الإمام الحسن.. وحفظ ماء وجه السائل

قياسي

الإمام الحسن.. وحفظ ماء وجه السائل

عُرف الإمام الحسن بن علي  بكريم أهل البيت لما تميز به من عطاء وكرم فقد خرج من ماله مرتين وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات.

وقد وردت العديد من المواقف في الكتب المعتبرة ومنها عندما جاءه بعض الأعراب فقال: أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف دينار فدفعها إلى الأعرابي فقال الأعرابي: يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي. فأنشأ الحسن :

نحن أناس نوالنا خضل * يرتع فيه الرجاء والأمل

تجود قبل السؤال أنفسنا * خوفا على ماء وجه من يسل

لو علم البحر فضل نائلنا * لغاض من بعد فيضه خجل

نستلهم من هذا الموقف دروسا قيمة من الإمام الحسن  بالتحلي بالكرم ونبذ البخل، والمبادرة بالعطاء لكي لايُرى الذل والانكسار على وجهه السائل وليُحفظ ماء وجهه وكرامته.

ليس من الإنصاف التعميم بالقول بأن المجتمع في عصرنا الحالي لايراعي هذه الأمور مع السائلين والمحتاجين إلا أنه لايخلو من وجود بعض المواقف والحالات التي لاتعبأ بكرامة الإنسان ولا بماء وجهه وسنقف عند البعض منها.

ليس شرطا في قبول العمل بأن يكون العطاء والانفاق مقتصرا بالسر وإن كان هو الأفضل بأن ”لا ترى شمالك ما أنفقت يمينك“. قال تعالى: ”الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ“. وقال تعالى: ”إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ”. ولكن قد يقتضي الحال بأن يكون العطاء علنا لأسباب ومآرب لسنا في صدد التطرق إليها في هذه المقالة بشرط أن لا يشوب نية العمل الرياء والسمعة والمن والأذى فيضيع الأجر والثواب. قال تعالى: ”الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”

من الصور التي يُؤسف لها عندما يكون العطاء عند البعض مرهونا بالصور والفلاشات والحملات الإعلامية ويتناسب معها تناسبا طرديا. فكلما كان الإعلام مكثفا وكثرت الصور والنشر والدعاية عبر قنوات التواصل الاجتماعي، صار العطاء أكثر وأجزل. والعكس صحيح عندما يكون العطاء في غرفة مغلقة تخلو من الضجة الإعلامية، وليس فيها إلا الكاميرات الإلهية. عندما يكون الهدف من العطاء إعلاميا ليس قربة إلى الله تعالى يكون جُل اهتمام الشخص بذاته وآخر ما يخطر على باله هو الخوف على ماء وجه السائل ومراعاة مشاعره.

البعض قد يعطي أشياء عينية ولكنه يحرص على طباعة أو نقش اسمه أو اسم مؤسسته عليها بحيث تكون بارزة كما حدث في أحد المواقف التي كانت تسبب حرجا كبيرا وتفضح الأطفال عندما طبع المتبرع اسمه على الحقائب المدرسية.

ومن المواقف التي يرويها أحد الشباب المحتاجين يقول كنت في أمس الحاجة بسبب الديون التي أرهقت عاتقي فتقدمت لأحد الأشخاص أطلب منه المساعدة فانهال علي بالإهانة وأحرجني أمام الآخرين وتمنيت بأن الأرض قد انشقت وابتلعتني ولا أكون في مثل هذا الموقف الذي لم يحفظ لي أي كرامة بالرغم من علو قدره ومكانته الاجتماعية.

ونكتفي بآخر موقف بخصوص التسويق للمحتاجين الذي أخذ في الانتشار في عصرنا عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. فما أن تقع إحدى القنوات الإعلامية على حالة لأحد المحتاجين تهتم بأن يكون لها السبق الصحفي في نشر الخبر، وبعدها تحاول كل قناة باختلاف أنواعها الوصول إلى هذه الحالة وتصويرها وعمل اللقاءات معها ونشرها من جهتها وكان الله في عون صاحب الشأن فكل إعلامي يحرص على أن لاتفوته هذه المادة الدسمة التي أريق ماء وجه صاحبها ولم يبق أحد لم يعرفه. ربما يكون الأمر مزيجا بين الشهرة والنوايا الحسنة والإنسانية ولكن هل انتهى الأمر؟ كلا.. الخطوة التي تليها خروج أصحاب الأيادي البيضاء ومن أنعم الله عليهم بمختلف التبرعات التي عادة ماتكون علنا إلا ماشاء الله. ولا يُستبعد أن تكون بعض هذه التبرعات ممن يعيش بالقرب من هذه الحالة ويعرف أوضاعها على مدى سنوات إلا أنه لم يحرك ساكنا حتى تناولها الإعلام!! وأي ماء وجه بقي لكي يُحفظ لهذا السائل؟

عبدالله الحجي

٢٠١٩/١٠/٧

لا لوم عليك أبا يوسف..

قياسي

لا لوم عليك أبا يوسف..

لا لوم عليك أبا يوسف إن بكيت بدل الدموع دما

ولا لوم عليك لو بان الانكسار وخارت القوى

ولا لوم عليك لو قلت على الدنيا العفا

كيف سيطيب لك فيها مأكل ومشرب 

وما قيمة مابقي من العمر بعد الحبيب أبي أحمد

ببالغ الحزن والأسى تلقينا الخبر المفاجئ لرحيل أخينا يوسف بن أحمد المصرنده (بوأحمد) الذي فجعنا وآلم قلوبنا وأعاد ذكريات الطفولة والشباب. نعم إنه أخ وحبيب وجار وصديق الطفولة، تربينا ولعبنا وترعرعنا معا في حي الرفعة الشمالية، ودرسنا معا وذاكرنا معا وقضينا أجمل الأوقات مع باقي الأصدقاء الذين كان لهم حضور في ليلة الدفن التي كانت قاسية على قلوبهم حيث يغيب الثرى أحد أعضاء جسدهم، وأحد أغصان تلك الشجرة التي تأصلت جذورها وتشعبت غصونها.

وإن غيب الثرى جسده فمثله لا يمكن أن يُنسى بذكره الطيب الجميل. وبما اتصف به من الهدوء والأدب والخلق الرفيع والتواضع والاحترام والتقدير للآخرين. وكيف ننسى ذلك الوجه الجميل الذي تزينه الابتسامة اللطيفة التي تنم عن لطافة وطيبة قلبه المكنون حبا للآخرين.

هي الدنيا لاتعرف لها خليل ولا حبيب، وما منا إلا عابر سبيل راحل في أي وقت لايعرف إن كان الأجل سيمهله للحظات وداع الأحبة قبل الرحيل أم يباغته ويترك لوعة في القلوب كما كان مع فقيدنا الغالي. هي الدنيا لعلنا نتعض بمن سبقونا ونحسن فيها ونتزود منها بما ينفعنا بعد الرحيل، ونترك بصمة جميلة وذكرا طيبا.

تغمد الله فقيدنا الغالي أبا أحمد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وألهمنا الصبر والسلوان بفقده، ولاحول ولا قوة إلا بالله العظيم… إنا لله وإنا إليه راجعون.

وافاه الأجل يوم الأربعاء ١٤٤٠/١/١٨  – ٢٠١٩/٩/١٨ 

عبدالله الحجي

٢٠١٩/٩/١٩ م

بعض أصدقاء الطفولة عند قبر المرحوم: جعفر الحمضة – أحمد الدباب – عبدالله الزاير – عادل الحسن – عبدالله الحجي ٠ (إبراهيم الوعيد)

جواد الفهيد.. رمز التفاني والإخلاص

قياسي

جواد الفهيد.. رمز التفاني والإخلاص

لسنا وحدنا من فقدناك ** وأفجعنا فقدك وبكيناك 

لك في بيت الله ذكرى  ** وكل ركن منه لن ينساك

بعد إجازة نقاهة واستجمام وانقطاع تام عن وسائل التواصل الاجتماعي فتحت الوتساب متصفحا الرسائل القديمة فإذا بحزمة من الأخبار السعيدة، وأخرى من الأخبار الحزينة المؤلمة بفقد الأحبة، وأهم تلك الأحداث المفجعة كان خبر فقد أخينا وحبيبنا خادم بيت الله جواد بن محمد الفهيد. قرأت الخبر في قروب المسجد ولم أصدق عيناي لما كان يتمتع به من نشاط وصحة جيدة، فقرأته مرة أخرى بتمعن وذهبت أنظر إلى الصور التي أكدت الخبر فتبعها لاشعوريا سيل من الدموع لمكانته الكبيرة في قلوب خدام بيت الله والمصلين.

