6-8 ساعات؟؟ يعني ثلث اليوم!!!
هل أصبحنا عبيدا للتكنولوجيا؟
قياسي6-8 ساعات؟؟ يعني ثلث اليوم!!!
لقد استوقفتني فقرة من فقرات الحفل وأبيت إلا أن أنثر هذه السطور لنستلهم منها عبرة ودرسا في حياتنا العملية، ألا وهي فقرة الحوار مع الشيخ عبدالله الرصاصي وابنه الشبل محمد الذي حفظ القرآن الكريم بأكمله عندما بلغ السابعة من عمره. لقد توجه الحضور لمحمد بالأسئلة المختلفة والتي منها ذكر موضوع معين كالخمس والوضوء وغيره وهو يقرأ الأية المتعلقة بذلك. وسؤاله بإكمال آية ما وأكثر من ذلك قراءة أية له وهو يقوم بذكر اسم السورة ورقم الآية ورقم الصفحة بكل ثقة.
لقد كان مسجد الإمام الحسن (ع) يضج بالصلوات من قبل الحضور وقد توجه إليه البعض بعد الانتهاء ليتشرف بالسلام عليه ويبدي فخره واعتزازه بذلك الشبل الذي يحفظ بين طيات صدره كامل المصحف الشريف. إنه الشرف وكل الشرف أن يكون الإنسان حافظا لكتاب الله المجيد هو وكذلك أبناؤه ولكن ذلك لايكون بين عشية وضحاها ولايكون بالتمني فقط فكما قال الشاعر أحمد شوقي: “ومانيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا”.
بعدها بسويعات ذهبت مع أحد الأصدقاء للعزاء بوفاة أحد المؤمنين، وقبل الدخول وقفت تلك السيارة أمام مجلس العزاء .. نزل منها رجل يرتدي عباءة يتمتع بكامل صحته … ترك الباب مفتوحا من خلفه، ودخل مجلس العزاء … حينها وقفت أتأمل وأتساءل لم ترك الباب مفتوحا؟ فإذا بالسائق نزل من السيارة وتوجه لإغلاق الباب ونظر إلي نظرة خاطفة وكأنه يجيب بلسان الحال .. أنا من يفتح الباب وأنا من يغلقه، فقد تركت أسرتي، وهذه مهنتي وعليها أتقاضى أجرتي والله أعلم بحالتي .. ثم عاد إلى مكانه للانتظار!!
عبدالله الحجي
هذا العنوان ذكرني بمقطع فيديو قديم شاهدته على اليوتيوب بعنوان «قوة الكلمات» كان مرفوعاً منذ فبراير 2010 وبلغ عدد المشاهدين حتى تاريخه أكثر من 19مليوناً. هذا المقطع يوضح اندهاش رجل كفيف بمدى تفاعل المتبرعين له جراء تغيير العبارة المكتوبة إلى جانبه من «أنا رجل كفيف… الرجاء المساعدة» إلى «إنه يوم جميل وأنا لا أستطيع رؤيته». ما من شك فإن العبارة الجديدة لها وقع كبير في النفس ودغدغة العواطف والمشاعر مما تجعل المتبرع يتفاعل ويضاعف من عطائه، هذه الكلمات لا تخص مديري المشاريع فقط بل تشمل عديداً من المجالات والأدوار التي نعيشها في حياتنا سواء في المنزل مع الأبناء والزوجة أو في العمل مع الرئيس والموظفين أو في الحياة الاجتماعية مع الأصدقاء وسائر البشر. واقعاً قبل ذلك كله فالأمر يتعلق بالشخص نفسه فأنت من تبرمج عقلك الباطن بنوعية رسائلك وكلماتك المستمرة له. فكلما كانت الرسائل إيجابية حتماً سيكون تأثيرها إيجابياً في تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز والتفاني والإخلاص وتحسين الأداء والتميز والإنتاجية العالية وحسن التعامل والمعاشرة مع الآخرين، والعكس عندما تكون الرسائل سلبية.
كل شخص هو قائد في مجال عمله أو منزله أو أي من الأنشطة الاجتماعية، والقائد الفاعل يحتاج أن يملك مجموعة من السمات والمهارات تمكنه من التكيّف مع المواقف والأحداث واختيار الأسلوب والنمط الأمثل للتعامل مع فريقه والآخرين. ومن هذه المهارات مهارة التواصل الجيد والذكاء العاطفي باختيار الكلمات المناسبة لجذب الآخرين وتحقيق التوافق والانسجام والتأثير عليهم. الكلمة المناسبة يكون لها سحر في التأثير والتحفيز وخلق التعاون والتكاتف وروح الفريق الواحد. وفي الطرف المقابل فالاختيار غير الموفق لبعض الكلمات كفيل بأن يقضي على رصيد الإنسان في بنكه العاطفي وينتج عنه آثار سلبية تؤدي إلى هدم العلاقات الأسرية ولربما يصل الحد إلى الانفصال بين الزوجين وتشتيت شمل العائلة. وكذلك ينتج عنه آثار سلبية في العلاقات العملية والاجتماعية.
