أحببت مع هذا الموقف أن نقف وقفة تأمل وتفكر ومحاسبة للنفس خصوصا مع مايعيشه العالم من بلاء ووباء مع وجود فايروس كورونا الذي أظهر ضعف الإنسان وعجزه أمام عظمة وجبروت المولى جلت عظمته، ولعلنا قد استفدنا من بعض الدروس واستيقظنا من غفلتنا وابتعادنا عن الله عز وجل وعن تعاليمه وتوجيهاته.
فلو توقفنا عند محطة واحدة فقط وتأملنا تصرفاتنا وتعاملنا مع من حولنا والظلم الذي يمارسه البعض سواء في مجال العمل أو بين الزوجين أو بين مختلف أطياف المجتمع بلا اكتراث ولاخوف مما توعد الله به الظالمين. وفي نفس المحطة لنتأمل ما آلٓ إليه الحال من خلافات وخصومات وعداوات وتنافر وتباعد على مدى سنوات بين الأخ وأخيه، وبين الأزواج تنتهي أحيانا بالانفصال، وبين الأصدقاء بل مع الأسف حتى بين بعض رجال الدين – مع جل الإحترام والتقدير لهم – الذين لطالما اعتلوا المنابر وبُحّت أصواتهم بالموعظة والنصيحة وتبيان فضل العفو والصفح وكان الأولى منهم أن يكونوا قدوة يُحتذى بهم ولكن مرحلة التطبيق لم تكن سهلة كمرحلة التنظير. كل ذلك بسبب خلافات قد تكون تافهة أو بسيطة يمكن معالجتها بسهولة أو أحيانا تكون ثقيلة ومؤذية ولكن يمكن التغافل عنها قربة إلى الله تعالى والتعامل معها بحكمة واحتسابها عند أكرم الأكرمين الذي وعدنا بالأجر المفتوح منه، وطالبنا بالعفو والصفح مستفهما منا “أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ”. فمن منا لايتضرع إلى الله ويطلب العفو والمغفرة منه؟ فكما نحن نحب أن يغفر الله لنا فالله جل وعلا يحب أن نعفو عن عياله.
تعمدت أن لا أتطرق للآيات والأحاديث الكثيرة التي تحث على العفو وفضله وآثاره على النفس والمجتمع ولربما قد حفظها كل منا من كثرة الاستماع إليها وقراءتها ولكنها لم يكن لها الأثر في تغيير سلوكنا وتعاملنا مع من حولنا. والمأمول أن يراجع كل منا حساباته في خضم هذا الوباء ويفتش عن كل شخص ظلمه وأساء إليه ويبادر ويتقدم له بالإعتذار وطلب العفو منه وذلك سيزيده عزا ورفعة وليس فيه أي منقصة أو إهانة إذا ماكان العمل خالصا لله تعالى وتقربا إليه.
ومن الجانب الآخر لايمنع أن يبادر كل شخص قد أُسيء إليه واعتُدِي على حقه بالعفو والصفح والتسامح محتسبا ذلك قربة إلى الله تعالى فالله العالم متى ينتهي هذا الوباء ومن يسلم منه ومن يرحل من الأحبة الأعزاء حفظهم الله.
وفي نهاية هذه الأسطر بالنسبة عن نفسي أرجو العفو والمغفرة من كل من أسأت إليه ولو بكلمة جرحٓت مشاعره بقصد أو بدون قصد، كما أني قد عفوت وصفحت وسامحت كل من اغتابني وكل من أساء واعتدى علي ولو بكلمة بقصد أو بدون قصد جهرا أو سرا قربة إلى الله تعالى.
أطال الله في أعماركم وحفظكم من كل سوء وفرج عن الجميع بكشف هذا البلاء والوباء إنه سميع بصير.
عبدالله الحجي
2020/4/17