من يعرف الأخ جواد عن قرب يحبه لا إراديا ولا يُلام لو بكته عينُه وأصاب قلبُه لوعة الحزن والأسى بفقده. الأخ جواد له خدمات تطوعية عديدة كما تم تناقلها ولكنني سأقف على الجانب الذي تشرفت بمعرفته فيه وهو خدماته الجليلة في مسجد السبطين (ع) بالهفوف. إنه انموذج فخر، وشمعة مضيئة، وشعلة وقادة، ونحلة تغدق برحيقها أينما حلت، نفس طيبة، بساطة بلا تكلف، خلق و بشاشة، ذوبان في الخدمة ليس له في الشهرة والسمعة والوجاهة الدنيوية.

عادة ينال الأشخاص البارزين المعروفين زخما إعلاميا ورثاء يسطر إنجازاتهم ومساهماتهم وخدماتهم التطوعية الجليلة للمجتمع وماعداهم قد يكون نسيا منسيا. ولكنني وفاء وعرفانا لهذه الشخصية المتميزة التي نذرت نفسها لخدمة المجتمع أبت القريحة إلا أن يكون لها وقفة فخر لتسطير ولو جزء يسير مما قدمَته ليبقى ذكرها مدويا ببصماتها التي انطبعت في قلوبنا وفي كل ركن من أركان المسجد. شخصية خدومة تعمل بإخلاص وتفان بنفس طيبة بلا ملل ولا كلل، ولا تبحث عن سمعة ولاشهرة ولا فلاشات، ولا وجاهة دنيوية. خدماته في المسجد ليست محصورة في لجنة واحدة أو مكان معين كما هو الحال مع الكثير من الأعضاء بل كان يبذل قصارى جهده أينما استدعت الحاجة والإبتسامة لاتفارق شفتيه، يجول يمينا وشمالا بخلقه الرفيع وتواضعه وإحسانه إلى كل من أساء إليه.

جواد، اسم على مسمى بجوده وكرم نفسه وعزتها وخدماته الجليلة التي تركت بصمات في مختلف اللجان. فعندما تصل إلى المسجد تراه في لجنة الحماة للمشاركة في حماية المصلين مع إخوانه ليصلوا بأمن وأمان،  وعندما تبحث عن كوادر في لجنة الخدمات تراه من أوائل المتطوعين ففي كل جمعة يقف عند طاولته المعهودة مستقبلا المصلين ومقدما لهم الترب والمسابيح، ولا يألوا جهدا في وضع السجاد وتهيئة المكان للمصلين حسب الحاجة ورفعه بعد الانتهاء. وفي ليالي القدر والمناسبات له صولات وجولات لخدمة المصلين. وفي شهر رمضان له دور بارز في إعداد وترتيب الإفطار مع زملائه ولا يغادر المسجد إلا بعد المصلين بساعة على الأقل بعد المشاركة في تنظيف المسجد وترتيبه مع خادم المسجد. وفي مأدبة كريم أهل البيت (عليه السلام) كيف لنا أن ننسى صوته المدوي الداعي للمشاركة في هذه المأدبة السنوية التي لايقل ضيوفها عن ٨٠٠ شخص، وكذلك جهوده المتضافرة مع ثلة من الأعضاء للتجهيز والتنسيق والمكث لوقت متأخر للتنظيف. وفي كل رحلة لأبنائنا الأعزاء لايتوانى عن الخدمة حتى وإن كان يعاني من تعب ونصب العمل في سبيل إدخال البهجة والسرور على نفوس الأبناء. وفي جانب الصيانة لايتردد عن تقديم العون كلما سنحت له الفرصة، وفي الضيافة لمناسبات أهل البيت (عليهم السلام) لا يغيب شخصه، وما أجمل دلة القهوة بيده وهو يستأنس بخدمة المؤمنين. 

لله دره من شخصية نذرت نفسها لخدمة المؤمنين ببساطة وبدون تكلف. إنه بحق مدرسة وانموذج يستحق أن يُحتذى به للعمل بإخلاص تقربا إلى الله تعالى. اتصف بالمبادرة و سمو الخلق والتواضع والهدوء والعمل بصمت. هنيئا له شرف هذه الخدمة، وهنيئا له تلك البصمات التي تركها من بعده، وهنيئا له الذكر الجميل على ألسنة المؤمنين.

أبا محمد.. لقد فقدناك جسدا لكننا لن ننساك شاخصا أمامنا في كل ركن من أركان المسجد، وستبقى صورتك خالدة في أذهاننا، وستبقى طاولتك في المسجد تحن إليك في كل جمعة وليالي القدر، وسنبقى نعيش ذكراك بسماع صوتك وتخيل ابتسامة ثغرك..

تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته وأعظم الله الأجر لأهلك ومحبيك وألهمهم الصبر والسلوان، ولا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون.

عبدالله الحجي

تاريخ الوفاة/ يوم الثلاثاء

١٤٤٠/١٢/١٩ هـ

٢٠١٩/٨/٢٠ م


لا تتعجل في محاسبة الناس

قياسي

لا تتعجل في محاسبة الناس

قرأت في كتاب فن التعامل مع الناس للكاتب ديل كارنيجي فصلا بعنوان ”لاتتعجل في محاسبة الناس“ ويقول بأن المجرمين لاينظرون إلى أنفسهم بأنهم مجرمين بل مصلحين اجتماعيين ويرفضون أن يلوموا أو يعاتبوا أنفسهم على أعمالهم الإجرامية.

كل شخص لايرى نفسه بأنه مقصر أو مخطئ ولايتقبل اللوم والعتاب والمحاسبة من نفسه أو من أي شخص آخر قريب أو بعيد. هذه النظرة ليس شرطا بأن تكون صحيحة ولكن المرء يفعل المستحيل للحفاظ على كرامته ولا يسمح لأي مخلوق بإهانته.

كثرة اللوم والعتاب لها آثار وانعكاسات سلبية فهي تورث الضغينة وتنفر الأحباب وتخلق جوا مشحونا بينهم. قال الإمام علي (عليه السلام): ”الإفراط في الملامة يشب نار اللجاجة، وقال ”لا تكثرن العتاب، فإنه يورث الضغينة، ويدعو إلى البغضاء“.  

الإنسان ليس معصوما عن الخطأ وله زلات وعثرات وعلى هذا الأساس يتعامل الله عز وجل معه بلطف ورحمة إذ فتح له باب الاستغفار والتوبة كلما أذنب، ولم يتعجل في محاسبته وعقابه.

وحري بنا أن ننهج هذا المنهج الرباني ونصفح عن الآخرين بما أننا دوما نلهج إلى الله عز وجل ونطلب منه الصفح، ونغتنمها فرصة في يوم عرفة وباقي أيام الحج لتصفية النفوس والجلوس على طاولة الحوار تكنفها المودة والمحبة. قال تعالى: ” وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ“. 

كثير من الخلافات التي تطرأ تافهة لاتستحق الوقوف عندها وتضخيمها لتأخذ أكبر من حجمها الطبيعي لو تم التمعن فيها بروية وحكمة، ولكنها تُستغل من قبل البعض ممن يريد التصيد في الماء العكر، وتفتح أبواب اللوم والعتاب والمحاسبة الدقيقة العسيرة التي تغلق جميع الأبواب. ولو سلمنا جدلا بصدور أمر أو تصرف غير مرغوب من أي شخص فهل يعطينا ذلك الحق بأن ننزل به جام غضبنا ونتعدى عليه بكلمات جارحة أو نقد لاذع أو اتخاذ مواقف المقاطعة القاسية؟ ألا نخشى أن يحل بنا نفس الأمر من منطلق قاعدة ”كما تدين تدان“؟ ألا يستحق أن نحسن الظن به ونحمله على محمل الخير ونجد له ولو عذرا أو مبررا واحدا ونضع أنفسنا مكانه ونتفهم الظروف المحيطة التي جعلته يتصرف بهذا التصرف؟ قبل التعجل في المحاسبة وإنزال أقسى العقوبات ألا يمكن التغافل وغض الطرف عما يمكن التجاوز عنه؟ قال الإمام علي (عليه السلام) : ” من لم يتغافل ولا يغض عن كثير من الأمور تنغصت عيشته“.