بكلماتك وأسلوبك وتعاملك قد تجعل الموظف ينفر من عمله ويقدم على النقل أو الفصل أو التقاعد المبكر مع أنه لايزال يتمتع بكامل قدرته وطاقته على الإنتاج والعطاء، وقد تخلق بكلماتك جواً من الحب والشغف بينه وبين عمله فينصهر وفاء وإخلاصاً وولاء ولا يقبل إلا أن يكون عمله عظيماً وإنجازاته المتميزة هي المحفز الأكبر له لتقديم المزيد. فكما قال ستيف جوبز الرئيس السابق لآبل: «الطريقة الوحيدة لتكون راضياً بحق هي أن تعمل ما تعتقد بأنه عمل عظيم، والطريقة الوحيدة لإنجاز عمل عظيم هي أن تحب ماتعمل»
بكل تأكيد أن كل شخص هو مسؤول عن تغيّر ذاته ولايمكن تغيير العالم بأسره كما قال الله عز وجل «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ». ولو غيّر كل شخص من كلماته فإنه حتماً سيغيّر من نفسه وعالمه في الدرجة الأولى ومن ثم سينتج عنه تغيير في العالم المحيط به. نعم بالانتقاء المناسب لكلماتنا يمكن أن نحدث تغييراً جذرياً ونؤثر إيجابياً على كل من نتعامل معهم ونخلق حالة من الألفة والانسجام والذكاء الاجتماعي لتدوم العلاقات الوطيدة ونحقق أهدافنا التي نصبو إليها بنجاح. ويسعدني أن أختم بمقولة القائد المهاتما غاندي العظيمة: «كن ذلك التغيير الذي تتمنى أن تراه في العالم»
٢٠١٤/٨/١٠
غير كلماتك .. تغير عالمك – صحيفة الشرق
يـــا مــــــــــن بـدنيــاه أشـتـغــل *** قــــد غــره طــــــــــــــــــول الأمــــل
المـــــــــــــــــوت يـأتـي بـغتــة *** والـقبــــــــر صنـــــــــــدوق الـعـمـــل
ولـــم تــــــزل فـــي غـفـلـــــــة *** حـتـــى دنـــــــــــا منــــــــك الأجـــل
يتصور الإنسان أنه حر في تصرفاته مع الآخرين، يفعل مايشاء ويتصرف كيفما يشاء يظلم هذا ويعتدي على ذاك ويسيئ بقول أو فعل لذاك بكبرياء وتغطرس واحتقار للكرامة الإنسانية، التي تفضل بها الخالق المنان وأعز بها الإنسان، ظنا منه أنه في مأمن، متغافلا ومتناسيا القانون الإلهي الطبيعي بأنه لابد وأن يأتي ذلك اليوم ليتجرع نفس الغصة ويشرب من نفس الكأس هو أو من يعيله ويعز عليه. هذه الكلمات الثلاث ليست مقتصرة على الجانب السلبي فقط بل تشمل الجانب الإيجابي، جانب الخير والإحسان إلى الآخرين قولا وعملا، فمن زرع خيرا حصد خيرا لنفسه وأهله وتفتحت له أبواب خير لم يكن يحتسبها ويتوقعها.
يقول علماء التنمية البشرية ضع نفسك مكان الآخر قبل أن تتلفظ بكلمة أو تقدم على أمر فإن ارتضيته لنفسك فاقدم عليه وإلا فاجتنبه لتتفادى الإساءة إلى الآخرين بما يزعجهم. إن كان ذلك في العصر الحديث فقد رسم هذه المنهجية سيد الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أكثر من 1400عام في تربيته وتهذيبه لسلوك أمته حيث يقول «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك» ففي ذلك درس لكسبهم ومراعاة مشاعرهم وتفادي العواقب الوخيمة غير المرضية، التي قد تحل بالفرد وانعكاساتها السلبية عليه وعلى الأسرة والمجتمع.
