ربما يردد البعض منا الحديث الوارد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله):” تفاءلوا بالخير تجدوه” ولكن لايقف عنده بتمعن وتدبر بالرغم من أنه لايزيد على ثلاث كلمات. ففي الحديث ترسم لنا المنهجية المحمدية -التي لاتنطق عن الهوى- كيف نتعامل مع مايصيبنا بالتفاؤل وأننا عندما نتفاءل بالخير سنحصل عليه. وذلك أمر نفسي عندما تشغل تفكيرك واهتمامك وتتفاءل بالسعادة ستجدها، وعندما تتفاءل بالنجاح فإنك ستحصل عليه، والعكس صحيح عندما تتشاءم وتفكر في الفشل والمرض والفقر فإنك تحصل عليهم وذلك بسبب تسخير كل تفكيرك وطاقاتك تجاهها.
وما أعظم الحديث القدسي الذي يقول:” أنا عند ظن عبدي المؤمن بي، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا.” الكافي: ٢ / ٧٢
فلنتدبر في كلماته ونسأل أنفسنا كيف هو ظننا بالله عز وجل؟ فإن كان خيرا سننال الخير وإن كان شرا سننال الشر. فكيف نظن بالله الشر ونعيش متشائمين وهو الجواد الكريم الرحيم اللطيف الودود المتحنن على عياله؟
ويا له من قسم عظيم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن الله يستحي أن يُحسن العبد الظن به فيخلف ظنه ورجاءه. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “والذي لا إله إلا هو، لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لأن الله كريم بيده الخيرات، يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه.” بحار الأنوار: ٦٧ / ٣٦٦
واقعا من كان ارتباطه بالله عز وجل قويا، مؤمنا وواثقا ومحسنا الظن به فإنه يعيش حالة من الاستقرار والطمأنينة عند سماع هذه الروايات التي لا تترك له مجالا لنفوذ الشيطان ليفتح له أبواب اليأس والتشاؤم.
ومن هو غارق في التشاؤم والنظرة السوداوية عليه أن يغير من نظام حياته ليحسن الظن بالله عز وجل، والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب، والثقة بقضائه وقدره، والتحلي بالصبر، والإكثار من الشكر والثناء فبالشكر تزيد النعم. وعليه أن يتخلص من الأشياء السلبية التي تعكر مزاجه فلا يفتتح بها يومه وإن استطاع أن يتركها طوال اليوم بل إلى الأبد فهو الأفضل، وأن يتجنب مرافقة السلبيين والمتشائمين، وأن يترك المقارنة مع الآخرين، وأن يكون مبتسما، بشوش الوجه، متحليا بالنظرة الإيجابية المتفائلة.
يقول أستاذ علم النفس الدكتور (مارتن سيليجمان) مؤسس علم النفس الإيجابي، وقد ألف أكثر من كتاب عن التفاؤل: “إن تكوين الأسلوب التفسيري للإحداث، حسبما صار مؤكداً في علم النفس، يتم في مرحلة الطفولة، ومن ثم يتطور التشاؤم أو التفاؤل حيث يصبح عادة راسخة للتفكير”. ولذلك ينبغي مراقبة الطفل في مراحل الطفولة وعدم السماح بأن يتسلل التشاؤم إلى نفسه.
ولا شك بأننا بأمس الحاجة إلى حسن الظن بالله والرجاء والتفاؤل لكشف هذا الوباء الذي يعيشه العالم والذي كان له أثر نفسي على البعض بسبب الحجر والعزل ومايسمعه من وسائل الإعلام المشبعة بالشحنات السلبية. فالأمر بيد الله عز وجل وهو القادر على كل شيء “إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” يس ٨٣
عبدالله الحجي
٢٠٢٠/٥/٢١