ويختم الكاتب بأن الانتقاد اللاذع جعل الكاتب البريطاني الشهير توماس هاردي يقلع عن الكتابة، كما دفع الشاعر الانجليزي توماس شاتروثون إلى الانتحار. ويكمل أنه على المرء أن يسيطر على نفسه وأن يكون متفهما ومتسامحا، واستشهد بقول الدكتور جونسون: ”إن الله لا يحاسب الإنسان إلا بعد أن ينتهي أجله.“، فلماذا تتسرع أنت بمحاسبة الناس؟

عبدالله عباس الحجي

٢٠١٩/٨/١٠

Image result for ‫ورد‬‎

اليوم الوطني 88

قياسي

أصبح يوم ٢٣ سبتمبر من كل عام راسخا في الذاكرة للاحتفاء بذكرى اليوم الوطني لتوحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود في عام ١٩٣٢م (٢١ جمادى الأولى ١٣٥١ هـ).

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “لا خيرفي الوطن إلا مع الأمن والسرور”. يرفل وطننا ولله الحمد بعديد من النعم وعلى رأسها نعمة الأمن والأمان التي تجلب السعادة والاستقرار للمواطنين. ومن أكبر النعم ماحبانا الله به من وجود الحرمين الشريفين على أرضنا وشرفنا بخدمتهما. ومن أبرز الإنجازات التي تعد فخرا وعزا للوطن ماحظي به الحرمان الشريفان من اهتمام بالغ وعمارة وتوسعة شاسعة من قبل حكومتنا الرشيدة في كل عهد لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الحجاج والمعتمرين والزائرين إلى جانب التنظيم وتأمين الأمن والسلامة والبيئة الصحية ليؤدي الجميع عبادتهم في راحة ويسر وسهولة وطمأنينة.

اليوم الوطني لايعني بأن يكون فرصة وإجازة للسفر والاستمتاع خارج الوطن كما يفعل البعض بل الأولى أن يستمتع كل مواطن بوقته على أرض الوطن مستعرضا أهم الإنجازات الوطنية العامة التي تحققت خلال العام، والإنجازات الخاصة التي قدمها للوطن وللمواطنين. ومن أسمى الأهداف في هذا اليوم ربط الأبناء بالوطن، وتعميق العلاقة وغرس الحب والوفاء والولاء للمحافظة عليه، والعمل بجد ومثابرة في مختلف المجالات للتطور والازدهار، وتمثيله بالصورة المشرفة التي تليق به في الداخل أو الخارج.

لاشك بأن كل مواطن تربطه علاقة فطرية ووجدانية بالوطن مما يجعله يعمل بجد وإخلاص وتفاني في المجال المهني وفاء وعرفانا لحق الوطن عليه. لقد قضينا وطرا في شركة أرامكو السعودية التي نفذت العديد من المشاريع عبر العقود الماضية والتي جسدت فيها السواعد الوطنية أعلى درجات التفاني والكفاح والمثابرة والتضحية براحتها وراحة أهلها لإنجاز هذه المشاريع العملاقة للغاز والنفط لدعم اقتصاد الوطن. وكذلك كان الحال مع باقي الشركات والمؤسسات ومنظمات العمل في مختلف القطاعات بالعمل الدؤوب لكل مافيه رفعة وسيادة وازدهار الوطن. ومع رؤية المملكة ٢٠٣٠ هانحن نشهد التغيير والتجديد لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط بشكل رئيس في الإيرادات.

وعلى المستوى الشخصي نلاحظ التوجه من قبل الكثير من المواطنين للخدمات الاجتماعية التطوعية والتي لم تغفلها الرؤية الطموحة. أعداد المتطوعين من الذكور والإناث في ازدياد مستمر يعملون بدون مقابل مادي يقدمون خدمات جليلة في مختلف المجالات التطوعية الاجتماعية والثقافية والتنموية والصحية والتعليمية وغيرها سعيا لراحة المواطنين ورقي الوطن. واليوم الوطني قد يكون فرصة جيدة لاستعراض أبرز الإنجازات التطوعية ووضع أهداف جديدة والمشاركة في تدريب وتحفيز وخلق أفراد فاعلين، وعدم المساهمة في خلق مجتمع اتكالي وعاجز يقف متفرجا معتمدا على عدد محدود جدا من المتطوعين.

وبهذه المناسبة نقدم التهنئة باليوم الوطني لحكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان آل سعود، وجميع المواطنين سائلين المولى أن يديم علينا نعمة الأمن والسلام والوحدة والتلاحم.

عبدالله الحجي

٢٠١٨/٩/٢٣

صحيفة الأحساء نيوز

تحديد اتجاه القبلة في مسجد السبطين (ع)

قياسي

في يوم الثلاثاء ١٦ يوليو ٢٠١٩م (١٤٤٠/١١/١٣ هـ) في تمام الساعة ١٢:٢٧ م كان تعامد الشمس على الكعبة وقد تم الاستفادة من هذا الحدث لتحديد اتجاه القبلة بدقة في مسجد السبطين (عليهما السلام) بحي الملك فهد.

بتوجيه من سماحة العلامة الشيخ علي الدهنين والشيخ حسين السماعيل تم تثبيت شاخص (ماسورة معدنية) بطول ١٤٠ سم في الأرض في الساحة الجنوبية قبل يومين من تاريخ الحدث مع مراعاة أن تكون عمودية على الأرض باستخدام الميزان وتكون في مكان مكشوف مناسب. وفي ١٦ يوليو تم مراقبة الوضع بعد صلاة الظهرين مباشرة بقيادة الشيخ طاهر الأحمد وأعضاء إدارة المسجد وعدد من الإخوة المؤمنين، وفي تمام الساعة ١٢:٢٧ تم وضع علامة على الظل الممتد للشاخص بحيث يكون ذلك هو الاتجاه الدقيق للقبلة. لقد كانت الزاوية منحرفة نحو اليسار بمقدار ١٧ درجة من مبنى المسجد أكثر مما تم قياسه بالبوصلة على الأجهزة الذكية قبل أشهر بمقدار خمس درجات. كانت درجة الانحراف سابقا بمقدار ١٢ درجة وعلى ضوئها تم حث و توجيه المؤمنين للميلان قليلا بمقدار ١٠ سم عن موضع السجود (خصوصا لمقلدي السيد السيستاني)، ولكن بعد تحديدها يوم ١٦ يوليو كان الفارق كبيرا مما استدعى اتخاذ قرار سريع من مجلس إدارة المسجد لتغيير السجاد ومراعاة الميلان حسب الاتجاه الدقيق.

بسبب الفارق الكبير في ميلان اتجاه القبلة انتاب بعض المؤمنين الشك في الطريقة ولكن بعد البحث تبين أنها أدق وسيلة لتحديد القبلة بالنسبة لنا. ولزيادة الاطمئنان فقد تم استخدام أكثر من برنامج في جوالات مختلفة وتبين تطابقهم لنفس الاتجاه الذي تم تحديده بتعامد الشمس على الكعبة بمقدار ٢٤٨ غربا كماهو موضح في الصور المرفقة. ولزيادة الاطمئنان ثم تحديدها باستخدام خرائط قوقل (Google Earth) وتبين مطابقتها.

وفي خطوة استباقية تم رسم اتجاه القبلة الصحيح على قطعة صغيرة من سجاد المسجد ورسم الزاوية ومن ثم تم تحديد اتجاه القبلة الدقيق في داخل المسجد وتخطيطه بوضع تيب على السجاد لتنظيم الصفوف حتى يتم البحث عن نوعية جيدة من السجاد والبدء في التغيير.

علما بأن الشمس تتعامد على الكعبة مرتين خلال العام في ٢٨ مايو الساعة ١٢:١٨ م، وفي ١٦ يوليو الساعة ١٢:٢٧ ويمكن الاستفادة من ذلك لتحديد وتصحيح اتجاه القبلة بدقة في المساجد والمنازل وأي مكان آخر. كما يمكن الاستفادة من الشاخص المثبت للتأكد من برامج الجوال ومن ثم تحديد اتجاه القبلة في أي مكان. وللتسهيل يمكن الرجوع للصورة أدناه لمعرفة مقدار الانحراف عن القبلة بصورة عامة في حي الملك فهد وما جاوره من أحياء إن وْجد وهل هو ناحية اليسار أو اليمين ولكن لابد من تحديدها في كل منزل بمفرده وعدم الاعتماد على المخطط فقط.

عبدالله الحجي
٢٠١٩/٧/١٨



اتجاه القبلة باستخدام قوقل ايرث (Google Earth)
اتجاه القبلة في مخططات الأحياء المجاورة

إنسانية لايجدها إنسان!!

قياسي

إنسانية لايجدها إنسان!!

تألم … ترنح .. خارت قواه ..  

