أما آنَ لِغِل الصدور أن ينجلي

قياسي
 
أمسكت بالآيباد في الطائرة متوجها للعمل لأكمل موضوع  مقال الأسبوع الماضي ولكن تذكرت موقفاً حدث يوم الجمعة في المسجد أبى إلا أن يفرض نفسه ليكون موضوعاً لمقال هذا الأسبوع… وقفة تأمل مع الذات!!

انتهى من صلاته يوم الجمعة والتقى ببعض أصدقائه وسلم عليهم بحرارة وودعهم لكونه عازماً على أداء فريضة الحج، وطلب منهم براءة الذمة، وفي الأثناء أعرض بوجهه عن أحدهم ولم يسلم عليه ولم يطلب منه براءة الذمة. كان ذلك بسبب خلاف شخصي أدى إلى تعكر العلاقة بينهما لعدة سنوات.
 
ياترى أيهم أولى لطلب العفو وبراءة الذمة  قبل التوجه لأداء الحج؟ هل من الشخص الذي علاقتي معه جيدة أم ذلك الذي بيني وبينه خلاف أدى إلى قطع العلاقة بيننا؟
 
الحج مناسبة عظيمة يقف فيها الحاج متضرعاً منكسراً طالباً العفو والمغفرة من الله عز وجل والله جلت عظمته كريم رحيم لايرده خائباً بل يعفو عنه ويعود كما ولدته أمه… أين نحن من هذا الكرم الإلهي والرحمة الربانية… أنعجز عن العفو والصفح عمن أساء إلينا من خلق الله جل وعلا وقد وعدنا الله بالأجر العظيم وأمرنا بالعفو والصفح عنهم كما نحب أن يعفو عنا. قال تعالى: “فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ” وقال: “وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ”.
 
سنوات من التشاحن والتخاصم والقطيعة والهجران بين الزوج وزوجه وبين الولد ووالده وبين الأخ وأخيه وبين الصديق وصديقه. لو وقفنا على الأسباب كثير منها بل معظمها لاتستحق أن نخسر علاقات تربطنا بأخوة لنا. وماأعظم تلك النصيحة التي وجهها أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر حين قال:” وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك !
 
الإختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي لاختلاف الأطباع والأساليب والفكر والثقافات و المعتقدات وفلاتر استقبال الرسائل عند كل منا، وكلنا خطاؤون يصدر منا الإساءة لمن حولنا. بالطبع لا للتعميم (فلو خليت خربت) ويوجد من النماذج مايكون بينها قضية دم ولكن ياسبحان الله تتسع قلوبها وتعفو وتصفح قربة إلى الله تعالى. 
 
السيرة الشريفة والأخلاق المحمدية تنهانا عن الهجران لأكثر من ثلاثة أيام، بل تربينا على ثقافة التسامح والإعتذار من المسيء والعفو من المساء إليه بالمحافظة على عزة وكرامة المعتذر. فقد ورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): “إن شتمك رجل عن يمينك ثم تحَّول إلى يسارك واعتذر إليك فأقبل عُذْرَهُ”. وقال الإمام عليّ (عليه السلام): (أقبل عُذر أخيك، وإن لم يكن له عُذرٌ فالتمس له عُذراً).
 
البعض يتصور بأن العفو والصفح هو ضعف وذل وهذه نظرة خاطئة بل في العفو العزة والرفعة وسمو الخلق والتاريخ مليء بالكثير من المواقف التي كان للعفو فيها أثر كبير في تغيير أخلاقيات وسلوكيات الطرف المقابل. ورد عن سيد الخلق والمرسلين (صلى الله عليه وآله): “عليكم بالعفو، فان العفو لايزيد العبد إلا عزا، فتعافوا يعزكم الله”.
 
والمرض المنتشر هو أن يبرئ كل شخص ساحته ويعزو الخطأ إلى الطرف الآخر فيستمر الهجران بينما صاحب الخلق العظيم والنظرة الإيجابية لم يغفل هذا الجانب بالحث على الإقدام والمبادرة فقال (صلى الله عليه وآله): “ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك”. يالها من دروس عظيمة تستحق الوقوف عندها والتدبر في معانيها لنرفع قبعة التعالى والتفاخر والتكبر والنظر إلى الآخرين من الأعلى فسمو الخلق هو أن لاتنتظر إلى من يصلك لتصله ولا إلى من يحسن إليك فتحسن إليه.
 
أحيانا يكون الخطأ فادحاً كبيرًا ويتعكر الجو خصوصاً لو ترك لفترة طويلة وهنا يبرز دور المجتمع في الإصلاح بين ذات البين ليسود الحب والألفة والتكامل بين أفراد المجتمع. ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم”. فهنيئا لمن وفق في الإصلاح بين ذات البين، وإني أحتسب هذه الأسطر عند الله لتكون سببا في الإصلاح ولو بين شخصين.
 
إنها فرصة لمن أراد الحج قبل أن يذهب ويطلب العفو من الله جل وعلا أن يفتش في صحيفته ويبادر ويصل كل من أساء إليه ويطلب منه العفو والصفح والتسامح وبراءة الذمة قربة إلى الله تعالى وخوفاً من عقابه وطمعاً في عطاياه الجزيلة فهذه الدنيا زائلة ولاتستحق من يحمل في صدره غلا وحقدا على أحد. قد نستصعب الأمر وتراودنا الشكوك والظنون بأنه ربما لن يقبل الإعتذار ولن يعفو ولكن لنحسن الظن ونقوم بما يمليه علينا واجبنا والأخلاق المحمدية ونترك الأمر بين يديه ليتحمل وزره فهو من سيخسر شفاعة المصطفى (ص) وورود الحوض عليه، كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله): “من اعتذر إليه أخوه المسلم من ذنب قد أتاه فلم يقبل منه لن يرد عليَّ الحوضَ غداً”، وقال: “من لم يقبل العُذر من مُتنصِّلٍ صادقاً كان أو كاذباً لم ينل شفاعتي”.
 
قال تعالى:: “رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا”
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٩/١٥
 

ليس كل مدير قائداً

قياسي
ليس كل من تقلد منصباً إدارياً فهو قائد.. يخلط الكثير بين الكلمتين ويطلق لقب القائد على المدير أو الرئيس بينما هو بعيد كل البعد عن مفهوم القيادة لافتقاده السمات والمهارات التي يتحلى بها القائد. تركيز المدير ينصب على أمور إدارية غير التي يركز عليها القائد الذي دار جدلاً طويلاً حوله ونظريات مختلفة منها ماتقول بأنه يولد ومنها ماتقول بأنه يصنع ومنها ماتقول بأن لديه خصال فطرية والجزء الآخر يكتسبه بالتعلم والخبرة. فماهو الفرق بين المدير والقائد؟

يهتم المدير غالبا بالنواحي الإدارية والتنظيمية فهو يدير الأنشطة التي تتعلق بالميزانية ومراقبة وقت الحضور والإنصراف والمواد والمعدات ويغلب عليه التركيز على التخطيط والتنظيم والتحكم والتنسيق والتوجيه. يحرص المدير على تطبيق ماهو مكتوب لديه من لوائح تنظيمية وقوانين وأنظمة ولايخلو الوضع من الحياة الروتينية بعمل نفس العمل في كل يوم وكل شهر وكل سنة بلا تطوير ولاتغيير.
 
بينما القائد يهتم في المرتبة الأولى بالعنصر البشري وكيف يخلق البيئة المؤثرة والمحفزة والملهمة فيمن يعمل معه لتحقيق أهداف مشتركة. عندما يخلق القائد هذا الجو بينه وبين أعضاء فريقه يجعلهم يشعرون بالثقة والمسؤولية والقيام بمهامهم برغبة وشغف وتفاني وإخلاص وتميز في الأداء والإنتاج. القائد الفاعل يملك رؤية واضحة يشاركها مع أعضاء فريقه للسعي معا لتحقيقها بوضع الأهداف والإستراتيجيات. القائد لايروقه العمل الروتيني الممل ويطمح دوما للتغيير والتجديد والمخاطرة والتجربة لإبتكار أفكار إبداعية جديدة  للإرتقاء بفريقه والمنظمة التي يعمل لديها.
 
وقد سطر لنا التاريخ العديد من النماذج القيادية المشرفة التي كان لها رؤى واضحة مع اختلاف الأساليب القيادية المتبعة واستطاعت عمل تغيير جذري في مسار حياتها العملية والإجتماعية والمهنية بما تملكه من سمات قيادية متميزة. هذه النماذج تستحق التوقف عندها لدراسة أبرز السمات التي تميزها وكيف استطاعت أن تحقق النجاح والتميز. ومن أبرز هؤلاء القادة الذين نعتز بهم سيد البشرية نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) الذي كان قائدا محنكا ذا رؤية واضحة استطاع  انتشال الأمة من الظلمات والجهل إلى النور بأسلوبه وأخلاقه وسماته المتميزة. 
 
ماورد أعلاه ليس انتقاصا في الدور الكبير المهم الذي يقوم به المدراء ولكن الأمر يحتاج لشيء من المرونة والانفتاح والتغيير والتجرد من المصلحة الذاتية إلى المصلحة الجماعية، واكتساب بعض المهارات والسمات القيادية لينعكس ذلك إيجابا ويكون له أثر على الفريق والمؤسسة.
 
عبدالله الحجي 
٢٠١٥/٩/١١
 
 


رفقاً بمشاعر الآخرين

قياسي
 
أحياناً نجرح مشاعر الآخرين من حيث لانشعر وبدون قصد وأحيانا يكون تفاخراً وتباهياً والطريقة المثلى هي أن نضع أنفسنا مكان الشخص نفسه ونقيس إن كان الأمر طبيعيا ونتقبله لأنفسنا أم لا فنرتب على ذلك أثراً. أحياناً يكون الحديث عابراً خاطفاً، وأحياناً يصير فيه إسهاب، أحدهم يرفع والآخر يكبس بدون أي مراعاة لمشاعر وأحاسيس الشخص المعني الجالس بينهم وهو يكتم امتعاضه وتأثره النفسي. القضايا والمواقف كثيرة ولكن لابأس أن نتوقف عند هذه الأمثلة الثلاثة المتكررة في مجتمعنا: 
١- الحديث عن الحمل والإنجاب أمام زوجين تأخرا كثيرا في الإنجاب وهما بانتظار الفرج من الله جل وعلا.
 