وما أروع الدرس الذي استلهمه ذلك الشباب -وأصبح من أرقى الدروس التربوية لمن فتح الله على قلبه- حينما أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال له أتأذن لي بالزنا؟! نظر إليه وقال: ادن! ثم قال: أترضاه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك! قال: فكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك! قال: وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم، أتحبه لابنتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك! قال: وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، وكذلك لعماتهم وخالاتهم). ثم بعد هذا كله مد الحبيب يده ووضعها على صدر الشاب، وقال: (اللهم اشرح صدره، واغفر ذنبه، وحصن فرجه).
إنه قانون شامل لا يختص بموضوع معين بل ينطبق على كل الأمور في هذه الحياة صغيرة كانت أو كبيرة، خيرا كان أو شرا فافعل ما شئت واحصد ما تزرع في بستانك ولا تلومن إلا نفسك فكما تدين تدان.
٢٠١٤/٥/٢٢
كما تدين تدان – صحيفة الشرق
مكانة ومنزلة الإمام الحسين (ع)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الاغترار بالدنيا والغدر والخيانة ونقض العهد
رفض الظلم والعدوان والذل
تضحية الإمام الحسين (ع) والبكاء عليه
سخط الله وغضبه
فسلام على الحسين الشهيد الذي لم تُراعى بقتله حرمة لجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أوصى بعترته خيرا. “قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ”. فسيبقى ذكر الحسين (ع) مخلد على مر العصور إكراما لرسول البشرية والإنسانية (ص) ومواساة له واستنكارا لهذه الجريمة النكراء التي أفرت كبده وأوجعت قلبه وقلب أبيه المرتضى وأمه الزهراء وأهل بيته النجباء (عليهم السلام).
١٤٣٦/١/١٠
الشكر اللفظي هو أقل ما يمكن العمل به لشكر الإله على نعمه التي ينبغي أن تسخر في طاعته ورضاه، لا في معصيته وسخطه. والإنسان الذي يرغب بتحقيق هذه المعادلة الربانية بزيادة العطاء والخير والنعمة مقابل الشكر، لا يكتفي فقط بلقلقة لسانه بل يجعل الشكر نابعاً من قلبه وأيضاً لا يتوانى عن الشكر العملي بالتقرب والزلفى إلى الله تعالى بتأدية الواجبات والمستحبات، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يفتر عن عبادة الله وكان أصحابه يقولون له إنك لا تحتاج لكل ما تعمله ولكنه يرد عليهم قائلاً: «أفلا أكون عبداً شكوراً؟».
نعم الله وآلاؤه جماء لا تعد ولا تحصى على عباده، ولكن النسبة الكبرى من البشر تفتقد ثقافة الشكر كما يؤكده قوله تعالى: «وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ» ومن لا يهتدي لشكر المتفضل المنعم المنان فهو أبعد كل البعد عن توجيه الشكر للمخلوق و»من لا يشكر الخالق لا يشكر المخلوق».
إذا كان من يشكر الخالق قليلاً فإن من يشكر المخلوق أيضاً قليل كما نشاهده في حياتنا العملية بالرغم مما للشكر من آثار إيجابية. فكلمة شكراً بمفردها تبث في نفس المشكور شحنات إيجابية تخلق الحب وتعزز العلاقات وتبعث على التشجيع والتحفيز وتفجر الطاقات لتقديم مزيد من العطاء عملاً بنفس المعادلة الإلهية. وكل يلحظ آثارها في مختلف الأدوار التي يمر بها مثلاً: موقف الوالدين مع أبنائهما والمدرسين مع طلابهم والقادة مع موظفيهم وبين الزوجين وبين أفراد المجتمع. المواقف التربوية والعملية كثيرة ولكني أكتفي بالإشارة لموقفين:
قبل أيام قرر فجأة أحد الموظفين العاملين والمساندين في أحد المشاريع إنهاء عقده والعودة إلى بلده الهند لظروف قاهرة تمر بها أسرته وقد كنا في أمس الحاجة إليه في هذا الوقت. فأرسلت له رسالة شكر وثناء وتقدير في آخر يوم، فسألني أحد الزملاء لِمَ استحق منك هذا الشكر والتقدير؟ فأجبته إنه ليس من أقربائي، وليس من وطني، ولم يكن على ديني ولكنه استحق ذلك الشكر والتقدير وفرض نفسه بإخلاصه وولائه للشركة والمشروع الذي يعمل فيه وخبرته التقنية وجهوده المتفانية وتكريسه وعمله بروح الفريق الواحد ومساعيه الحثيثة في تدريب الطاقات السعودية والأجيال الناشئة بلا كلل ولا ملل.. فسألته ألا يكفي ذلك أن يستحق كلمة شكر وتقدير تليق به؟ فأردف قائلاً كيف كانت ردة فعله؟ فقلت له أتاني إلى المكتب وقدم الشكر والاعتذار وكان متأثراً لتركه العمل، وقال إنه سيكون على تواصل معي ريثما ينهي مشكلاته وسيكون رهن الإشارة للعودة في أي وقت لإكمال إنشاء المشروع والمشاركة في تدشينه مع الفريق المشارك.