أحدث حالة استنفار عند الصغير والكبير للبحث عن طبيب وعلاج

أتاه العلاج لكن الأجل حان ولم يمهله 

فارقت روحه الحياة

وقف محمد مذهول البال وهو يراه ممددا أمام عينيه

في منظر لم يعهده من قبل ولم يحتمل الموقف

انزعج و صرخ لاشعوريا صرخة براءة ”لماذا مات وسيم؟“ 

إني أحبه .. إني أحبه … أنقذوووه

تأثر تأثرا شديدا فتأثر من حوله ولم تتمالك العيون حبس الدموع

عاش معه من صغره لأكثر من سنتين

لم يتردد في الاهتمام بتربيته وتغذيته

أحبه من قلبه وكان يأنس به، ويستمتع بسماع صوته

كم تغمره البهجة عندما يكون بين يديه يلاعبه 

ويستشعر الأمان والإطمئنان مختبئا في حضنه

يقيه من البرد القارس

حتى ترعرع وأصبح يعتمد على نفسه

في مأكله ومشربه واستحمامه

يناديه باسمه (وسيم) فيستجيب ويرد عليه مرحبا

نال الحب والاهتمام من الجميع وكأنه فرد منهم

منهم من يقدم له المأكل والمشرب 

ومنهم من يهتم بنظافته بتجهيز حوض استحمامه ليستحم بمفرده أو المبادرة والتدخل بتنظيفه جيدا ليبدوا جميلا أنيقا.

تأثر هو ومن معه بموت طائر صغير أحبه وعشقه وأنس العيش معه وهو لم يتخاطب بلغته ولم يفهم ويدرك حديثه. إنه مجرد طائر قد لايستحق في نظر البعض كل هذا الاهتمام والرحمة والإنسانية التي يفتقدها البعض من بني البشر في فراق وفقد أقرب الناس إليهم، وربما يكونوا سببا في ذلك حين تقسو القلوب، وينعدم الشعور بالمسؤولية والإنسانية!!

عبدالله الحجي

٢٠١٩/٧/١٣ م

حفل تخرج طلاب المرحلة الثانوية ٢٠١٩

قياسي

حفل تخرج طلاب المرحلة الثانوية لعام ٢٠١٩

بحي الملك فهد وماجاوره

الإحتفاء بتخرج 114 خريجا

برومو حفل التخرج

٢ دق

برومو 2 لحفل التخرج

٨ دق

المونتاج الشامل لحفل تخرج طلاب المرحلة الثانوية بحي الملك فهد وما جاوره لعام ٢٠١٩

يشمل برنامج الحفل كاملا والكلمات تتخللها المقابلات مع بعض قادة المدارس والوجهاء وأولياء الأمور والختام بصور الخريجين والحضور.

مونتاج/ باسم الحمد

إخراج/ حيدر الشافعي

صور الحفل 2019

صور مهدي الحجي

https://drive.google.com/folderview?id=1vsBLc6WnedFK238T_AOt2GGBWMnlLZ10

علي السماعيل

https://drive.google.com/folderview?id=1-OgmVLop0kPdiMd-htd0XlPyNx_3DCvf

محمد العبداللطيف

https://www.dropbox.com/sh/xez64lzy2hgljff/AADF0btAzfoTam9MmUNWsULSa?dl=0

صور حبيب وصادق السماعيل

https://drive.google.com/drive/folders/1xv4bb1OlH61EQPFU08kklqjuZZ4x4_3m?usp=sharing

صور يوسف الخليفة

https://drive.google.com/drive/folders/12Yg9KoQohdyhO3UgEXWfPpGVcOxtvVdi?usp=sharing

صور عبدالله الياسين

https://drive.google.com/drive/folders/1fBT7xrbi83T007mhMMpqrHNk6FdMR_R-?usp=sharing

ذكريات مع والدي الغالي عباس

قياسي

ذكريات مع والدي الغالي عباس

٢٥ عاما على الرحيل

في مبادرة سنوية رائدة من ثلة من الشباب الواعي (لجنة ستبقون في الذاكرة) عشنا دقائق لتلاوة ماتيسر من القرآن الكريم وإهداء ثوابها للآباء وفاء لهم وبرا بهم وتجديد العهد والذكرى بهم في المسجد الذي كان يجمعهم وعلى رأسهم الأب الروحي والمربي بخلقه العظيم سماحة الشيخ عبدالوهاب بن سعود الغريري الذي كان إماما في هذا المسجد في الرفعة الشمالية وخلفه حفيده سماحة الشيخ عبدالله الياسين.

ما أن استلمت الجزء من كتاب الله لقراءته شعرت بقوة تجذبني نحو الاسطوانة التي كان والدي يتعاهدها ويصلي عندها قبل وفاته (الإسطوانة الأولى على يمين الإمام)، وكأني به وهو يهمس في أذني عندما كنت طفلا يصطحبني معه للمسجد وقد قام لصلاة ركعتين لوالديه قائلا يابني لاتنسى والديك بصلاة ركعتين في كل ليلة جمعة والدعاء لهما. 

في هذا العام نعيش الذكرى الخامسة والعشرين ( ٢٥) لرحيل الوالد الغالي الذي وافاه الأجل يوم الثلاثاء في غرة شهر رمضان من عام ١٤١٥ هـ (١٩٩٥/١/٣١) عن عمر يناهز ٦٤ سنة وسأقف في هذه السطور مع شيء يسير من الذكريات.

كانت صحته قبل وفاته مستقرة نسبيا ولم تخلو من الأمراض المعهودة كمرض السكر وغيره وأكثر ماكان يعاني منه ويتابع الطبيب له دوخة كانت تصيبه عندما كان يجلس من النوم ويقف مباشرة مما نصحه الطبيب بالجلوس قليلا والراحة قبل الوقوف، بالإضافة إلى شعوره بإرهاق شديد. خبر وفاته كان فجأة وصدمة تلقيتها عندما دخلت منزل الوالدة وأنا صائم قادم من العمل بعد صلاة الظهر والأهل يبكون وينحبون ”مات أبونا“. لقد فارق الحياة على فراشه وهو صائم بعد حضور محاضرة في ليلتها للتعرف على أحكام الصوم لسماحة الشيخ محمد الشهاب في حسينية العمر . ولكن شاء الله أن يرحل عنا في أيام رمضان المبارك وأيام عيد الفطر وكان مجلس العزاء في حسينية البقال في الفاضلية، وهنا تعيش معنى تلك الأبيات التي كثيرا ما تتردد ”أثاري الأبو يا ناس خيمة…  يفيي على عياله وحريمه“ وقصيدة ” محلا الأبو في العيد لو جمع أولاده .. ولبسهم الزينه على جاري العاده .. ورفرف عليهم بالهنا طير السعادة .. يطيب الـقلب و تصير عيشتهم هنيه“

لقد كان الوالد العزيز مكافحا ساعيا لطلب لقمة العيش متنقلا من مهنة إلى أخرى من الحياكة مع جمعة الصالح وبيع الحب ثم بيع الأسماك والخضار والفواكه وأخيرا فتح بقالة صغيرة عند البيت المستأجر في الفاضلية يتسلى فيها ويشغل وقت فراغه. عمل مع المبرزي في بيع الأسماك في السوق الغربي المقابل للسوق الرئيسي الحالي وكان يعمل معه مهدي الغريري وحجي الهودار وجواد الغريري وغيرهم وكان يصطحبني معه فهو ينظف بطن السمك ومهمتي تنظيفه من القشور بمشط المسامير مع تلك الروائح، وما أن نعود للمنزل ننزع تلك الملابس الرثة برائحتها (المميزة!) ويقوم الأهل بتنظيفها. وفي مجال الخضار والفواكه كنا نذهب معه أنا وأخي أبومنتظر للبيع في القرى حسب الجدول المتفق عليه للأسواق (مثلا الأحد في القارة والأثنين في الجفر) ولا ننسى ترتيب تلك الصواني وتفريغ الفواكه فيها للبيع بالمفرق.