٢- الحديث عن الزواج أمام فتاة تأخرت كثيرا وتنتظر الفرج لتسعد مع ابن الحلال المقسوم لها.
 
٣-  توجيه رسائل لطفل أمام والديه لأمور خارجة عن إرادتهما وليس لهما فيها حول ولا قوة مثل صغر الحجم، تأخر النمو، تأخر المشي، تأخر النطق، تشوه خلقي أو غيره.
 
وعلى ذلك فقس في الكثير من المواقف التي قد تدخل فيها أيضا المقارنات بين هذا وذاك والتي نحتاج فيها إلى المداراة لإخواننا كما حثتنا شريعتنا السمحاء، بل ونغتنمها فرصة لنرفع أكفنا متضرعين بالدعاء لهم في ظهر الغيب لتفريج الهم وكشف الكرب وشفاء المرضى.
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض”
 
 وقال (صلى الله عليه وآله): “مداراة الناس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش”
 
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): “دارِ الناس تستمتع بإخائهم، والقهم بالبشر تمت أضغانهم”
 
هي سطور لأربي بها نفسي وأروضها قبل أن تكون لغيري والله المستعان للتخلص من ذلك.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٩/٢
 

عيب ياشباب!

قياسي
 
انتشرت في الآونة الأخيرة صور لحديقة في الحي يأسف الإنسان ويتألم لمشاهدتها. تصرفات من قبل بعض الشباب وليست من الأطفال لنقول ينقصهم الرشد والإدراك.
 
لقد أنشأت أمانة الأحساء مشكورة هذه الحديقة واهتمت بها وحرصت على تشجيرها وتوفير الألعاب المتنوعة للأطفال، والجلسات للعوائل،  ودأبت للمحافظة على نظافتها لخدمة سكان الحي.
 
الصور كثيرة ولكن لنركز على أربع من الصور المؤلمة الغير مسؤولة والتصرفات المنبوذة التي تعكس صورة سيئة من التخلف وقلة الوعي وعدم الإهتمام بالممتلكات العامة التي تخدم المجتمع.
لم يمض على فتح الحديقة شهر وإذا بألعاب الأطفال مكسرة وخارج الخدمة يأتي الطفل ببراءته يقف أمامها يحركها يمينا وشمالا يريد الاستمتاع باللعب ولكن دون جدوى فيذهب لوالديه حزيناً مصابا بخيبة الأمل.
 
شجيرات ونخيلات غرست لتضفي جمالا على الحديقة وتوفر الظل عندما تكبر ولكن تمتد إليها تلك الأيادي العابثة وتقتلعها من جذورها لتطرحها أرضا!
 
إنها حديقة صغيرة للإستمتاع بالمشي فيها على القدمين فيزيد استغرابك أن ترى من يتجول فيها فوق العشب بسيارته غير مكترث بما يسببه من أضرار وإزعاج للآخرين.
 
أما النفايات فحدث ولاحرج مع من يتكاسل في تجميعها ووضعها في الحاويات الخاصة المتوفرة من حوله فيترك المكان قذرًا تشمئز نفس من يأتي للجلوس من بعده فيبقى على وضعه حتى يأتي عمال النظافة لتنظيفه في اليوم التالي.
 
نكتفي بهذه الصور لنحكم إن كانت هذه التصرفات تليق بنا من ناحية النظافة التي حثنا عليها ديننا الحنيف ومستوى الثقافة والوعي الذي نطمح أن يكون منشرا بيننا. إن المحافظة على الحديفة والممتلكات العامة هي مسؤولية الجميع ولابد من اتخاذ الاجراءات الضرورية بالنصح والمنع والتوجيه والمساهمة في نشر الوعي وتبليغ الجهات المعنية إن لزم الأمر لاتخاذ الاجراءات اللازمة اتجاه كل من تسول له نفسه بالعبث والتخريب بدلا من الإكتفاء بالتفرج بسلبية والتقاط بعض الصور. 
 
الممتلكات العامة هي ملك كل مواطن وهذه التصرفات اللامسؤولة غير مقتصرة بالحديقة فقط بل بشوارعنا ومدارسنا وغيرها. فكم نحن محتاجون لنشر الوعي والثقافة بخصوص النفايات التي ترمى حول المنازل والشوارع لكي نعمل يدا بيد مع  مقاول النظافة الذي يحتاج لزيادة عدد الحاويات والبراميل ليكمل جهوده وخدماته التي تحسنت كثيراً بمتابعة حثيثة من بعض الإخوة المواطنين. أما بخصوص المدارس فقد أعجبني تصرف بعض المعلمين بسبب حرصهم واهتمامهم ومايملكون من حس إنساني واجتماعي عندما طلبوا من إمام المسجد حث أولياء الأمور وأبنائهم للمحافظة على المدرسة التي تم تجديدها وتحسينها مؤخراً.
 
 وفق الله الجميع لكل خير وجعلنا جميعا من المحافظين على بيئتنا و ايضا من المساهمين في نشر الثقافة والوعي.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٨/٢٩
 





أبناؤنا والشوق إلى المدرسة

قياسي
 
رسالة لإبني وأخي الطالب …
 
هاهي أيام الإجازة قد تصرمت فكيف قضيتها وكيف استثمرتها وماذا أضافت لرصيدك الدنيوي والأخروي؟ وماذا قدمت لنفسك وعائلتك ومجتمعك؟ اعط نفسك بعض الدقائق لتدون ماحققته ودرجة الرضا على مقياس من عشر درجات… هل استثمرتها كما ينبغي أم أنها انقضت بين اللعب والأكل والنوم والتأفف بين الفينة والأخرى مردداً كلمات الزهق والطفش والملل… أترك لك الإجابة على هذه التساؤلات بينك وبين نفسك فقط لتستشعر مقدار الشعور بالمسؤولية ومدى احترامك وتقديرك لذاتك.
لنطوي الصفحة التي قد تكون سُطرت بالنتائج الجميلة المشرفة، أو سطرت بما يعود بالحسرات على كل دقيقة ضاعت هباء منثورا، ولنفتح صفحة جديدة مع بداية الفصل الدراسي الجديد. كيف هو استقبالك لليوم الأول؟ أترى نفسك متشوقاً ومتحمساً للذهاب إلى المدرسة أم أنك لازلت ترغب في تمديد الإجازة لتواصل حياة الخمول والكسل وتتلذذ بهدر المزيد من الوقت من عمرك؟
 
وإن تعددت عوامل السعادة والنجاح فالتغيير بيدك أنت لترسم خارطة طريقك لتجعل هذا العام أكثر متعة واستفادة لتحقق أفضل مما حققته في العام الماضي. لاتلق باللوم على غيرك من بيئة المنزل والمدرسة وإن كان لهم دور كبير في ذلك، وخذ بزمام الأمور والمبادرة لتصنع التغيير لما هو أفضل مبتدءا بتغيير نفسك قبل التفكير في تغيير العالم من حولك.
 
حتماً إنك بحاجة إلى المشوقات من بيئة دراسية مناسبة ومعلمين يتمتعون بأساليب حضارية راقية ومناهج تشدك وترغبك للعلم والمعرفة وكلنا أمل وتطلع إلى ماتبذله وزارة التعليم وإداراتها وحرصهم على الرقي بالتعليم في وطننا الحبيب. إنك بحاجة للتحفيز فهو بمثابة الوقود ولكن لو انعدم التحفيز الخارجي ممن حولك لأي سبب ما فكن متفائلاً إيجابياً واستعن بالتحفيز النابع من ذاتك لتواصل مسيرتك التعليمية بجد واجتهاد وتميز وأنت بكامل الثقة بقدراتك وإمكاناتك وطاقاتك. واعلم أنه لاشيء مستحيل في هذا الوجود إذا ماكان لديك الرغبة والإرادة والعزيمة والحزم والإصرار لتحقق كل ماتصبو إليه من آمال وطموحات على المدى القصير والبعيد.
 
وفقك الله لمزيد من النجاح والتقدم لتنال الشهادات العليا ولتسهم في تقدم وازدهار مجتمعك ووطنك.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٨/٢٣
 

ماذا ستعمل بعد التقاعد؟

قياسي
قبل عدة سنوات دار حديث مع أحد المدراء المتعلقين بالعمل والذين أبوا أن يتقاعدوا قبل إكمال الستين عاماً، فأخبرني مستغربا بأن أحد المتقاعدين الأجانب من الشركة في سن الستين قد عاد ليعمل لدى إحدى الشركات. ثم طرح استفساراً وقد ظهرت على وجهه علامات التأسف ما بال هذا العدد الكبير من شبابنا يتقاعدون في سن مبكر وهم يتمتعون بخبرات عالية وبكامل صحتهم ونشاطهم وقدراتهم على العطاء والإنتاج.  فأجبته لابد وأن لكل منهم ظروفه وأسبابه الخاصة التي دفعته للتقاعد المبكر سواء كانت شخصية أو مهنية. لن نخوض في هذا المقال في هذه الأسباب المتعددة التي يطول الحديث عنها.

متابعة القراءة

مصلحة المياه… يكفيك هدراً للمياه!

