مبادرة الأخ العزيز الأستاذ أنور العمران (بو حيدر) في لم شمل الإخوة المتطوعين المخضرمين والمستجدين في جمعية البر مركزي الفيصلية وحي الملك فهد و بعض المجالات التطوعية الأخرى وكسر الروتين بالتنسيق والخروج في رحلة بحرية لشاطئ سلوى جمعت مايقارب 80 شخصا من المتطوعين وأبنائهم.

لقد حققت هذه الرحلة العديد من الأهداف السامية أولها الشعار الذي أطلق عليها (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) لتعزيز وتوطيد أواصر المحبة والألفة والأخوة بين المتطوعين مهما حدث بينهم من خلاف واختلاف في الرأي والفكر خلال خدمتهم على مدى سنوات لتسمو نفوسهم وتكون المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

 ومن الأهداف أيضا التعارف بين المتطوعين المنخرطين في مختلف المجالات التطوعية كجمعية البر وغيرها والإستفادة من تجاربهم وخبراتهم، والتواصل بينهم بعد طول انقطاع بسبب توقفهم عن العمل التطوعي في نفس المؤسسة أو تغير الجهة والمجال في أماكن أخرى تحمل نفس الغاية. 

ولا شك بأن كسر الروتين والخروج من الرتابة والملل وقضاء ساعات من النقاهة والاستجمام  هو أحد أبرز الأهداف التي يحتاجها الجميع لتجديد نشاطهم وطاقتهم ليعودوا في أوج نشاطهم بأذهان صافية تساعدهم على التغيير والتميز والإبداع بفاعلية أكثر.

كما أن وجود الأبناء فرصة ثمينة للترفيه وليطرحوا علامة استفهام عندما يكبروا عن القاسم المشترك بين المشاركين في هذه الرحلة وهو العمل التطوعي ليتخذوهم قدوة ويحذوا حذوهم ليكملوا مسيرة العطاء وخدمة المؤمنين وقضاء حوائجهم في مختلف المجالات المتعددة. 

لقد حققت هذه الرحلة نجاحا باهرا وكانت متميزة بشتى المعايير استمتع فيها المشاركون بأجمل أوقاتهم خلال الفترة من طلوع الشمس إلى غروبها بممارسة الألعاب الرياضية والمشاركة في الطبخ والشوي لإعداد مالذ وطاب من الأطعمة الغذائية في جو مفعم بالمحبة والأخوة. ساعات انقضت بسرعة فائقة ولكنها كانت بمثابة تكريم من كل شخص لنفسه بجلب السعادة إليها مقابل ما تقوم به من خدمات كبيرة في خدمة المجتمع والوطن ولتدوم عجلة العطاء. فبالتطوع تسمو الشعوب وترتقي وتعيش أسمى درجات التكاتف والتكامل بعيدا عن الأنا والمصالح الشخصية. 

ساعات كان لها الأثر الكبير في نفوس المشاركين ولايسعنا إلا أن نتقدم باسمهم جميعا بخالص الشكر والثناء وعظيم الامتنان والعرفان لصاحب المبادرة الأخ أبي حيدر والفريق المساند الذي بذل قصارى جهده معه في التنسيق والإعداد وتذليل الصعاب، والشكر موصول لجميع من شارك بالحضور وساند وعاون وكان سببا في نجاح الرحلة وإدخال البهجة والسرور على الصغير والكبير.

عبدالله الحجي

٢٠١٩/١١/٢٢ 

تصوير: يوسف الخليفة