بعد إكمال المرحلة المتوسطة في مدرسة عمرو بن العاص الواقعة غرب الأمارة سمعت برغبة معلم اللغة الانجليزية لبيع سيارته الكورولا ذات اللون البرتقالي الفاقع لعزمه على المغادرة إلى السودان. تحينت الفرصة للجلوس مع الوالد لمفاتحته بالموضوع وإقناعه وكان على سطح المنزل الذي لايتجاوز أمتارا معدودة في الرفعة الشمالية للتهيؤ للنوم فعندما سمع بذلك رفض رفضا شديدا وقال لازلت صغيرا وأنت تشعر بالدوران عند ركوب السيارة فكيف ستقودها وأخشى عليك من الحوادث فابق على (سيكلك). لم تكن ليلة جميلة بالنسبة لي بسبب الرفض ولكن تكررت المحاولة وبعدها تمت الموافقة ولله الحمد وتم شراء السيارة بأربعة آلاف ريال. حينها كانت السيارة الوحيدة بالنسبة للأصدقاء الطيبين نتنقل بها من مكان إلى آخر وفي أحد الأعياد وصل العدد داخل السيارة تسعة أشخاص لا أعرف كيف كان ذلك وأين جلسوا في تلك السيارة الصغيرة.

بعد المرحلة المتوسطة كان يراود الوالد سؤال محير وشاغل باله ففاتحني في أحد الأيام ماهي خطتك بعد المتوسطة فأجبته بعفوية الثانوية والجامعة إن شاء الله وذلك لحبي و شغفي بالدراسة، فصمت وأسرها في نفسه. وبعد أيام فاتحني في نفس الموضوع قائلا ياولدي إنني أشعر بالتعب وأريدك أن تعينني على الحياة فأنت ابني الأكبر وأريد أن أفرح بزواجك قبل وفاتي. لقد كانت لحظات صادمة لي ولم أكن أتوقع أبدا أن أترك الدراسة ويتبدد طموحي فأجبته لاشعوريا وكيف أترك الدراسة في هذا العمر بعد المرحلة المتوسطة فقط!! لم يكن بيننا توافق ولم نصل إلى حل وفي أحد الأيام كنت أعمل في ورشة النجارة في الفاضلية مع ابن الخالة ياسين بن جمعة الصالح فإذا برسول يأتي من قبل الشيخ عبدالوهاب الغريري رحمة الله عليه يستدعيني مع ابن الخالة للذهاب إلى منزل النسيب عبدالله بن علي النصر المستأجر في الفريج. ذهبنا ونحن نتساءل فما أن دخلنا حتى وجدنا الشيخ والعم حسين (بوعلي) والنسيب عبدالله النصر (بوقاسم). سلمنا وجلسنا وافتتح الشيخ الجلسة بعد الذكر بتكرار كلمات الوالد بأنه تعب ويحتاج إلى من يعينه ويرغب بأن يفرح بزواجك. في تلك اللحظات شعرت بالحزن الشديد من جهة وبالحرج من جهة أخرى أن أرد طلب الشيخ ورغبة الوالد التي جعلته يستعين بالشيخ ويعقد هذه الجلسة الطارئة فاستسلمت ورميت بكل طموحي وأحلامي جانبا لتلبية رغبته. في ذلك الوقت كانت الوظائف متوفرة فقالوا اختر أرامكو أو سكيكو فأجبتهم في الحال أرامكو ولم أكن أعلم عن أرامكو شيئا أكثر من اسمها. ودعت الدراسة في مرحلة مبكرة والتحقت بشركة أرامكو وفرحت كثيرا بأول خمسمائة ريال أستلمتها بعد التوظيف ولكن لم أهنأ بها بسبب حادث بسيط بسيارة أبي قاسم الجديدة أثناء التسجيل أدى للتوقيف لساعات والخروج بكفالة لعدم وجود رخصة قيادة.

لم تكن بداية جميلة وقد تم التعيين في بقيق فطلبت مكان أقرب فأخبرني الموظف مازحا يوجد في الأحساء ولكن في مصنع التمور. باشرت التدريب في بقيق في (١٤٠٢/١١/٢٣ هـ الموافق ١٩٨٢/٩/١١ م ) وعمري ١٧ سنة ولكن لازالت الرغبة في الدراسة تراودني فقررت العمل نهارا والالتحاق بالثانوية ليلا في بقيق فصرت أتردد على ثانوية بقيق بين الفينة والأخرى حتى فتحت أبوابها والتحقت بها. بعد سنتين ونصف تقريبا من العمل (بتاريخ ١٤٠٥/٥/٢٤ هـ الموافق ١٩٨٥/٢/١٤ م) تحققت أمنية الوالد الغالي الثانية وتزوجت بابنة العم عواطف بنت خميس الحجي واستمر التدريب في بقيق حتى أكملت ثلاث سنوات كانت فرصة لإكمال المرحلة الثانوية والتخرج منها وبذلك تحققت لي ولله الحمد أمنية الحصول على الشهادة الثانوية. خلال تلك الفترة كنت مقيما في غرفة من غرف أرامكو مع الصديق والأخ العزيز علي بن حسين بن حمزة اليوسف.

بعد الانتهاء من التدريب انتقلت إلى معمل الغاز في العثمانية للعمل في قسم الصيانة ولكن لازال طموح الدراسة والحصول على الشهادة الجامعية في مخيلتي فطلبت من منسق التدريب الأستاذ عبدالكريم بوعامر الالتحاق بالبرنامج الأكاديمي لإكمال مناهج أرامكو والابتعاث للدراسة الجامعية. ولله الحمد تسهلت الأمور وبعد سنة من التدريب الميداني تحولت إلى مدرسة أرامكو في محاسن وأكملت جميع المتطلبات خلال سنتين. خلال هذه الفترة تم استئجار منزل أكبر في حي النسيج نظرا لقدم المنزل المستأجر في الفاضلية وتهالكه وصغر مساحته إلى درجة أنه لا مكان لأصلي أنا وأم محمد في الغرفة في نفس الوقت. كان المنزل في النسيج مقسم إلى قسمين قسم لي وللوالدة والإخوان في الدور الأول وقسم للخالة أم بدر في الدور الأرضي وقد حضيت بغرفة أوسع من سابقتها مع الوالدة.  

حان وقت الابتعاث ولكن أخرجت الشركة قرارا بالاكتفاء وألغت البعثات خارج الوطن مكتفية بالبعثات الداخلية إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. مع الأسف كانت شهادة الثانوية المسائية تخصص أدبي والجامعة تتطلب شهادة التخصص العلمي فصار رفض مما جعلني أفكر في الحصول على شهادة الثانوية علمي بنظام ثلاث سنوات في سنة واحدة إلا أنني عندما استلمت الكتب لجميع المراحل ركنتها جانبا لكثرتها. ولله الحمد بعد تفاوض الشركة مع الجامعة تمت الموافقة لمن يحملون الشهادة المسائية آخذين بالاعتبار المناهج العلمية التي تم دراستها في أرامكو. ولله الحمد تم القبول في الجامعة ( عام ١٩٨٨ م) وبعد فترة من الدراسة ولعدم الاستقرار قررت استئجار شقة والاستقلال مع زوجتي أم محمد في الثقبة وخلال فترة الدراسة تم شراء أرض في حي الملك فهد للتوسع والتخلص من الايجارات بالرغم من قلة القرض من الشركة واحتسابه على ثلثي الراتب المخصص أثناء فترة الدراسة. تم بناء الأرض دورين الدور الأول كان لي والأرضي كان مخططا للوالدة وللخالة أم بدر التي تزوج بها الوالد عندما كان عمري تقريبا ١٢ سنة (عام ١٣٩٧ هـ)  إلا أن الوالد فضل العودة مع الخالة إلى المنزل الواقع في الرفعة الشمالية بعد ترميمه، وكان الدور الأرضي للوالدة والأخ أبي منتظر بعد زواجه، وبعد خروجه أصبح للوالدة وابني محمد (بوعبدالله).

في نهاية عام ١٩٩٢م (منتصف ١٤١٣ هـ) تخرجت ولله الحمد من الجامعة بحصولي على شهادة البكالريوس في الهندسة الكيميائية محققا بذلك رغبات الوالد العزيز ورغباتي معا من العمل والزواج والشهادة الثانوية والشهادة الجامعية بفضل الله ومنه وفضل طاعة الوالد الذي تشرفت بحضوره حفل التخرج ومشاركته لي هذه الفرحة التي كنت أحلم بها ولا أنسى وقفته بجانبي بالبشت  في تلك الليلة الجميلة وقد أشرت إليه في تلك اللحظات بسعادتي لتحقيق أمنياته وأمنياتي التي كان سعيدا بها ولا أشك بأنها من أمنياته لولا ظروف الحياة القاسية التي ألمت به ورغبته بأن يراني عريسا.