قياسي
 
قبل فترة كان أحد الإخوة يشكو معاناته مع مصلحة المياه في الأحساء بسبب تأخرهم في الإستجابة لإصلاح تسريب في شبكة المياه خارج منزله بالرغم من تواصله المستمر معهم. وقبل يومين لاحظت ماء يخرج من تحت الأسفلت أمام منزلي ويملأ الشارع فاتصلت بقسم الطوارئ للإبلاغ عنه فسجل الموظف البيانات ليحيلها للمقاول لإتخاذ اللازم. أخذت المياه تزداد وتملأ بقطعة أكبر من الشارع فاتصلت مرة أخرى للتعجيل قبل أن ينهار الأسفلت ويحدث مالايحمد عقباه فرد الموظف بأن إسمي مدرج في القائمة وسيأتي المقاول عندما يأتي دوري. مضى اليوم الأول ولم يشرفنا حضرة المقاول واستمرت المياه في التسرب في باطن الأرض وخارجها. وفي اليوم الثاني تم التأكيد بالاتصال صباحا ومساء ولاحياة لمن تنادي والله العالم متى يحين الموعد في اليوم الثالث أو بعد أسبوع أو أكثر!
في محاولة للوصول للشخص المسؤول في الإدارة لاتخاذ اللازم لاتسمع إلا جهاز السنترال ورسائله الإرشادية في فترة الانتظار للحث على الترشيد في استهلاك المياه داخل المنزل وعليك أن تنتظر فرقة الطوارئ. إن كانت فرقة الطوارئ تستغرق ثلاثة أيام وأكثر فهل هي بالفعل فرقة طوارئ؟! وإن كانت المصلحة تدرك الشح في كمية المياه وتسعى لتوعية المواطن للترشيد في استخدامه فهي أولى بتوعية نفسها لتوفير الكميات الكبيرة التي تهدر خارج المنازل والتي تشكل أضعافا مضاعفة لما يهدر داخل المنازل. يبدو أنها مشكلة يعاني منها الكثير من المواطنين في عدم سرعة الاستجابة، ونهيب بمصلحة المياه الالتفات لذلك ودراسة الأسباب سواء كانت من المصلحة ذاتها أو قلة الأيادي العاملة لدى المقاول أو غيرها لتسهم في المحافظة على هذه النعمة بإصلاح التسريبات في وقت قياسي فتكون قدوة للترشيد في وقت نحن جميعا في أمس الحاجة إليه نظراً لزيادة الإستهلاك وقلة المياه الصالحة للاستخدام.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٧/٢٨
 


 

اللي على راسه بطحه يحسس عليها

قياسي
 
يقال بأن مصدر هذه المقولة أن رجلا كان يملك دجاجاً ويعيش في قرية صغيرة ولكن كان هناك من يسرق منه ولم يشأ أن يتهم أحداً من سكان القرية فاشتكى إلى إمام المسجد. وفي اليوم التالي اجتمع الناس للصلاة وأخذ الإمام يتحدث عن الأمانة وجزاء السارق وأنهى خطبته بقول تخيلوا من وقاحة السارق أنه يكون جالسا بيننا وقد نسي إزالة الريش عن رأسه فقام الفاعل مباشرة يمسح رأسه فاضحا نفسه بنفسه.

قبل أكثر من سبع سنوات كتبت مقالا بعنوان “البنك العاطفي بين الرمل والصخر” وتوالت ردود الفعل من فئات وبيئات مختلفة فأرسل زميل في العمل قائلا لعلك تقصدني بمقالك وسأبذل قصارى جهدي للتغيير الايجابي، وانبرى شخص من الأصدقاء وقال كأنك تعنيني وآخر من العائلة وغيره من المجتمع كل فهم بأنه هو المعني والمقصود والبطل الذي يدور حوله المقال. 
 
الأمر لم يتوقف عند هذا المقال بل يتكرر مع الكثير من المقالات وليس معي فقط بل مع الكثير من الكتاب فيما تسطره أقلامهم سواء بالمقالات أو التغريدات بل يمتد الأمر مع المحاضرات والخطب والأفلام والمسلسلات الهادفة والقصص التي تتناول قضايا معينة للتنبيه عليها ومعالجتها. البعض يتحسس من الموضوع ويفهم بأن الرسالة موجهة إليه ويتصرف معها بتهور بعيدا عن الحكمة والموضوعية ويكون مصداقا لهذه المقولة “اللي على راسه بطحه يحسس عليها” حتى وإن لم يكن هو المعني أو ليس المعني الوحيد، وعليه يكون له ردة فعل عكسية وموقف سلبي من الطرف الآخر ويصب عليه غضبه ونقمته ويحاول الإنتقام بأي طريقة أو يملأ صدره حقداً وغلاً يسعى للتنفيس عنه بأي طريقة شاء للنيل من الطرف الآخر.
 
أخي وعزيزي قبل اتخاذ أي موقف سلبي عليك أن تتفهم أن الكاتب أو المتحدث أو القاص أو الممثل أو غيره يحمل رسالة إنسانية ويتفاعل مع الأحداث والقضايا التي تجري على الساحة من حوله وليس شرطا أن تكون شخصية، ويحاول تحليلها وإبرازها من الناحية الإيجابية و السلبية واقتراح الحلول من وجهة نظره أو طرح المشكلة والقضية على أصحاب الشأن والمسؤولية لدراستها وتقييمها وإيجاد الحلول المناسبة التي تخدم الجهات والأطراف المعنيين.
 
بكل تأكيد الإختلاف وارد وليس حديثنا عن الشواذ وكما قيل الإختلاف في الرأي لايفسد في الود قضية ويبقى رأي كل طرف مقدراً ومحترماً لايستدعي تحميله أكثر ممايستحق وكل يعمل بقناعاته ومبادئه وقيمه. فلنبتعد عن تحسس البطحة التي على رأسنا وتوجيه أصابع اللوم والإتهام إلى أنفسنا، وإن كان لدينا ثمة خلل أو خطأ فلنتقبل ذلك بصدر رحب ولنبادر بإصلاحه ومعالجته والتعديل من سلوكنا وتصرفاتنا بكل هدوء وموضوعية بدلا من التمادي والإصرار على الخطأ.
 
أملي أن لايضع البعض أنفسهم أبطالا لهذه المقالة أيضا ويعملوا بعنوانها ويضيعوا أوقاتهم في القيل والقال والتأويل والتخمين على حساب ماهو أهم وأولى للإصلاح والتغيير.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٧/٢٧
 

لاتحزن على ماأصابك

قياسي
يتمنى الإنسان أمورا ويبذل قصارى جهده سعيا  لتحقيقها ولكن قد يحدث خلاف مايريد فينتابه حزن وكدر ويصارع ويكابد لتغيير الواقع ولكن دون جدوى.
 
مهلا لم الحزن والكآبة؟

عليك أن تسعى لتحقيق ماتريد ولكن ليست السعادة والمصلحة دائما مقترنة بما تريده أنت. تدبير الأمور بيد الله وله حكمة لاتستطيع إدراكها فكن على ثقة بالله عز وجل بأن المصلحة فيما أصابك قد تكون جلية لك تدركها بعد حين أو قد لاتتمكن من إدراكها على المدى القريب، وإن لم تكن دنيوية قد تكون أخروية.
 
كثيرة تلك المواقف والأحداث التي تواجه كل منا وأحيانا ندعو ونتضرع إلى الله ليلا ونهارا ولكن الحكمة الإلهية تحول بين تحقيق المراد وهنا تأتي الإجابة كما ماوردت في دعاء الإفتتاح “ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور” 
 
موقف بسيط حدث حينما حجزت للعمرة الرجبية في فندق قريب من الحرم في برج الساعة قبل 3 أسابيع من الموعد ولكن قبل يومين من السفر فتحت جوالي للتأكد من الحجز فمررت بيدي لألتقط صورة له ولكن فجأة انحذف الحجز ولم أدري كيف حدث ذلك. شعرت بالتوتر وذلك لعدم توفر الحجوزات في نفس البرج فاتصلت بشركة الحجز من الصباح الباكر فقال الموظف بأن الوقت مبكرا وعاود الإتصال الساعة الثامنة. دخلت على الموقع للحجز وكأن شخصاً كان يترصد غرفتي وينتظرها لتقع تحت قبضته ويحجزها بدون تردد.
 
وجدت فندقاً آخر أبعد بقليل من الفندق السابق فحجزت فيه والنفس لازالت متحسرة على الحجز السابق. عدت للمنزل وأثناء تناول العشاء سألتني ابنتي أم محمد أين حجزت فقلت لها أسم الفندق فقالت مستبشرة الحمد لله نفس الفندق الذي حجزنا فيه. لقد حجزت لأداء العمرة وكانت متحيرة في طفليها عند أداء الأعمال وخصوصا أن موعد وصولهم بعد منتصف الليل.
 
وماأن علمت بالحجز في نفس الفندق اطمأنت نفسها ووجدت الحل في ترك طفليها عند أمها في نفس الفندق. حينها أدركت الحكمة مما حدث من إلغاء وتغيير الحجز لكي يسهل الله عليها وعلى زوجها ويحقق أمنيتهما ويكتبهما من المعتمرين ويجنب الأطفال المشقة والعناء.
 
لله الحكمة والتدبير والخير دوما فيما يشاء ويقدر، لاشك ولاريب في ذلك تبارك ربي وتعالى، ونسأله أن يملأ قلوبنا إيمانا وثقة وصبراً واحتساباً في جميع شؤون حياتنا ونفوض أمورنا إليه.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٥/١٨


هكذا نريدكم مشايخنا الأعزاء..

قياسي
 
انشرحت صدور المصلين عندما قدّم الإمام الراتب أحد المشايخ لخطبتي الجمعة وصلى بإمامته. وازدادت انشراحاً وسروراً عندما انعكس الوضع في الأسبوع الذي يليه. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل أثلج صدورهم وجود ثلاثة من المشايخ في الصف الأول. بعد الإنتهاء من الصلاة حيا المصلون هذه الصورة الرائعة وخاطبهم البعض هكذا نريدكم مشائخنا الأعزاء.
 
 كثيرون هم طلبة العلم في المنطقة ودائما يحثون على فضل صلاة الجماعة والصلاة في المسجد، ولكن أين هم عن المساجد؟ ولماذا لاترى إلا شيخاً واحداً في كل مسجد؟ وماهي الأسباب لهذه الظاهرة المنتشرة في المجتمع؟ 
الناس أحرار يصلون أينما شاؤوا وماهذه الأسطر إلا قراءة سريعة للوضع، وطرح لتساؤلات دائما تتكرر من المصلين وخصوصاً عند غياب إمام الجماعة لظرف ما “أين باقي المشايخ؟ ولم لايحضر أكثر من شيخ في كل فريضة؟”. بكل تأكيد لن تتعطل صلاة الجماعة بتقديم أحد الثقات وهذا ليس موضوعنا. الإجابة على التساؤلات السابقة ليست سهلة وقد طرحت على الكثير منهم و تعددت الأسباب والتي منها العدالة والاطمئنان، المرتبة والمكانة العلمية، الإنشغال بطلب العلم، تجنبا لمزاحمة الإمام الراتب، وتجنبا للإحراج، وأحيانا يكون للمجتمع دور في ذلك بتقديس الإمام -لاصلاة الجماعة- والنظر للشيخ المأموم على أنه أقل شأناً وقدراً وعلماً من الإمام، وغيرها من الأسباب التي تختلف من شخص إلى آخر.
 
