لوحظ في السنوات الأخيرة ولله الحمد تفاعل ملموس من قبل أبناء المجتمع والوكلاء بالاستفادة من الحقوق الشرعية في دعم الجمعيات الخيرية وتحسين المستوى المعيشي للفقراء والمحتاجين ودعم الشباب المقبلين على الزواج. ومع هذا التفاعل انتشرت العديد من شهادات الشكر والتقدير للداعمين من باب من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، ومن جانب آخر لم يخلو الأمر من التحفظ من قبل بعض أبناء المجتمع. شهادات الشكر والتقدير لها إيجابياتها وقد يُنظر لها من باب التشجيع والتحفيز للمتبرعين وللآخرين لزيادة العطاء، وقد يكون من باب الشفافية مع المجتمع لأحد موارد صرف الحقوق، وقد يكون للداعمين والمستقبلين أيضا أغراض ومآرب حسنة أخرى.
ومن التحفظات التي يطرحها البعض لماذا العلانية بينما صدقة السر أفضل؟ نعم لقد ذكر الله عز وجل بأنه لا إشكال في إبداء الصدقة وإن كان الإخفاء هو خير وأفضل. قال تعالى: ”إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.”
والأحاديث الواردة في صدقة العلانية وصدقة السر كثيرة نكتفي منها بهذين الحديثين. قال الإمام الباقر (عليه السلام) – في قوله تعالى: * (إن تبدوا الصدقات فنعما هي) * -: يعني الزكاة المفروضة، قال – الراوي -: قلت: * (إن تخفوها وتؤتوها الفقراء) * قال: يعني النافلة، إنهم كانوا يستحبون إظهار الفرائض وكتمان النوافل. وورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): لا تتصدق على أعين الناس ليزكوك، فإنك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك، ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك، فإن الذي تتصدق له سرا يجزيك علانية.
ويبقى الجدل بين مؤيد ومعارض لشهادات الشكر والإنفاق علانية الذي لا إشكال فيه حسب الآيات والروايات وإن كان الإنفاق سرا أفضل. ولكن تكمن الخطورة في صدقة العلانية عندما تكون النفس الأمارة بالسوء هي سيدة الموقف فتصاب بالعُجب بما تُنفق وتبتهج بعبارات المدح والثناء الموجهة إليها، وتخرج من دائرة الإخلاص والقربة إلى الله تعالى إلى دائرة الرياء والسمعة والشهرة. وعليه ربما يحتاج الوضع أن يكون أكثر ضبطا ويقنن من قبل الجمعيات ومراكزها حسب طبيعة ونفسيات المتبرعين، وعدم المبالغة والإكثار من شهادات الشكر والتقدير وتكثيف نشرها لكي لاتكون هذه التجارة مع الله هباء منثورا لو داخلها الرياء والعياذ بالله.
عبدالله الحجي
٢٠٢٠/٥/٩
١٤٤١/٩/١٥
- لاشك بأن كل قارئ له رأيه ووجهة نظره الخاصة به وله جل الإحترام والتقدير، ولا مانع من النقد الهادف البعيد عن التسقيط والدخول في النوايا، والمجال مفتوح للمشاركة بالرأي بكل أريحية لمايخدم المصلحة العامة، وفيه دعم لجمعيات البر ومراكزها التي تقوم بخدمات جليلة لجميع المستفيدين من فقراء وأيتام والمتوقع زيادة أعدادهم بسبب الظروف الراهنة. شكر الله سعي العاملين والداعمين وجعل ثواب مايقدمونه في ميزان حسناتهم.