كانت تلك حكايتي مع الوالد من حيث مزاولة العمل معه والتنقل من مهنة إلى أخرى، والاختلاف في قرار مواصلة الدراسة والتعليم والتنقلات في المسكن وقد ارتحل من هذه الدنيا بعد سنتين تقريبا من تخرجي من الجامعة ولكنني لم أكتف بشهادة البكالريوس بل واصلت الدراسة بعد توقف طويل وفي منتصف ٢٠٠٦ م (١٤٢٧ هـ) حصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال (MBA) من جامعة فينكس (عن بُعد) وواصلت عملي في شركة أرامكو متنقلا من منطقة إلى أخرى وكان مسك الختام بالمشاركة في تصميم وإنشاء وتشغيل أحد المشاريع العملاقة في شيبة استمر لمدة ست سنوات بين لندن وسيئول وشيبة وبعدها انتقلت إلى دائرة أخرى كان مقرها في بقيق ومنها قدمت على التقاعد المبكر من الشركة بتاريخ ٢٠١٦/١٠/١م بعد خدمة دامت ٣٤ عاما مليئة بالحيوية والنشاط والتحديات. والآن أقف على بعض المواقف الأخرى والذكريات الجميلة مع الوالد العزيز.

ولد الوالد عام ١٣٥١ هـ وبسبب موت إخوانه عندما كانت ترضعهم أمه (فاطمة الخيرالله) أرضعه عدد من نسوة الفريج أمثال أم إبراهيم العسكر وأم أحمد البندري وأم علي الحويجي وأم هاجر الزاير. توفي والده محمد وعمره سبع سنوات فعاش يتيما (هو وأخوه حسين) معتمدا على نفسه مكافحا في تحصيل لقمة العيش.

من أعظم وأجل السمات التي اختص بها الوالد هي اهتمامه الكبير وحرصه على صلة الرحم سواء مع القريب أو البعيد ومن ذلك سأتناول بعض المواقف.

لقد كانت علاقته بأخيه حسين (بوعلي)  قوية ووطيدة وكأنهما توأمان وكانا يهتمان بصلة الرحم والحرص على التواصل في المناسبات وتأسيس عادة  حسنة بالاجتماع في أيام العيد على مأدبة الغداء في اليوم الأول عند الوالد واليوم الثاني عند العم ولم يكن المكان عائقا لهما حتى لو تطلب الأمر نقل الصواني عبر السطح من منزل إلى آخر في البيت الذي كان يجمعهم في الرفعة الشمالية، وعادة يكون في ضيافتنا ابن العمة فايز البوقرين وبرفقته بعض أفراد العائلة في اليوم الثاني، ولاتخلو أيام العيد من إدخال البهجة والسرور على نفوس الأطفال بالعيدية وإن كانت قليلة إلا أن لها قيمتها في ذلك الوقت ولها وقع في النفس لايُنسى إلى يومنا هذا. وبحمد الله فقد استمرت ثمار هذه العادة إلى يومنا للتأكيد على صلة الرحم وقد تكفل بمأدبة العيد أبناء عباس وأبناء العم حسين وأبناء ابن العم جابر خميس الحجي (بوهاني) وتم الاكتفاء بيوم واحد نظرا لكبر العائلة والمنتسبين إليها.

في أحد الأيام بعد تناول وجبة الغداء طلب مني الوالد أن أذهب معه فسألته إلى أين فقال وهو متبسم شغل السيارة ولاعليك. فقلت له سمعا وطاعة فصرت أقود السيارة (L -200) وهو يوجهني حتى وصلنا إلى النعاثل، أوقفنا السيارة وسرنا على الأقدام حتى طرقنا باب بيت وكنت أسأله بيت من هذا؟ فلم يجبني إلا صمته وتبسمه حتى دخلنا ذلك البيت وسلمنا على رجل كبير السن وبعدها أخذ يعرفني به وبزوجته وبقرابتهم منا. إنه الحاج سعد السعد (البركات) زوج العمة الحاجة شيخة بنت حسن بن أحمد الحجي أخت الجد الحاج محمد (والدة الحاج حسين والحاجة أم حسين السعد). ومن أخواتها العمة الحاجة فاطمة (والدة الحاج أحمد والحاج فايز بوقرين والحاجة أم علي الموسى والحاجة أم أحمد بوصبيح والحاجة أم  عبدالهادي البوقرين ، والحاجة أم أحمد البوقرين أولاد الحاج إبراهيم بوقرين)، والعمة الحاجة مريم (والدة الحاج حسين والحاج عبد الله  والحاج طاهر والحاج محمد والحاج حجي والحاج حسن والحاجة أم الدكتور عبد الله الغزال ، والحاجة أم عبد الرؤف الغزال أبناء الحاج علي بن حجي الغزال)، والعمة الحاجة فاطمة (زوجة الحاج ناصر  بن حجي الغزال) التي انتقلت إلى رحمة الله ولم يكن لها ذرية لوفاتهم في طفولتهم وكان لها تواصل دائم معنا بحضورها وبقائها في ضيافتنا حتى انتقلت إلى رحمة الله في ١٤٢٦/٦/١٠ هـ. هذه بعض الأسر التي لها علاقة بأسرة الحجي في ذرية الجد الحاج حسن بن أحمد الحجي ، وهناك أسر المهيدي ، والياسين ، والضيف، والمزيدي ، والقرين ، والغريب ، والمسبح ، والسلمان وغيرهم من طرق أخرى لهم ارتباط بأسرة الحجي قبل ما يزيد عن ستين سنة مضت حسب المعلومات التي جمعها ابن العم الأستاذ سلمان الحجي.

ومن مواقفه التي لا تُنسى مع أبناء العم في العراق (الزبير) وتواصله معهم واستئناسه بالجلوس معهم وضيافتهم سواء كان خارج الوطن عند زيارتهم أو داخله عندما يقوم ابن العم خضر بالزيارة وكان يدعمهم بسخاء بالرغم من حالته المادية المحدودة. في إحدى السنوات سمع بوجود بعض أبناء العم على الحدود في رفحاء فطلب مني إيصاله إليهم فذهب إلى السوق واشترى بعض المواد الغذائية ليلا وبعد صلاة الصبح توجهنا إلى رفحاء وكان في صحبتنا صديقه المقرب علي بوعبيد (بوحسين). وصلنا رفحاء وبعد السؤال تبين أنه لابد من أخذ إذن من الأمارة لزيارتهم ولكن بسبب إجازة نهاية الأسبوع جميع الدوائر الحكومية كانت مغلقة فتأثر وحزن حزنا شديدا لعدم تمكنه من رؤيتهم والسلام عليهم وعدنا نفس المشوار حيث استغرقت رحلتنا تقريبا ١٧ ساعة ذهابا وإيابا في نفس اليوم. 

كان الوالد هادئ الطبع خلوقا ملتزما دينيا، متعلقا بالإمام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) وزيارتهم التي تمتد لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر مع العائلة، وكان لايحب التدخل في شئون الآخرين والحديث فيما لايعنيه وغيبتهم، وكان مكافحا لطلب لقمة العيش ومربيا فاضلا ومتواضعا زاهدا عاش حياة بسيطة لاتكلف فيها. في بداية حياته كان من المعارضين بشدة لدخول الأخوات في المدرسة إلا أن إصرار الأختين أم محمد علي وأم يعقوب ورغبتهما جعلنا نجلس معه ونحاول مرارا وتكرارا حتى وافق على ذهابهن إلى المدرسة وفتحتا بابا لباقي الأخوات للدراسة والتعليم. لقد رحل الوالد ودفن في مقبرة الخدود في الهفوف وقد غرس في نفوسنا محبة الناس وخدمتهم وحب العمل والكفاح تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.

أما بالنسبة للأبناء فقد رحل الوالد وله خمسة عشر (١٥) من الذكور والإناث، (١١) من الوالدة سلامة بنت محمد العبداللطيف هم مريم وفاطمة وبدرية وصديقة ونعيمة وصباح وابتسام وحميده ومن الأولاد عبدالله وصادق وأحمد. و (٤) من الخالة حجية بنت علي السويلم هم وردة وهدى ومن الأولاد بدر وعلي. 

عائلة الحجي في الهفوف مكونة من الوالد عباس والعم حسين (توفي بتاريخ ١٤٢١/٧/١٨ هـ) أبناء محمد بن حسن بن أحمد وأبنائهما بالإضافة إلى العم خميس بن خليل الحجي (توفي بتاريخ ١٤٠٠/١/١٣ هـ ) وابنه جابر (توفي بتاريخ ١٤٢٧/١٢/٨ هـ ) وإخوانه. لقد رحل الآباء والأجداد من العائلة رحمهم الله تعالى وأكبر أبنائهم الباقين لم تصل أعمارهم الستين – عند كتابة هذا المقال – متمثلين في عبدالله بن خميس وإخوانه (علي ومصطفى ومحمد)، وعلي بن حسين وإخوانه (يوسف ومحمد (رحمه الله) وسلمان وحسن وجواد ومرتضى وعبدالله)، وعبدالله بن عباس وإخوانه (صادق وأحمد وبدر وعلي)، وهاني بن جابر وإخوانه (زكي وفاضل وعبدالعزيز وعلي وأحمد وعباس) أطال الله في أعمارهم ومتعهم بالصحة والعافية ونفع بهم العباد والبلاد.