بعض الأسباب المطروحة أعلاه يمكن علاجها من قبل الشيخ نفسه بالبحث عن أي مسجد وأي إمام في المنطقة يتوافق من ناحية العدالة والإطمئنان والمكانة العلمية وغيرها. والبعض الآخر قد يكون بسبب ظاهرة موجودة في معظم المساجد ألا وهي وجود إمام راتب واحد يقوم بأداء كل الفرائض. إنه بالفعل عمل جبار وجهد كبير بأن ينذر شيخ واحد نفسه لخدمة المؤمنين ويرتبط بأداء جميع الفرائض. ولكن ذلك قد يكون له سلبيات منها على سبيل المثال تحرج وامتناع باقي المشايخ للصلاة في المسجد خوفاً من التحسس والمزاحمة. ومن السلبيات صعوبة الحصول على شيخ ينوب مكانه أثناء غيابه إذا لم يكن له دور وارتباط سابق بالمسجد.
 
لقد شاهدنا تحولًا نموذجياً في مسجد السبطين (ع) بفضل تعاون الإمام الراتب وفسج المجال لبعض مشايخ المنطقة وتكليفهم ببعض الفرائض بشكل دوري بحيث يشارك تقريبا خمسة من المشايخ في كل دورة، وقد شارك خلال العام المنصرم تقريباً ١٢ شيخا من مشايخ الحي بالإضافة إلى الاستضافات لبعض الفرائض و لخطبتي وصلاة الجمعة. كما أن مثل هذا التنوع  أيضا معمول به في عدد من المساجد تكاد تعد على الأصابع، وقد أبدى المؤمنون ارتياحاً من هذا التوجه لما له من إيجابيات كثيرة بالرغم من العبء الذي يشكله على الإدارة المنسقة.
 
مشاركة عدد من المشايخ له إيجابيات جماء ومنها التواجد والمرونة لتغطية الفرائض بسهولة أثناء غياب أي إمام، وأيضا رفع الحرج وجعل الأمر طبيعياً لحضور أي منهم والصلاة بإمامة الآخر حسب البرنامج المعد بغض النظر عن المكانة العلمية والأمور الأخرى. ومن الإيجابيات فسح المجال لمعظم مشايخ المنطقة ليكون لهم دور فاعل في خدمة بيوت الله والمؤمنين والإستفادة من علمهم وتحصيلهم، بالإضافة إلى نشر وإثراء الثقافة والمعرفة، وتجدد الفكر والعطاء حسب تخصصاتهم وتوجهاتهم.
 
كل التقدير والإحترام لمشايخنا الفضلاء وليس ذلك تدخلاً في شؤونهم بل هو من باب اللحمة الإجتماعية والتكامل والتكاتف  للتخلص من هذه الظاهرة في مساجدنا ونشر ثقافة تعدد وتنوع المشايخ حتى وإن لزم الأمر الإبقاء على مكانة الإمام الراتب وتكليف بعض المشايخ بجزء من الفرائض.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٤/١٤
 


 


 

إعفاء وزير الصحة رسالة إنذار لغيره

قياسي

قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإعفاء وزير الصحة الذي لم يتجاوز الثلاثة أشهر في منصبه قرار حكيم حازم يبعث رسالة إنذار لكل وزير بأن مصيره ليس بعيداً عما حدث إذا لم يكن لديه الكفاءة والإخلاص في أداء مهامه على أكمل وجه والتفاني في خدمة الوطن والمواطنين بما يحقق لهم السعادة والعيش الهنيء.

وزارة الصحة هي من أهم الوزارات التي شهدت تغير عدد من الوزراء خلال فترة وجيزة ولازالت تبحث عن الوزير المناسب الذي يشخص علتها ويصف لها البلسم ويستأصل كل الأورام الخبيثة المنتشرة في جميع الإدارات. كل قائد لايمكنه أن يحقق نجاحا بمفرده بعيدا عن فريقه الذي يعمل معه، وإذا فسد أعضاء الفريق انعكس ذلك سلبا عليه مهما بذل من جهد لأنه لن يتمكن من تنفيذ كل مهمة بنفسه. والمأمول تخصيص لجان مستقلة تكون مسؤولة عن تقييم أداء جميع الوزارات وتكون حلقة الوصل مع المواطنين. كما لايخفى دور الإعلام النزيه في كشف الحقائق ونقل الصورة الحقيقية لمايجري خلف الستار.

مهما تكن الأسباب التي أدت إلى إقالة وزير الصحة كما انتشر إعلاميا في بعض مقاطع الفيديو فالسبب الرئيس يبدو أنه تقصير وإهمال وعدم احترام للمواطنين. لاشك بأن أمثال هذه المواقف منتشرة هنا وهناك وتحتاج لمن يبرزها إعلاميا لإتخاذ القرارات الصائبة الحازمة وتصفية البلاد من كل مسيء لايحترم منصبه ووظيفته. وكم نحن بحاجة إلى أن يقوم كل مسؤول بمراقبة ومتابعة أداء المسؤولين والعاملين تحت إدارته واتخاذ القرارات المناسبة حتى وإن استدعى الأمر العزل أو الإقالة بعيدا عن المجاملات والمحسوبيات التي تورث الفساد، وتضيع الكفاءات، ولا تصب في مصلحة البلاد، وتهدد تقدمه وتطوره.

عبدالله الحجي
٢٠١٥/٤/١٣

ساهر .. وجودك لايكفي

قياسي

يعارض البعض وجود ساهر لمراقبة سرعة السيارات وأنه ليس بالطريقة المثلى، ولكن ليعذرني الإخوة الأعزاء بقولي أن جنوننا وتهورنا بحاجة إلى أضعاف تلك السيارات للمراقبة على الطرق السريعة وبمضاعفة الغرامات بل حتى السجن لمن يتمادى في تجاوزاته وتهوره واستخفافه بأرواح الآخرين.

إن مانشاهده على الطرق السريعة غير طبيعي أبداً، سرعة جنونية متهورة، تجاوزات غير نظامية، أخلاق سيئة، والأسوأ من ذلك ظاهرة الصدام في الصدام التي أخذت تنتشر بشكل كبير وكأنهالاتشكل أي خطورة فأنت بين أحد خيارين أما أن تتجاوز السرعة المحددة لتحصل على مخالفة أو تقبل بالقيادة متجاهلا من خلفك وداعيا الله أن ينجيك وينجيه من كارثة مع أي خلل بسيط.

لم كل هذه السرعة الجنونية المتهورة وكم دقيقة ستوفر في كامل المسافة وأين ستستثمر هذه الدقائق؟ وماذا ستستفيد إن حدث ماحدث في أقل جزء من الثانية وأصبحت معاقاً على سريرك أو كرسيك، أو أصبحت من عداد المفقودين الذين واراهم الثرى؟ إن كانت حياتك رخيصة ولاتهمك فحياة الآخرين ممن تتسبب في موتهم ليست كذلك، وإن كنت لاتحمل ذرة من المسؤولية والثقافة والوعي وحياتك لاتعني لك شيئا فتذكر تلك القلوب التي سيفجعها فراقك وتقطيع أشلائك، تذكر أباك وأمك، تذكر زوجتك وأبناءك، تذكر تلك القلوب التي تأنس برؤيتك وتترقب عودتك بالسلامة من طرق الموت.

يقال بأن القيادة فن وذوق وأخلاق… مع الأسف هذه الشعارات في دول أخرى تشعر بالمسؤولية وتحترم الذات وتتمتع بوعي وثقافة أكثر. أما عندنا فالسياقة جنون وتهور واستخفاف، ولاأعمم في ذلك فيوجد ولله الحمد عدد كبير من السائقين الواعين الوقائيين ممن يتمتعون بالخلق الحسن والذوق الرفيع وهم قدوة يحتذى بهم. وإنما الخطاب إلى تلك الثلة المتهورة التي تعرض نفسها والآخرين للخطر فهي بحاجة لزيادة مواقع ساهر على الطرق السريعة، وتغيير مواقعها باستمرار، وأن يعي بأن من يرسل إشارات تنبيه للسيارات المقابلة للتخفيف من السرعة بوجود ساهر واقعا لا يقدم خدمة جليلة بل يكون شريكا له في التمادي والتهور وزهق أرواح الآخرين. هذه الشريحة المتهورة بحاجة إلى مايردعها ويوقظها من غفلتها لتكون أكثر وعياً ومسؤولية حتى وإن استدعى الأمر السجن لعدة أيام بعد عدد معين من المخالفات.

من المواقف الجميلة التي شهدتها في كوريا الجنوبية عندما كنت راكبا في إحدى سيارات الأجرة كانت الإشارة خضراء وتحركت السيارات التي أمامنا ولكن صاحبنا توقف في محاذاة الإشارة. نبهته بأن الإشارة لازالت خضراء  ولكنه أشار إلى ازدحام السيارات في الأمام وأنه ربما يكون في وسط التقاطع ويعيق حركة السير للشارع الآخر عندما تأذن لهم الإشارة بالحركة. ولاداعي لمقارنة الوضع عندنا في نفس الموقف وكيف ستكون التصرفات، فالتنازلات للآخرين مستحيلة حتى وإن تعرضت أرواحهم ومركباتهم للخطر.

حفظ الله عموم المسلمين من كل سوء وإن كانت هناك سبل وأفكار أفضل وأكثر فعالية للحد من هذه التهورات والحوادث غير ساهر فما المانع بالمشاركة بها بكل إيجابية مع الجهات المعنية لدراستها وتطبيق مايمكن تطبيقه، لنكون جزءاً من الحل بدلاً من مجرد توجيه الإنتقادات بنظرة سلبية في المجالس.

عبدالله الحجي
٢٠١٥/٤/١٠

حلاوة الأسبوع وفلسفتها!

قياسي

في أول يوم من كل أسبوع يجول بين المكاتب حاملا بين يديه علبة من الحلاوة، يلقي بتحية عطرة وإبتسامة مشرقة ويقدم قطعة لكل شخص بإسم حلاوة الأسبوع. في أحد الأيام دخلت مكتبي فوجدت قطعة الحلاوة بالقرب من لوحة المفاتيح فتذكرت الموظف الذي انظم إلينا مؤخراً. لحظات وإذا به يطرق الباب بابتسامته المعتادة قائلا “حلاوة الأسبوع”.