وموقف آخر يرويه أحد الأصدقاء الذي يعمل في إحدى المؤسسات، يقول: بذلت سنين عمري في خدمة عملي ومؤسستي وضحيت بالغالي والنفيس وكان عملي يحتل المرتبة الأولى في قائمة أولوياتي، ولكن تغيّر الطاقم الإداري وتبددت الأحلام وتحطم الطموح عاماً بعد عام فأصبح ما تنجزه لا ينظر إليه. كلمة الشكر كل يكون على حذر حين يقولها والتقدير والتقييم المعنوي استخدم سلاحاً في تحطيم الطموح وقتل المعنويات. يقول أيضاً: لم أعبأ بسوء التقدير بل واظبت لبذل مزيد على مدى سنوات حتى فقدت الأمل بعد عدة محاولات باءت بالفشل فقررت مراجعة حساباتي وأولوياتي ومراعاة التوازن في تحقيق أهدافي المهنية والشخصية والعائلية والاجتماعية. فكان أول ثمرات ذلك إصدار الكتاب الأول قبل سنتين مستغلاً ومستثمراً أوقات الفراغ بعد ساعات العمل. يقول: أهديت الكتاب لمجموعة من الزملاء والرؤساء وتباينت ردات أفعالهم وكان الأغرب من بينها ردة فعل أحد المسؤولين الكبار حين تسلّم الكتاب ظننته سيقول كلمتين على الأقل «شكراً… مبروك»، ولكنه قال هذه العبارة التي لم أتوقعها أن تخرج من فيه أبداً: «يبدو أنكم غير مشغولين بما فيه الكفاية!!».
إلى هنا انتهى كلام صديقنا ولن أعلّق على الجزء الأول الذي مع الأسف انتشر وتفشى في كثير من المنظمات وأصبح التقييم لا يتوافق مع الأداء الحقيقي للموظف بل تحكمه عوامل ومعايير أخرى لا يسع المجال لتفصيلها في هذا المقال. وتعليقاً على الجزء الآخر الذي أثّر على نفسيته بسبب ردة الفعل السلبية من شخص مثقف في منصب مرموق كان ينبغي أن يراعي كل كلمة تصدر منه حتى وإن كانت عن طريق الفكاهة والمزح، فلكل مقام مقال يليق به، ومن الأولى تجلي النظرة الإيجابية من القيادة المثالية ودعم وتشجيع مثل هذه الإنجازات في تنمية وتطوير الذات. فماذا كان يتوقع من ردة فعل موظف لم يلق التقدير المناسب في عمله مع إخلاصه وتفانيه على مدى سنين؟ وهل كان يتوقع منه أن يعمل ليلاً ونهاراً مركزاً على مجال عمله فقط ولا يفكر في نمو وتطوير وتنمية ذاته وتحقيق أهدافه الشخصية التي تكسبه مزيداً من الرضا الذاتي وتزرع الأمل والسعادة في نفسه قبل أن يقبر ما تبقى لديه من طموحات ومعنويات؟!
«شكرًا» كلمة قصيرة ساحرة لها وقعها الكبير وأثرها العظيم المعنوي على النفس لمن أراد كسب قلوب الآخرين، وتحفيزهم وتشجيعهم، وتقديرهم والتقرب إليهم ونيل مزيد من العطاء والإنتاجية والتميز في جو مفعم تسوده ثقافة الشكر والتقدير.
٢٠١٤/٣/٢٥
بالشكر يزيد العطاء – صحيفة الشرق
أثناء الجلسة يبدأ المسوق باستعراض كل ما أوتي من مهارات الإلقاء والخطابة وفنون التأثير والإقناع التي تدرب عليها، ويعطيك من الكلام المعسول ليغريك بمنتجه وفي نهاية اللقاء تأتي نقطة الحسم ليزودك بعرض مغر كما يراه هو عبارة عن جهاز مجاني أو تذكرة سفر أو تخفيض بنسبة محددة ولكن بشرط أن تشترك في الحال قبل المغادرة. وإذا ماطلبت مهلة للتفكير بالأمر تغيّرت ألوانه وهدَّد بأنك ستخسر هذه الفرصة الذهبية والعرض المقدم لك وأنه لن يتكرر أبداً.