عبدالله عباس الحجي

١٢ رمضان ١٤٤٠

موقع قبر الوالد عباس (مقبرة الخدود)

https://maps.app.goo.gl/FrxzE3TQz38k8iLP8



مسجد الرفعة الشمالية
الإخوان صادق وأحمد وبدر وعلي
عيد الفطر ١٤٣٨ هـ

كونوا لنا زينا..

قياسي

كونوا لنا زينا..

قبل فترة من الزمن كنت في أحد فنادق البحرين مع العائلة ونزلت مع أبنائي مختار وعباس لنقضي دقائق في بركة الفندق. كنا في أحد زوايا البركة الكبيرة فإذا بمجموعة من الشباب في الزاوية المقابلة كل منهم واضع سلسلة على رقبته وممسك بكأس من الشراب فظننتهم من إحدي الدول الأجنبية ولهم حرية تصرفاتهم الشخصية. هُنيئة فإذا بأحدهم ينادي صديقه باسمه (جعفر)… نظرت إليهم وقلت في نفسي وا أسفاه إنهم من أبنائك ياجعفر!!!

لقد أوصانا إمام المذهب الإمام الصادق (عليه السلام) بوصية تستحق أن تُكتب بماء الذهب حيث قال :“ كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول”.  (أمالي الصدوق:  ١٧/٣٢٦ )

وصية الإمام لاتقتصر على العلاقة والتعامل مع أصحاب المذهب بل تتأكد وتمتد مع أصحاب المذاهب الأخرى وأصحاب الديانات الأخرى لتتجلى الأخلاق الرفيعة والسمات النبيلة وتنعكس على تصرفاتهم وسلوكهم فيقول الناس رحم الله جعفر بن محمد ما أحسن ما أدب به أصحابه. وفي المقابل أي تصرفات سيئة ومشينة منسوبة إلى أصحابه فإنها تسيء إليه.

خُلقه الكريم هو امتداد لخلق جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي وصفه الله عز وجل في كتابه ”وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ“ وكما قال هو عن نفسه: ”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“.

كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا في كل دور وكل مجال من حياتكم: في تعاملاتكم في المنزل مع الوالدين والأبناء والأزواج، وفي تعاملاتكم في العمل مع موظفيكم وزملائكم ومع أصدقائكم وجميع أفراد المجتمع، في أوطانكم وخارجها، في حلكم وترحالكم. كونوا لنا زينا ببناء العلاقات التي يسودها الحب والألفة والمودة والرحمة والاحترام والتقدير والعفو والصفح والتسامح. ولاتكونوا علينا شينا بالإساءة إلى الآخرين وسوء الخلق والاعتداء عليهم والظلم والغطرسة والعجب والعصيان والطغيان. 

الأمثلة كثيرة لاحصر لها لمن أراد أن يكون زينا ومن أراد أن يكون شينا وكل شخص يعيش بعض منها وهو أعلم بها عندما يجلس مع نفسه – وما أبرئ نفسي.  فعلى سبيل المثال من المواقف السلبية المنتشرة بنسب متفاوتة في المجتمع  منهم من يدعي التقى والورع والفضيلة ولكن تصرفاته مع الآخرين تُظهر عكس ذلك، ومنهم من يعادي أخاه لسنوات وكأنه لايعرفه وربما يكون الأجنبي أعز عنده من أخيه ، ومنهم من يظلم زوجه/زوجته ، ومنهم من يسيء معاملة والديه أو أبنائه، ومنهم من لايسلم أحد من يده و لسانه، ومنهم من يسيء لجاره، ومنهم من يظلم موظفيه، ومنهم من هو منغمس في الشبهات والمحرمات، ومنهم من يعبث بالممتلكات العامة ويؤذي المجتمع بسلوكه السيء وتصرفاته غير اللائقة التي تسيء للإمام ولاتجعله قدوة حسنة يتشرف بها الإمام بانتسابها إليه.

عبدالله الحجي

٢٥ شوال ١٤٤٠

٢٠١٩/٦/٢٨


لستُ سيداً !!

قياسي

لستُ سيداً!!

[مواقف طريفة ومحرجة]

بعد صلاة الفجر أمسكت بكتاب الله لقراءة ماتيسر

وإذا بشخص واقف بجانبي

سلام بحرارة.. وشوق.. وقبلات 

أحوالكم؟ … صحتكم؟

اشتقنا لكم.. لم نركم منذ زمن

نظرت إليه باستغراب

يمينا… يسارا

أغلقت المصحف 

قلت لعله يكون أحد الأحبة الذين التقيت بهم من قبل

فخانتني الذاكرة وتبخر اسمه مع ماتبخر لطول الفراق

فتشت في ذاكرتي لاسم مناسب وعصرتها عصرا فلم أجد

توقعته أن يُعرف بنفسه ليُنشط الذاكرة وتستعيد الذكريات.. لكنه لم يفعل

فما كان مني إلا أن بادلته التحايا بحرارة وشوق

وقلت له أين هذه الغيبة؟… نحن مشتاقون لرؤياكم؟

أجاب بانشغاله بمشاغل الحياة التي لاتنتهي

ثم ودعني نراكم على خير ”سيدنا

أفقت مما أنا فيه فحمدت الله وتبسمت وقلت له نراك على خير

***

يوم آخر كنت جالسا عند حماة الصلاة عند بوابة المسجد لانتظار الصلاة

فإذا بذلك الشاب سلم على الجماعة وجبرني على القيام

وسلم بحرارة وقبلات ولم يبقى إلا الأحضان

استغرب من برود سلامي عليه، ونظراتي إليه بعلامات التعجب

لم يتمالك نفسه فقال لعلك نسيتني؟

قلت في نفسي الله المستعان فعدت إلى ذاكرتي لتنقذني باسمه

ولكنها توقفت حائرة 

فقلت له بكل شجاعة إذا ممكن تذكرني باسمك؟ 

تأثر قليلا وانحرج ولكنه قال اسمه واسم عائلته..

ثم قال هل تذكرتني الآن ؟

عدت لسجلاتي القديمة في الذاكرة مفتشا عن الاسم مع الصورة

ولكن دون جدوى..

قلت له بخجل ليس بعد

فقام بتوصيف مكان سكنه وأنني قد أحضرت لهم خزانا في وقت ليس بالبعيد

سمعت ذلك وأخذت نفسا عميقا وقلت في نفسي فُرجت 

تبسمت وقلت له لعلك تقصد شخصا آخر يشبهني 

نظر إلي باستغراب وقال ألست أنت السيد (فلان) أخ السيد (فلان)

السيد؟! أجبته لا.. أنا لست سيدا

عرفته بنفسي واعتذر بسبب الشبه وانصرف وكأني بالموقف قد سبب له شيئا من الإحراج

***

بعد أيام قابلت الشخص صاحب الموقف الأول 

سلمت عليه فرد السلام وتبعها بسيدنا

تبسمت وعرفته بنفسي بكل أريحية

وقلت له لعلك تقصد شخصا آخر

أنا لست سيدا

ألست أنت ذاك الذي؟

لا.. ذاك شخص آخر قد يشبهني

جرى بيننا التعارف وتبين أنه ابن أحد الأصدقاء فحملته سلامي إليه

***

في أحد الأيام كنت ذاهبا لأحد المساجد خارج الحي

قبل أن أدخل المسجد لاحت مني التفاتة لأحد آبائنا كبار السن

لوحت بيدي للسلام عليه

فرأيته ينظر إلي بابتسامته الجميلة وكأنه يعرفني 

تأخرت قليلا وصافحته ثم هممت بدخول المسجد

بادرني أحوالكم سيدنا؟

قلت له ولله الحمد بخير وأنتم كيف صحتكم

لم أشأ أن أحرجه.. فقلت هو مجرد سلام عابر

حاولت المضي والإسراع  لدخول المسجد

باغتني قائلا لعلك نسيتني سيدنا؟

فالتزمت الصمت وأنا أُحولق وأسترجع بيني وبين نفسي

وقلت حاله حال الكثير من المواقف في شتى المناسبات!! 