قلت له لقد وصلت حلاوتك، فقال كلا… ربما تكون من شخص آخر يقلدني – وهو ممازحا. فأثنيت عليه وقلت له إنه عمل حسن والله يكثر المقلدين لك..

استوقفته وسألته ماهو السر وماهي الفلسفة في حلاوة الأسبوع؟ فأجاب لرؤية الإبتسامة على شفاه الإخوة الزملاء!
نعم وإن كانت قطعة صغيرة من الحلاوة البعض لايرى لها قيمة كبيرة ولكن مفعولها وأثرها ووقعها كبير في النفوس خصوصا في الساعات الأولى عندما تحط بهم الطائرة في تلك المنطقة النائية التي تحيط بها الكثبان الرملية من كل جهة… وخصوصا عندما يغادر الموظف منزله مودعا أهله وأبناءه بمزاج متعكر لسرعة انتهاء إجازة نهاية الأسبوع. صاحب حلاوة الأسبوع اختار هذا الوقت ليبعث في النفس السعادة والسرور ويحفزها لتنطلق بطاقة وحيوية وشحنة ايجابية مع بداية الأسبوع.
إنها عادة وسنة حسنة بالفعل تنم عن حب البذل والعطاء لزرع المحبة وتأكيد أواصر الأخوة ولإحياء السنة النبوية التي تحث على التهادي كما ورد عن أفضل الخلق والمرسلين صاحب الخلق العظيم (صلى الله عليه وآله): “تهادوا تحابوا، تهادوا فإنها تذهب بالضغائن” وقال : “تهادوا فإن الهدية تسل السخائم، وتجلي ضغائن العداوة والاحقاد”. وقال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : (لأن أهدي لأخي المسلم هدية تنفعه أحبُّ إليَّ من أن أتصدّق بمثلها)
قطعة من الحلاوة تضفي على النفس البهجة والسرور فترسم إبتسامة على الشفاه، وحتى هذه الإبتسامة التي ليس فيها جهد ولاعناء ولاتعب يبين قيمتها من يقدرها ألا وهو سيد الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله) في قوله: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”. الإبتسامة مفتاح القلوب وهي كما قيل لغة الشعوب المشتركة والتي لا تحتاج الى ترجمة أبدا.

نعم ماأحوجنا لتفعيل مفتاح القلوب، وإلى التهادي بين الفينة والأخرى وإن لم تكن قيمة الهدية المادية كبيرة -كل حسب ظروفه وامكانياته- فالهدية في قيمتها المعنوية، وهي بلسم للنفوس بين الوالدين وأبنائهم وبين والزوج وزوجته وبين الإخوان والأصدقاء والزملاء. الهدية يفرح بها الصغير والكبير والفقير والغني، ومن محاسن الخلق أن تكون مبادرا بالهدية لتذيب كل مايترسب في النفوس من شوائب وأحقاد وحواجز وتقرب بينها لتدوم العلاقة بالمحبة والألفة والمودة.

 عبدالله الحجي
٢٠١٥/٤/٤

الحذر من وكالات السيارات

قياسي
سيارة أوشكت أن تكون بين فكي التشليح حسب تقرير خبراء الوكالة فأنقذها شاب بمبلغ زهيد لايذكر. أضع هذه القصة بين أيديكم لأخذ الحذر وعدم الثقة المطلقة بوكالات السيارات والإستفادة من بعض الدروس.

في يوم ممطر خرج إبني بسيارته وإذا به أمام بركة من مياه الأمطار تردد في مواصلة السير أو التوقف ولكن لم يكن هناك مفر فلا يمكنه التراجع فقرر المضي إلى الأمام مع المركبات التي أمامه. لحظات وتوقف محرك السيارة،  تحير في سيارته فما كان منه إلا أن خرج من النافذة وطلب النجدة من الوكالة.

باشرت الوكالة نقل السيارة من ورشة إلى أخرى في المنطقة الشرقية، وتم الفحص عليها من قبل أبرز وأكفأ المهندسين الخبراء فصدر التقرير بأن السيارة لم تعد صالحة للإستخدام وإصلاحها يكلف أكثر من ٤٠ ألف ريال لأن الماء وصل للمحرك ولابد من تبديله مع الكثير من القطع والمكونات. 

فماهو الحل إذا؟ السيارات لاتزال تحت الضمان وقضت سنة من ثلاث سنوات فقط؟ فما كان من الوكالة إلا أن أخرجت نفسها وتنصلت من الضمان بسبب تعرض السيارة للماء ووجهت رسالة تعاطف “الله يعوض عليك” ومن الأفضل بيعها للتشليح تفاديا للنتائج السلبية التي لايمكن توقعها أثناء مباشرة الإصلاح.

حينها بدأت المراسلات والخطابات يمينا وشمالا داخل وخارج المملكة ومع الشركة المصنعة لتوضيح الأسباب إن كان هناك خلل في التصميم والصناعة يؤدي لدخول المياه للمحرك بهذه السهولة فتجمع المياه والمستنقعات والبرك في منطقتنا أصبح أمر طبيعي بسبب التصريف المتميز لمياه الأمطار والسيارات التي تصدر إلينا ربما تحتاج لمواصفات ومقاييس خاصة!! استمر الأمر لأكثر من شهر ولم يجدي نفعا. ولم تكن هذه الحالة مشمولة تحت شركة التأمين أيضا.

في أحد المجالس أثار القصة أحد الأصدقاء وكان بالجوار أحد الشباب الواعد المتخصصين والمتميزين في صيانة السيارات الألمانية، فسألني وماذا ستفعل الآن؟ فأجبته الله يعوض وسيكون التشليح مصير السيارة فالخبير الفني في الوكالة يقول بأنها ليست الأولى بل يوجد سيارات كثيرة تتجاوز أسعارها ٣٠٠ ألف ينتهي مصيرها بالتشليح.

فماكان منه إلا أن طلب مني الإذن بأخذ السيارة إلى ورشته (ورشة الغريري في الدمام) والكشف عليها قبل أخذها للتشليح. فتم الترتيب مع الوكالة ونقلت السيارة إلى ورشته وتوجهت من الدمام إلى الأحساء فاقدا الأمل.

خلال ساعتين تقريبا وردني إتصالا من الشاب محمد مبشرا ومهنئا وأسمعني صوت محرك السيارة وطمأنني بنسيان موضوع التشليح. كانت صدمة ولم أستوعب الأمر أهو حقيقة أم خيال!! المحرك يعمل في خلال ساعتين بعد أن مكثت أكثر من شهرين بين يدي أبرز المهندسين والخبراء الفنيين في الوكالة! طلب مني ترك السيارة معه ليغير الزيت وفلاتر الهواء والفحص عليها للتأكد من حالتها وبعد سويعات أرسل لي مقطع فيديو يظهر العداد بسرعة ١٢٠ كم/س. حقيقة لم أجد في معاجم اللغة أي كلمة أو عبارة شكر تناسب الشاب محمد الغريري وبالخصوص عندما علمت بأن مبلغ الإصلاح لم يتجاوز ٣٠٠ ريال الذي لايقارن أبدا مع الوكالة.

انتهى الجزء الأول من القضية.. أخذت السيارة وأوقفتها عند باب الوكالة وطلبت من المسؤول الخروج معي لمدة دقيقة فما أن رأى السيارة والمحرك يعمل تغيرت ألوان وجهه مستغربا تارة ومستفهما تارة أخرى بكيف ومتى وما وماذا وأين؟؟ طالبته بإعادة السيارة تحت الضمان لماتبقى لها من سنتين فرفض وعادت المراسلات مرة أخرى ولم تجدي نفعاً أيضا.

حينها تغيرت الخطة وتم الإستعانة بوزارة التجارة بالمراسلات عبر البريد الإلكتروني والتويتر فكانت الإستجابة مشرفة ولم أتوقعها أن تكون بهذه السرعة. في خلال ساعة تقريبا وردني إتصالا من أحد الموظفين في الوزارة طالبا بعض البيانات، وبعد يومين وردني إتصالا من إدارة الوكالة لمعرفة التفاصيل وتزويدهم بمايثبت من مراسلات سابقة. وفي غضون أسبوع أتصل أحد الإداريين مقدما الإعتذار من الإدارة لكل ماحدث بالإضافة إلى إعادة السيارة للضمان وتقديم خدمات صيانة دورية مجانية. 

وختاما كلمات شكر وتقدير وامتنان لابد من تقديمها للأخ العزيز المتميز محمد الغريري لإنقاذ السيارة من فكي التشليح وللدور الكبير الذي قامت به وزارة التجارة ووقفتهم المشرفة وتجاوبهم السريع لضمان حقوق المواطنين والمستهلكين.


عبدالله الحجي
٢٠١٥/٣/٢٨

أف .. غداً دوام

قياسي
ماالذي يجعل بعض الطلاب يتطلعون للإجازة تلو الإجازة وما أن تحدث تغيرات جوية طفيفة تراهم أمام شاشات التلفاز ومتابعين للتويتر ينتظرون الإعلان بأن يوم غد إجازة رسمية وكأنهم يترقبون هلال العيد؟ وماالذي يجعل بعض الموظفين يتثاقلون كل صباح للذهاب إلى عملهم وخصوصا أول يوم في الأسبوع الذي ماأن يأتي حتى تشرئب الأعناق بانتظار عطلة نهاية الاسبوع؟ وما الذي يجعل بعض المتطوعين في الأنشطة الخيرية يقبلون عليها بكل رغبة وشغف لاينتابهم حالات التقاعس والتثاقل؟


التحفيز هو أحد الأسباب التي تلعب دوراً كبيراً في خلق هذه الحالات. فالطالب والموظف إذا لم يجد مايحفزه ويرغبه ويجذبه للذهاب إلى المدرسة والعمل فذلك يولد لديه شعوراً بعدم الرغبة والحماس للذهاب، والعكس مع المتطوع في الأنشطة الخيرية الذي يشعر بوجود قوة وجاذبية تجذبه للعمل والإخلاص والتفاني بالرغم من عدم حصوله على مردود مادي مقابل مايقوم به. فماهو التحفيز وماالذي يحرك ويحفز الإنسان؟ وهل هو ذاتي أم تتدخل فيه عوامل خارجية؟ وأيهما أكثر تأثيرا الحوافز المادية أو المعنوية؟
 
يعرف برلسون وستاينر التحفيز بأنه “شعور داخلي لدى الفرد يوّلد فيه الرغبة لاتخاذ نشاط أو سلوك معين يهدف منه الوصول إلى تحقيق أهداف معينة”.
 