استخدام هذا الأسلوب في االتسويق في انتشار مستمر وهو يستخدم كوسيلة ضغط على العميل لاتخاذ قرار سريع والاشتراك مباشرة، وإذا لم تكن يقظاً ومتنبهاً من هذه الأساليب فستكون فريسة سهلة تقع في الفخ بسهولة قبل أن تأخذ نصيبك الكافي من الوقت للتفكير.
إنك لست بحاجة لخوض مثل هذه التجارب بنفسك لتستفيد منها ولكن يمكن الاستفادة من دروس وتجارب الآخرين لتكون على يقظة من الوقوع في تلك الشباك بدون قناعة تامة. قبل اتخاذ أي قرار تحتاج أن تجمع كل البيانات والمعلومات وتدرس البدائل والخيارات المختلفة المتوفرة بين يديك مراعياً الإيجابيات والسلبيات لكل خيار. فالمسوّق بكل تأكيد سيكون إيجابياً يقدم لك كل الإيجابيات فقط ولن يتطرق للسلبيات، وسيزودك بالمعلومات التي تدعم وتخدم منتجه فقط لإقناعك. كما تحتاج أيضاً لتقييم المخاطر المحتملة والمنفعة والاحتياج فلربما على سبيل المثال تنتهي باقتناء جهاز بمبلغ وقدره تستخدمه مرة أو مرتين عندما يكون جديداً ومن ثم تركنه في إحدى زوايا المنزل يتراكم عليه الغبار. أو تستثمر مبلغاً من المال في مشروع ما ربما لو استثمرته في مشروع آخر لكانت أرباحك أضعافاً مضاعفة.
الأمر متروك لك لتتخذ القرار المناسب بالتريث وعدم التهور وكن على ثقة بأنك لن تخسر شيئاً وإذا ما اتخذت قرارك عن قناعة وبدون أي ضغوطات وتأثيرات فإنك حتماً ستجد ماتريده لاحقاً بنفس القيمة ونفس العرض إذا لم يكن أفضل، فالشركة لم تلجأ إلى هذا الأسلوب إلا لحاجتها لكسب أكبر عدد من العملاء مثلك وأمثالك.
٢٠١٤/٦/٦
ستخسر إذا لم تشترك الآن
لقد رسم لنا الله جل وعلا منهاج التعامل مع الوالدين والبر بهما والإحسان إليهما في كتابه المجيد في أكثر من آية كما في قوله تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”
وقال تعالى: ” وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا”
وقال في آية أخرى ” وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.
لقد حرم الإسلام عقوق الوالدين وقرن رضاه برضاهما وأوجب النار لمن عقهما. وقد حث على الجلوس معهما لإدخال الأنس والسرور عليهما، وعدم الخروج حتى إلى الجهاد بالرغم من مكانة الجهاد العظيمة إذا كان ذلك يؤذيهما، فقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص) عندما جاءه رجل وقال: يا رسول الله، إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: « فقرَّ مع والديك، فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة ».
إنها نعمة من الله أن يكون للإنسان والدان في داره يهتم بشؤونهما ويبرهما ويستبشر الخير الكثير بالنظر إلى وجهيهما، وقد ورد في السنة الشريفة إن الله يرضى عنه ويرزقه طول العمر والسعة في الرزق والبر به من قبل أبنائه مجازاة له في الدنيا قبل الآخرة. البعض يوفق للبر بوالديه وهما يتمتعان بالصحة والعافية، ويوليهما جلّ اهتمامه ويحرص أن تكون خدمتهما وتأدية حقوقهما في أعلى قائمة أولوياته. والإمتحان الأصعب الذي لايتجاوزه إلا القليل هو عندما يبلغا مرحلة الشيخوخة والعجز ولايستطيعا الحركة بدون الاعتماد على الغير. هنا يتطلب الأمر التضحية والتحمل والصبر وأعلى مراتب الرضى بعيدا عن وساوس الشيطان بتمني الموت لهما. أدام الله نعم الصحة على والدينا وهنيئا لمن وفق لهذا الخير والبر بوالديه ولم يتبرأ ولم يتضجر منهما، ولم يشكو حاله إلى الناس، ولم يشعرهما بأنهما عالة عليه ويرغب في التخلص منهما. حتما إنه – والزوجة الصالحة التي تقف إلى جانبه و تعينه على البر بوالديه وتشاطره تحمل الأذى – بين يدي رب رؤوف رحيم كريم لا يضيع أجرعمل عامل عنده. فانظر كيف تريد أن يتعامل معك أبناؤك في حياتك، أثناء صحتك وسقمك فالأمر بين يديك لتختار ماتشاء لنفسك، كما أكد سيد المرسلين (ص): “كما تدين تدان”.