فحاول تنشيط ذاكرتي قائلا لقد كنا في العمرة مع القافلة الفلانية

هل تذكرت؟

كان الوقت ضيقا لإدراك الصلاة.. فقلت له تقبل الله أعمالكم 

وتابعت مسيري لداخل المسجد لكي لا أتسبب له في الإحراج

انتهت الصلاة وخرجت بهدوء ولم أقابله مرة أخرى.

***

لعلني قد أطلت وأكتفي بالموقف الأخير

قبل عامين تقريبا انتهينا من إحدى الفرائض فإذا بأحد المصلين يسألني 

هل ذاك الشخص أخوك يا أبا محمد؟ إنه يشبهك كثيرا..

ظننته يقصد الأخ صادق (بومنتطر) فكثير ممن لايعرفوننا يسألونا نفس السؤال بين الأحساء والدمام 

حتى الفيس بوك عندما يرى صورته يصنفها مع صوري!

ذهبت معه للتعرف على ذلك الشخص فإذا به السيد يوسف الحسين.

أمسكت به وقلت له مازحا يبدو أنك أنت من سبب لي هذه المعاناة والإطلاق المزيف للقب السيادة علينا..

ثم التقطت معه صورة ونشرتها في الفيس بوك وبعدها أرسل لي صورة لشبيه آخر  من سادة قرية الدالوة وقال يوجد غيره أيضا.

حفظ الله السادة الأعزاء ولنا الشرف بمعرفتهم وكسب الشبه منهم والتحلي بخلق جدهم سيدنا المصطفى وآله الأطهار عليهم صلوات الله وسلامه والسير على نهجهم.

عبدالله عباس الحجي

٢٠١٩/٦/١٨


التقطت الصورة بعد ٣ سنوات (صفر ١٤٤٤ – سبتمبر ٢٠٢٢)

آداب الحوار بين الزوجين

قياسي

الأكاديمية المصرية للتدريب والإدارة

دبلوم المستشار الأسري والتربوي

المدربة: د. منار شمس الدين

إعداد المتدرب: عبدالله الحجي 

آداب الحوار بين الزوجين

الزواج هو سنة نبينا المصطفىﷺ كماقال: ”أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني“ (١)

وهو آية من آيات الله عز وجل حيث خلق الأزواج للسكن إليها وجعل بينهم مودة ورحمة. قال تعالى: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”. (٢) الحياة الزوجية لاتخلو من الإختلاف في وجهات النظر والرأي بين الزوجين مما قد يدعو للخلاف والمشكلات الزوجية التي قد تصل إلى طريق مسدود ينتهي بالانفصال. الخلاف أمر طبيعي يحدث في كل بيت والبعض يشبهه بالبهارات التي الذي تعطي الحياة الزوجية نكهة متميزة بين الفينة والأخرى ، ولكن لاينبغي أن يزيد ذلك عن حده فيجعل طعم الحياة غير مستساغا وتنتهي بالفشل والطلاق إذا ما انعدمت حكمة وحنكة الزوجين أو أحدهما وانعدم الحوار الهادئ بينهما. 

الحوار بين الزوجين يشمل كل شيء يتعلق بحياتهما ابتداء من الأحداث اليومية الروتينية إلى مايتعلق بتربية الأبناء وشؤونهم وعلاقات الأسرة بالمجتمع والأمور الاقتصادية والعاطفية والمشكلات الأسرية والتخطيط للمستقبل وغيره. للحوار فوائد كثيرة حيث يتعرف كل طرف على شخصية الطرف المقابل ويشعر بالمسئولية والاحساس بالترابط الأسري ويسهم في تقريب وجهات النظر والاتفاق على ضوابط  وقوانين تحكم حياتهما وحل المشكلات ليدوم التقارب بينها بالحب والألفة والمودة. 

الحوار قد يكون معدوما عند بعض الأسر التي يلتزم فيها كل من الزوجين الصمت أو الهروب مما يؤثر سلبا على العلاقات الزوجية التي تصاب بالجفاف العاطفي وتبوء بالفشل. وبعض الأسر يسود الحوار بين الزوجين إلا أنه يتحول إلى جدال وشجار بسبب الافتقار إلى ثقافة الحوار وعدم الالتزام بآداب الحوار التي نركز على البعض منها في هذه السطور:

سبقتني يا عبدالمجيد

قياسي

سبقتني يا عبدالمجيد

كلمات انبعثت من قلب أب مجروح بفقد فلذة كبده يتبعها آهات وحسرات

كلمات انبعثت من قلب أب حنون كان ينتظر ساعة رحيله – فداء لابنه –  بعد أن لازم فراش المرض لسنوات – أطال الله في عمره

لم يكن يتصور أن يسبقه ابنه الذي كان يتمتع بصحة وعافية وهو يعوده ويتردد عليه أثناء مرضه

كلمات ألم ومرارة حزن عند تذكر الأيام الجميلة التي قضاها بجواره وختمها بأيام العيد وزواج ابنة أخيه

وداعا للغالية (غالية)

قياسي

وداعا للغالية (غالية)

ومضى أسبوع على فقد الأم الغالية (غالية) خادمة أهل البيت (عليهم السلام) فكيف مضت هذه الأيام على أحبتها وعلى أبنائها وبناتها وأحفادها وهم ينظرون إلى مكانها وسريرها الأبيض الذي كانت ترقد عليه صابرة محتسبة على بلاء الله لمدة أربع سنوات من علة إلى أخرى.

غزة .. ينصرك الله

قياسي
https://www.alyaum.com/articles/642656

عبدالله الحجي

غزة .. ينصرك الله

عزيزي رئيس التحرير

| 03:00الخميس 15 / 01 / 2009

ماذا يُتوقع من شعب أعزل مضطهد ، محاصر ممنوع من وصول المساعدات إليه، محروم من ممارسة أبسط حقوقه, هُدمت مساكنه, قُتل أطفاله ونساؤه, شُرد أبناؤه، أُسر رجاله؟ صبر طويلا لتحرير أرضه ومقدساته، استمع كثيرا للمبادرات التي رحب بها على مضض أمنية تحقيق الحلم في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس يرفل فيها كغيره من الشعوب بالأمن والطمأنينة والسلام والعزة والكرامة. وُعود أمريكية وصهيونية يتشدق بها كل رئيس منتخب من الجانبين تنتهي بالتسويف والمماطلة خلال ولايته حتى ينتهي عهده فتعود القضية لنقطة الصفر أو حتى ما دون الصفر مع الرئيس المنتخب الجديد الذي ينهج طريق من سبقوه من الرؤساء بجعل القضية الفلسطينية في أسفل قائمة أولوياته. 

صلاة الرغائب والجدل السنوي

قياسي

صلاة الرغائب والجدل السنوي

منذ أن وعينا ونحن نصلي صلاة الرغائب ليلة أول جمعة من شهر رجب بين المغرب والعشاء بالكيفية المعهودة إلا أنه في السنوات الأخيرة كثر الكلام حول نقطتين: ١) أن وقتها بعد العشاء وليس بين المغرب والعشاء، و ٢) في أنها غير ثابتة ولم ترد عن الأئمة الطاهرين بل تصلى برجاء المطلوبية ويقترح البعض أداء صلاة جعفر الطيار (ع) بدلا منها.

متابعة القراءة

تأبين آية الله العظمى السيد الخوئي

قياسي
تأبين آية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره)
 
لقد تشرفنا بحضور حفل تأبين فقيد العلم والتقى أستاذ الفقهاء والمجتهدين، زعيم الحوزة العلمية المرجع الديني آية الله العظمى السيد أبي القاسم الخوئي (قدس سره) الذي وافاه الأجل في الثامن من صفر 1413. لقد كان ذلك نزرا يسيرا من الوفاء والعرفان لهذا السيد الجليل لما قدمه للدين والطائفة.

متابعة القراءة

الطلاق العاطفي (العدو الصامت)

قياسي

الطلاق العاطفي (العدو الصامت)

تناول سماحة الشيخ عيسى الحبارة موضوع ظاهرة الطلاق في الليلة السادسة من شهر محرم وكان أحد المحاور الطلاق العاطفي الذي أخذ ينتشر بنسبة كبيرة في المجتمع وتنعكس آثاره السلبية على الأبناء. وقد كان حديثه عن أبرز علاماته وبعض الحلول المقترحة لإعادة الحياة الزوجية لمسارها الذي أراده الله عز وجل لها لتدوم بالمودة والرحمة ولا تنتهي بالانفصال.

متابعة القراءة