وقد انتشرت عدة نظريات عن التحفيز منها نظرية الاحتياجات المتسلسلة (الهرمية) لماسلو (Maslow) الذي حدد خمسة أنواع من الاحتياجات التي يبحث عنها الإنسان بالترتيب ابتداء من: أولاً: الإحتياجات الفسيولوجية مثل المأكل والمشرب والمسكن والملبس، وثانياً: احتياجات الأمان ليشعر بالأمان والاستقرار في العمل وخارجه، وثالثاً: احتياجات اجتماعية ليعيش ويشارك مع المجتمع ويستمتع بقضاء وقت كاف مع أسرته، ورابعاً: احتياجات الإحترام والتقدير لجهوده وانجازاته سواء بكلمة شكراً أو التقييم السنوي أو الترقيات، وخامساً: تحقيق الذات بحيث  يبدأ الإنسان في البحث عن تحقيق الذات بتقديم أفضل مايمكنه ويستغل كل طاقاته وامكاناته ويشعر بقمة السعادة مع كل إنجاز وتقدم يحققه.
 
ومن النظريات الأخرى نظرية إي آر جي (ERG) التي تشبه نظرية ماسلو ولكنها لاتركز على الترتيب و حاولت إعادة تصنيف الاحتياجات إلى ثلاثة أنواع فقط كالتالي: أولاً: احتياجات البقاء (الفسيولوجية والأمان)، ثانياً: احتياجات الارتباط (الإجتماعي) وثالثاً: احتياجات النمو (التقدير وتحقيق الذات). ويوجد نظرية هيرزبرج (Herzberg) التي تعتمد على عاملين أحدهما العوامل الصحية (الأساسية) التي لاتحفز الشخص بل تجعله راضياً والعامل الثاني يتضمن الحوافز مثل العمل المثير والتقدير وفرص النمو والإنجازات وتحمل المسؤوليات.
 
بكل تأكيد تختلف الحوافز من شخص إلى آخر فالبعض تحفزهم المادة أكثر من أي شيء آخر ودائماً يتطلعون إلى الراتب ومقدار الزيادات السنوية. والبعض الآخر يتطلعون للحوافز المعنوية والتقدير والإحترام. ومنهم من يحتاجون مزيجا من الحوافز المادية والمعنوية. فالموظف على سبيل المثال الذي يتثاقل في الذهاب إلى عمله قد يكون بسبب عدم توفر البيئة الملائمة التي تجذبه وتشوقه للعمل، أو عدم وجود الحوافز المادية المشجعة، أو عدم وجود المسؤول الذي يحببه ويرغبه في العمل، أو عدم وجود الأمان والاستقرار، أو عدم وجود الإحترام والتقدير، أو ابتعاده عن الأسرة والمجتمع، أو عدم وجود التحديات الكافية التي تشجعه على الإنجاز وتحقيق الرضا الذاتي.
 
يختلف الأشخاص في كيفية التحفيز فنسبة كبيرة منهم يحتاجون للتحفيز الخارجي ليدفعهم ويشجعهم ويعطيهم شحنة للتقدم والإنجاز. ولكن مع الأسف هذه الشحنات من التحفيز الخارجي مفعولها قصير المدى لفترة محدودة وبعدها يعود الشخص إلى مكانه في حالة من الخمول والكسل والفتور. هذه الشريحة تحتاج دائما للتحفيز المتواصل لدفعها للإنتاج وهي غير مبادرة وكثيراً ماتلقي باللوم على البيئة المحيطة والأشخاص الآخرين. يقول زيج زجلر: “يقول الناس غالباً أن التحفيز لا يدوم طويلاً. حسناً، كذلك الاستحمام، ينصح به بشكل يومي.”
 
والشريحة الأخرى هي التي تتميز بالتحفيز الذاتي ولاتنتظر مايحفزها من الخارج. فهؤلاء الأشخاص لديهم رؤية واضحة ورسالة وأهداف سامية يصبون لتحقيقها في حياتهم على مختلف الأصعدة الشخصية والأسرية والإجتماعية سواء كانت روحية أو صحية أو مالية أو مهنية أوغيرها. هذه الشريحة لاتحتاج لتوجيه كثير ولالمتابعة مستمرة بل تملك طاقة عالية ورؤية واضحة تجذبها وتدفعها للإنجازوالتقدم والأخذ بزمام الأمور والحرص على التميز في الأداء. يقول ستيف جوبز:”أعمل ماتعتقد بأنه عمل عظيم، الطريقة الوحيدة في أنك تعمل عملاً عظيماً هي أن تحب ماتعمل”.
 
التحفيز مهارة يحتاجها القادة والآباء والمربون وغيرهم، ولتحقيق أفضل النتائج يتطلب الأمر دراسة وتحليل كل شخصية بمفردها لمعرفة أنجع الطرق وأكثرها فاعلية لتحفيز كل شخص ورفع معنوياته وتحقيق الأهداف المرجوة. 
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٣/٢٥
 

ماتركز عليه تحصل عليه

قياسي
 
لدي مهام كثيرة هذا اليوم ولكني لم أنجز أيا منها! عبارة تتكرر كثيرا لدى بعض الأشخاص لإخفاقهم في إنجاز مالديهم من أعمال وذلك يعود لأسباب مختلفة منها فقدان التركيز. فماهو التركيز ومتى نحتاجه ولماذا وماهي بعض الطرق التي تساعد على التركيز؟ تحدثنا في المقال السابق عن التفويض وفي هذا المقال نتناول موضوع التركيز وأهميته في زيادة الكفاءة والإنتاجية.
التركيز هو تخليص الذهن مما يشتته والإهتمام بشئ معين في وقت محدد. البعض يحاول العمل على إنجاز أكثر من مهمة في نفس الوقت متنقلا من مهمة إلى أخرى فينتهي به الأمر إلى عدم إنجاز أي شيء. وأحيانا يتناول مهمة واحدة ولكنه لايتمكن من إنجازها خلال الوقت المتوقع بسبب عدم تركيزه.

إذا انعدم التركيز أصبح الإنسان عاجزا عن تحقيق أهدافه وتدنت كفاءته وقلت إنتاجيته وقد يهدد الخطر حياته. بدون التركز لايمكن الجلوس والقراءة في كتاب لأكثر من دقائق معدودة، ولايمكن الكتابة والتأليف، ولا المذاكرة والدراسة، ولا التحليل وحل المشكلات واتخاذ القرارات، ولا إجراء العمليات الجراحية، ولا قيادة السيارة وتشغيل الآلات والمعدات، ولا الخشوع والتلذذ في الصلاة والعبادة، ولا الإبداع والإبتكار، ولا التنفس بطريقة صحيحة، ولا .. ولا.. 

في حياتنا العصرية كلما زاد التطور والتكنولوجيا أصبح الإنسان مشغول الذهن أكثر وأكثر ومن أبرز مايشتت ذهنه الجوالات الذكية والشبكة العنكبوتية والتلفاز ووسائل التواصل الإجتماعي وغيرها التي غزت حياتنا وأصبحت جزءا لايتجزأ منها وطغت سلبياتها على إيجابياتها مع بعض الأفراد وانعكست على حياة الكثيرين في مختلف الميادين.

أسباب انعدام التركيز كثيرة وتختلف من شخص لآخر وحسب نوعية العمل وهذه بعض المقترحات العامة للتطوير من القدرة على التركيز: 

١- التخطيط الجيد ووضع الأهداف المختلفة سواء كانت طويلة أو قصيرة  المدى.
٢- تحديد الأولويات والعمل على تنفيذ الأهم فالمهم وعدم تشتيت الذهن والتنقل من مهمة إلى أخرى.
٣- تفعيل قائمة الأعمال اليومية أو ما يعرف بقائمة (To do) بكتابة جميع الأعمال والمهام التي ترغب بإنجازها خلال اليوم.
٤- تنظيم وترتيب مكان العمل والمنزل والتخلص من كل شئ لاتحتاجه برميه أو وضعه في المكان المناسب للرجوع إليه وقت الحاجة.
٥- التحكم في التكنولوجيا لكي لانصبح عبيدا لها. سوء استخدامها جعل منها أدوات عدوة بدلا من أن تكون صديقة وأسهمت بشكل كبير في سلب التركيز في مجال العمل والعلاقات الأسرية والإجتماعية. 
٦- الكثير من الوقت المهدور يمكن توفيره وزيادة التركيز عندما تجعل أجهزتك الذكية على الصامت ولاتصدر أي صوت أو اهتزاز. فماهو حاصل الآن البعض يضبط جواله لصدور نغمة عند وصول كل رسالة، فيترك مافي يديه ليقرأ الرسالة وعلى ذلك قس كم رسالة وكم ساعة ذهبت هباء منثورا. بالطبع إغلاقها لايكفي إذا كانت لاتزال مفتوحة في عقلك ودائما تفكر فيها. 
٧- التحكم في الرسائل الإلكترونية (الإيميلات) بالإستفادة من المميزات الموجودة لفرز الرسائل الواردة أتوماتيكيا وذلك بتوجيه الرسائل الواردة إليك والمتطلب منك اتخاذ قرار والرد عليها إلى المجلد الرئيس وماعداها إلى مجلدات أخرى تقرأها كلما سنحت الفرصة. 
٨- أخذ قسط كاف من الراحة والإستراحات القصيرة بين المهمة والأخرى.
٩- الراحة النفسية والجسدية والنوم الكافي وتجنب السهر فإن ذلك يساعد كثيرا على التركيز وتنشيط القدرات الذهنية والجسدية.
١٠- الإسترخاء ولو لمدة خمس دقائق يوميا في مكان هادئ وممارسة التنفس بالطريقة الصحيحة.
١١- عدم تضييع الوقت في البحث دائما عن الكمال والجودة المطلقة فكثير من الأعمال يكفي فيها الجودة حتى بمقدار ٨٠-٩٠٪ وماتبقى من نسبة قد تستغرق ضعف الوقت المستغرق والذي يمكن الاستفادة منه في انجاز مهام أخرى أكثر أهمية.
١٢- الإستفادة من الإجازة والاستمتاع بالطبيعة الخلابة التي تضفي على النفس الراحة والطمأنينة وتعيد شحن بطاريتك لتعود بكامل طاقتك ونشاطك.
١٣- ممارسة الرياضة والتغذية الصحية.
١٤- ممارسة الهوايات والإستفادة من الألعاب والبرامج التي تحفز العقل بعيدا عن الضغوط النفسية.
١٥- التدريب باستمرار على التركيز كماهو الحال في تدريب العضلات. 
 
عندما تركز على أمر معين فإنك ستبذل كل مايمكنك لإنجازه في الوقت المناسب وستبذل قصارى جهدك وكامل طاقتك وكل ماتملك من مهارات في التواصل والإقناع والحوار والتفاوض إن لزم الأمر. قانون التركيز “ماتركز عليه تحصل عليه” ليس مختصا بمجال دون آخر بل تحتاجه في جميع شئون الحياة. فإن كنت تركز على الخير والسعادة والنجاح ستحصل عليهم، وإن كان تركيزك على الشر والتعاسة والفشل ستحصل عليهم بكل تأكيد، والأمر يعود إليك ماذا تريد..
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٣/١٨



كن واثقاً بقدراتك وإمكاناتك

قياسي
ولد بلا رجلين ولا يدين و عانى الكثير من الناحية النفسية والجسدية وحاول الانتحار ولكنه لم يستسلم ويسمح لإعاقته بأن يكون مسلوب الهوية والإرادة عاجزا عن تحيق أحلامه، بل اتخذ قرارا غيّر مسرى حياته و أصبح أحد الملهمين والمحفزين لغيره من الأسوياء الذين عبروا عن خجلهم لاحتقارهم لأنفسهم واستصغار قدرهم. لم يتوقف عند ذلك بل واصل دراسته وتخرج من الجامعة وتزوج ورزق بطفل ولا يزال يتمتع بنفسية عالية وصحة جيدة ويمارس بعض أنواع الرياضة والبسمة لاتفارق شفتيه. إنه الأسترالي نيك فيوتتش الذي ولد عام ١٩٨٢ كما يبدو في الفيديو المرفق لمن لم يشاهده من قبل.
إعاقته ليست في الرجلين فقط أو اليدين بل لم يملك أياً منهما وقد استطاع نيكولاس تحقيق حلمه وهو بهذه الحالة بصراعه وكفاحه ومثابرته. فما الذي يمنع من يملك جميع اطرافه وليس به عاهة او إعاقة ويتمتع بصحة جيدة ان يستثمر في نفسه؟
 
 فما حققه الآخرون لم يأتي من فراغ بل هي أحلام عاشوها وجعلوها أهدافا لهم وبذلوا كل مابوسعهم لتحقيقها. الحياة مليئة بالمصاعب والمتاعب وتريد من يملك العزيمة والإرادة، تريد من يملك الإصرار، تريد من لايعرف للفشل والاستسلام طريقا، تريد من يتحرر من السلبية ويتقلد الايجابية، تريد من يتحرر من السلاسل والأغلال التي تكبله فيقبع في مكانه متقوقعاً يندب حظه ويشكوا حاله وينتظر من يأخذ بيده ليرسم له السعادة والنجاح. الحياة جميلة لمن أرادها أن تكون جميلةً، وتعيسة لمن أرادها أن تكون تعيسة فالخيار لي ولك كيف نريدها أن تكون وماذا نريد أن نكون…
 
لقد أودع الله في الإنسان  قدرات خفية وطاقات يمكن أن يستثمرها في أي مجال يميل إليه ليتحرر من أي قيود ويرسم طريقه بما يتناسب مع رغباته وطموحاته. بلوغ الأمر المطلوب لايكون بالجلوس والتمني والمصباح السحري بل يحتاج للتحلي بالصبر والتضحية والإصرار والعزيمة مع مستوى عال من الإيجابية و الثقة بالنفس والقدرات والإمكانات. يقول المتنبي:
 
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ           فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ         كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ
 
 
ويقول أحمد شوقي
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي           وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَما استَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ     إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُمْ رِكابا
 
لا تقلل من قيمتك لنفسك فماحققه العظماء في نظرك تستطيع تحقيقه أنت لتكون عظيما مثلهم كل في مجاله ورغباته. لامجال لهدر الوقت فيما لايجدي نفعا ولوم الذات بعدم بلوغ المراد فالأمر يعتمد عليك كيف ترغب في تصميم وتخطيط حياتك، وما مدى جديتك في الاستثمار في نفسك وعقلك فالحياة كلها فرص ولكنها ليست للخاملين العاجزين الذين ينتظرون التغذية بملعقة من ذهب. نعم كلنا بحاجة أن نجلس بين الفينة والأخرى لنحاسب أنفسنا ونقيم أداءنا وننفض الغبار عن عقولنا لكي لايتراكم عليها ونكون في ركب العقول الدفينة.
 
الاستسلام  في بداية الطريق يعد احتقارا للذات البشرية والقدرات والامكانات التي أودعها الله في الإنسان. فكل إنسان يملك طاقات لامحدودة بداخله ويمكنه تحقيق كل شيء يريده إذا ما أيقظها من سباتها وسعى في تنمية مهاراته وهواياته. وممن كتب في هذا المجال أنتوني روبنز صاحب الكتاب المشهور “أيقظ العملاق بداخلك” والذي يستعرض فيه أن الإنسان بحاجة لاتخاذ القرارات الحازمة الملزمة  في كل مجال من مجالات حياته ويسعى مباشرة بخطوات عملية للتنفيذ لكي يتجسد مايريده على أرض الواقع. ويقول “إذا كنت دائما تعمل ماكنت تعمله، ستحصل دائما على ماكنت تحصل عليه.”
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٣/٦

القيادة الناجحة والتفويض الفاعل

قياسي
في كل يوم يقضي ساعات إضافية على ساعات العمل المحددة ويشكو من تراكم الأعمال ويعيش ضغطاً نفسياً، ويتأخر في إنجاز مهامه خلال الفترة الزمنية المتوقعة. مثل هذه المواقف ربما تكون مقبولة تحت ظروف خاصة أما أن تكون بشكل مستمر فذلك ينم عن وجود خلل في منظمة العمل يتمثل في نقص الموارد، أو كفاءة القائد نفسه وافتقاده لبعض المهارات التي يحتاجها مثل حسن إدارة الوقت وتحديد الأولويات والتركيز والتفويض الفاعل وغيره من الأسباب، وفي هذه المقالة سنركز على مهارة التفويض.

التفويض الإداري يعني منح القائد بعض صلاحياته ومهامه لمرؤوسيه لتنفيذها ولكنه يبقى مسؤولا عنها. بعض القادة يفتقدون لمهارة التفويض فينتهي بهم الأمر لعمل كل شيء بأنفسهم وذلك يعود لعدة أسباب منها حبهم في السيطرة والنفوذ والمركزية والتحكم في كل شيء، وحرصهم على نيل التكريم والشكر والتقدير لأنفسهم بدلا من توجيهه لأشخاص آخرين يعملون معهم، كما أن البعض يعتبر ذلك مما يهدد مستقبله ومنصبه بالخطر. ومن الأسباب عدم ثقتهم بالفريق الذي يعمل معهم مما يجعلهم دائما في حالة خوف وهلع من الفشل والإخفاق في حال عدم إمكانية إنجاز المهمة على أكمل وجه خلال الفترة الزمنية المحددة،  وأحيانا يتوهمون بأن ذلك فيه ضياع الوقت بسبب تدريب الأفراد ومن الأفضل إنجاز المهام بأنفسهم مهما كلفهم الأمر وجعلهم يعملون لساعات كثيرة بشكل روتيني تحت ضغط نفسي يؤثر على صحتهم وعلاقاتهم الأسرية والإجتماعية.
 
القائد الناجح ليس من يحرص على إنجاز كل شيء بنفسه بل من يكون بارعاً ماهراً في التفويض ليحقق عدة فوائد منها التخلص من العبء والضغط النفسي وإنجاز مهامه ضمن الأطار الزمني المحدد ومضاعفة الإنتاجية، واستغلال الوقت في وظيفته الحقيقية كقائد للتخطيط الاستراتيجي وتحقيق الأهداف وفق الرؤية  والرسالة المتفق عليها. ومن الفوائد تطوير المنظمة التي يعمل فيها والتابعين له من أعضاء فريقه، وتعزيز الثقة بهم، والاستثمار في تدريبهم بكل فخر لكسب مهارات جديدة. كما أن التفويض يساعد في تأسيس وصنع قادة ذوي مهارات عالية يمكن الإعتماد عليهم بعيداً عن الأنا والخوف من فقدان المنصب والكرسي… فكما قيل لو دامت لغيرك لما وصلت إليك.
 
التفويض لايعني التخلص من العمل ورميه على الغير بطريقة عشوائية بل ينبغي أن يتم بطريقة مناسبة بتقديم الشرح الوافي والإتفاق على الأهداف والنتائج النهائية مع المفوض إليه، والمتابعة الدورية خلال فترة الإنجاز للتأكد من السير على المنهجية والخارطة التي تحقق النتائج المطلوبة في زمن محدد. كما ينبغي من القائد أن يعزو كل تقدم ونجاح لمن قام بإنجاز المهمة، ولاينسب النجاح لنفسه ويبخس حق المفوض إليه. ومن سمو الأخلاق أن لا يتنصل القائد عن المسؤولية ولا يلقي باللوم والعتاب على المفوض إليه أمام الآخرين إذا ماحصل تقصير أو إخفاق.
 
ومن النماذج السلبية أن بعض القادة يسيء المغزى من التفويض ويكون إنتقائيا باختيار المهام التي فيها مصلحة له وإبراز لذاته ويرمي بغيرها على أفراد فريقه. والبعض منهم يرمي كل صغيرة وكبيرة على من يعمل معه ليستمتع هو بمتسع من الوقت متحررا من العبء والضغوط النفسية وغير مكترث من نقل المشكلة لمن يعمل معه ليصارع الوقت والضغوط النفسية.  
 
عبدالله الحجي

٢٥/٢/٢٠١٥


مماطلات ومحسوبيات في تخليص المعاملات

قياسي
في زيارة لإحدى الجهات أخذت رقما وانتظرت، وماهي إلا دقائق وظهر رقمي على الشاشة الالكترونية. ذهبت إلى الموظف وأخبرني بأن تنفيذ الطلب سيتأخر، فسألته كم يستغرق من الوقت ساعة،  يوم أو أكثر؟ فأجاب لا.. يستغرق تقريبا عشر دقائق.
فتبسمت وسألته متعجبا وهل ترى ذلك تأخيرا؟ فقال نعم.. لقد بدأت الإدارة بتطبيق برنامج المراقبة للموظفين لمعرفة عدد العملاء الذين يخدمهم كل موظف خلال ساعات العمل والوقت المستغرق لكل عميل، وعليه يحاول كل موظف الحرص على عدم إضاعة الوقت ومراعاة الإنتاجية بخدمة أكبر عدد ممكن من العملاء خلال فترة زمنية وجيزة.
 
فمازحته وأين الإدارة عن تطبيق ذلك من قبل؟ ثم أثنيت عليها لحرصها على تطوير خدماتها بما يصب في خدمة العميل ورضاه واحترام وقته وتقديم أفضل الخدمات له. فلم يعجبه كلامي وقال ولكنك ياعزيزي لاتعرف حجم الضعط النفسي الذي خلقته هذه المراقبة على الموظفين لكي يظهر كل منهم بالأداء المتميز ليضمن البقاء على رأس العمل ويكون أسمه في أعلى القائمة عند الإدارة.
 
نكتفي بهذا القدر من الحوار مع الموظف، وموقف آخر شاهدته في تخليص الجوازات في مطار هونج كونج حيث كان المطار مكتضا بالمسافرين ومن حولهم طاقم من الإدارة يقوم بإحصاء المسافرين الواقفين في طابور الإنتظار ودراسة وتقييم الوقت المستغرق لكل مسافر وعلى ضوئه تحديد العدد المناسب من الموظفين لتسريع الإجراءات مراعاة للمسافرين.
 
كل مواطن يشعر بالراحة النفسية عند مراجعة أي جهة تحترمه وتحترم وقته وتحرص على تنفيذ إجراءاته في وقت قياسي. ولكن مع شديد الأسف الملاحظ في بعض الدوائر أن الموظف لايكترث بمقدار الوقت الذي تستغرقه كل معاملة فتراه تارة يستمتع بحديثه مع زملائه، وتارة أخرى لايترك الإتصالات التي ترده على جواله والتي يقوم بها بنفسه، وتارة يذهب لفترة الراحة والتدخين والصلاة ومتى ما عاد يعود، وأحيانا يباشر تخليص المعاملات ولكن على آقل من مهله مستغرقا أضعاف الوقت المتوقع بحيث لايقوم بتخليص ربع المعاملات التي يخلصها زميل يجلس بجانبه، وتارة أخرى يكون مشغولا بتخليص المعاملات التي تأتي من الباب الخلفي والتي يحضى أصحابها بأولوية لاجدال فيها!
 
كل ذلك يجري بلاحسيب ولا رقيب سواء أنهى معاملة واحدة أو عشر معاملات فهو يرى نفسه صاحب معروف وفضل على العميل إن شاء أن ينهي معاملته اليوم وإن شاء تأخيرها لمدة أسبوع أو أكثر. ذلك أمر طبيعي عندما يتساوى جميع الموظفين ولايوجد تفاضل بينهم، وعندما تنعدم المراقبة الدقيقة للأداء، وعندما ينعدم التحفيز والتشجيع وتكريم المتميزين، وعندما يغيب العقاب ومحاسبة المقصرين. ماتقدم يخص الإدارة وأما من جانب الموظفين لايتورع عن المماطلة في تأخير العملاء والتقصير في عمله من لايعيش الرقابة الذاتية التي تردعه عن ذلك، كما لايكترث من لايستشعر الرقابة الربانية ممن لايخفى عليه شيء.
 
كثيرة تلك المواقف التي يعيشها كل مواطن ولا يمكن حصرها في مقال واحد فكل له مواقفه التي لاينساها. فكم هي النوافذ والكبائن والمكاتب المخصصة لخدمة العملاء ولكن أكثرها قد علق عليه لوحة مغلق بالرغم من وجود العشرات بل المئات من المنتظرين.. أهو بسبب قلة الموظفين؟ فإن كان كذلك فأين هي تلك الأيادي العاطلة خريجة الثانوية والجامعة التي سئمت الإنتظار؟ وإن كان بسبب الكفاءة والفاعلية والإنتاجية فأين برنامج الرقابة والتحفيز والتشجيع والتكريم والعقاب؟ ومن جهة أخرى ماهو منشأ فلسفة أنتهى العدد المحدد لهذا اليوم فنرجو أن تراجعنا غدا كما هو منتشر في بعض الدوائر حتى وإن كان ذلك خلال الساعة الأولى من بداية الدوام؟ أليس المراجعون هم موظفون من جهات أخرى ممن يواجهون صعوبات وإحراجات من كثرة الإستئذان لمتابعة معاملاتهم، ومن حقهم استلام معاملاتهم خلال ساعات العمل وتحديد الوقت المناسب للمراجعة حسب الإمكانات المتوفرة؟ 
 
إنها أمنية كل صاحب معاملة أن يستشعر كل موظف وكل مسؤول بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في أي جهة كان، وأن يبذل كل مافي وسعه لتخليص المعاملات في أسرع وقت ممكن، متحلياً بالأخلاق الحسنة، ومراعياً كرامة العملاء ومقدراً قيمة وقتهم، وباذلاً قصارى جهده لراحتهم.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٢/١٢
 

حَمام جاري كرهني داري

قياسي

ربما يكون الموضوع خارجا عن المألوف من عنوانه وقد اخترته ليكون استراحة للتغيير عن المقالات المعتادة ولكن بعد الإنتهاء منه وجدته لايخلوا من الطرفة والدروس والعبر التي يمكن الإستفادة منها في شتى شؤون الحياة. في جلسة مع الأصدقاء بدأ أحدهم يبث شكواه ومعاناته مع الحمام مستنجدا وطالبا المساعدة في الحصول على حل ينهي مأساته. يقول قرر جاره أن يبيع داره لظرف ما وتفاجأت بأن الشخص الجديد الذي اشتراه وضع أقفاصا في سطح المنزل وملأها بأسراب من الحمام. كان الوضع طبيعيا في بداية الأمر ثم بعد ذلك شاهد الحمام يحلق ويحيط بداره ويوما بعد يوم الأعداد في تزايد مستمر. واجهات المنزل الأربع والتهاوي من كل الجهات أصبحت مطرزة بأوساخ الحمام. النوافذ أصبحت غرفا يبني فيها الحمام أعشاشه ليضع فيها بيضه ويتكاثر،  بالإضافة إلى الرائحة والحشرات والديدان. يقول مضى على ذلك أكثر من أربع سنوات ولازلت أعاني مع أسرتي من التنظيف بشكل دوري بالرغم من كثرة التجارب والمحاولات.

البعض منا اعتذر عن تقديم أي مساعدة لأنه لم يخض مثل هذه التجربة من قبل ومنهم من قام بالتفكير معه بصوت مرتفع لطرح بعض الحلول فتفاجأ الجميع بأنه أصبح موسوعة لمعالجة الأمر. يقول بدأنا بالبحث في الشبكة العنكبوتية واستهلكنا كل التجارب والمقترحات ولم تجدي نفعا. ثم جلس مع عائلته في جلسات عصف ذهني لابتكار طريقة مجدية وحسب كلامه ممازحا بأن عدد التجارب التي قام بها يمكن أن ينافس تلك التي قام بها توماس أديسون لإختراع المصباح.

لقد توقف الحضور عن إبداء أي مقترحات وطلبوا منه أن يشارك معهم بعض الحلول. فأخذ يسرد الكثيرا منها مما ساهم في علاج الوضع مؤقتا ولكن لايلبث كثيرا حتى يعود الوضع على ماهو عليه أو أسوأ وكأن الحمام يبدي تحديه لجميع محاولاته ويقول له أنا لك بالمرصاد مهما فعلت!

نصحه أحد جيرانه بأن يكون أكثر إيجابيا ويترك الحمام وشأنه ولايزعجه فوجوده في المنزل فيه منفعة لطرد الشياطين.. فرد عليه بغضب خذ الحمام في بيتك واترك الشياطين (ههه)… وماهي إلا فترة وجيزة وإذا بالحمام يغزوا بيت الجار ومن حوله وينتشر في معظم المنازل فأتى إليه الجار يستغيث طالبا أحد الابتكارات والأفكار بعد أن عاش التجربة وخاض المعاناة.

يقول اقترح عليه أحد المزارعين وضع مادة سامة ليتخلص منهم ولكنه رفض ذلك البتة متحملا الأذية ولايتسبب في أن يكون سببا في موتهم. انتهت قصته وقد عالج جزءا من المشكلة المتعلق بالنوافذ ولكن انتشر الحمام في أماكن أخرى ولازال المسكين هو وعائلته في معاناة مضنية بحثا عن حل وسط مرض بينه وبين الحمام.

كان الله في عونهم وعون من يعيش نفس المشكلة. ولابأس أن نقف على شيء يسير من بعض الدروس والعبر من هذه التجربة والمواقف.

١- من أهم الدروس التي نستفيدها هو تفادي تصاميم النوافذ والواجهات التي تسمح لمختلف الطيور بالوقوف عليها واتخاذها بيوتا للتكاثر فيها.

٢- يقال إسأل عن الجار قبل الدار ويقول سيدنا المصطفى (صلى الله عليه وآله): “لازال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”. فأين هي حقوق الجار عند صاحب الحمام الذي أتى به وأطلقه ليؤذي جميع جيرانه؟

٣- التحلي بالصبر وعدم اليأس والإستسلام فلاشيء مستحيل وكل مشكلة ولها حل طال الزمن أو قصر.

٤-الحاجة إلى تبادل الثقافات والمعلومات والتجارب مع الآخرين ليستفيد كل شخص من دروس الآخرين ويبدأ من حيث انتهوا إليه.

٥- لايوجد فشل في هذه الحياة بل هي تجارب تتعلم منها أشياء جديدة فلا تتوقف عن المحاولات وإن بلغت مئات المرات فلابد وأن تصل إلى مايحقق أهدافك بنجاح.

عبدالله الحجي
٢٠١٥/٢/٢