كونوا لنا زينا..

قياسي

كونوا لنا زينا..

قبل فترة من الزمن كنت في أحد فنادق البحرين مع العائلة ونزلت مع أبنائي مختار وعباس لنقضي دقائق في بركة الفندق. كنا في أحد زوايا البركة الكبيرة فإذا بمجموعة من الشباب في الزاوية المقابلة كل منهم واضع سلسلة على رقبته وممسك بكأس من الشراب فظننتهم من إحدي الدول الأجنبية ولهم حرية تصرفاتهم الشخصية. هُنيئة فإذا بأحدهم ينادي صديقه باسمه (جعفر)… نظرت إليهم وقلت في نفسي وا أسفاه إنهم من أبنائك ياجعفر!!!

لقد أوصانا إمام المذهب الإمام الصادق (عليه السلام) بوصية تستحق أن تُكتب بماء الذهب حيث قال :“ كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول”.  (أمالي الصدوق:  ١٧/٣٢٦ )

وصية الإمام لاتقتصر على العلاقة والتعامل مع أصحاب المذهب بل تتأكد وتمتد مع أصحاب المذاهب الأخرى وأصحاب الديانات الأخرى لتتجلى الأخلاق الرفيعة والسمات النبيلة وتنعكس على تصرفاتهم وسلوكهم فيقول الناس رحم الله جعفر بن محمد ما أحسن ما أدب به أصحابه. وفي المقابل أي تصرفات سيئة ومشينة منسوبة إلى أصحابه فإنها تسيء إليه.

خُلقه الكريم هو امتداد لخلق جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي وصفه الله عز وجل في كتابه ”وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ“ وكما قال هو عن نفسه: ”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“.

كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا في كل دور وكل مجال من حياتكم: في تعاملاتكم في المنزل مع الوالدين والأبناء والأزواج، وفي تعاملاتكم في العمل مع موظفيكم وزملائكم ومع أصدقائكم وجميع أفراد المجتمع، في أوطانكم وخارجها، في حلكم وترحالكم. كونوا لنا زينا ببناء العلاقات التي يسودها الحب والألفة والمودة والرحمة والاحترام والتقدير والعفو والصفح والتسامح. ولاتكونوا علينا شينا بالإساءة إلى الآخرين وسوء الخلق والاعتداء عليهم والظلم والغطرسة والعجب والعصيان والطغيان. 

الأمثلة كثيرة لاحصر لها لمن أراد أن يكون زينا ومن أراد أن يكون شينا وكل شخص يعيش بعض منها وهو أعلم بها عندما يجلس مع نفسه – وما أبرئ نفسي.  فعلى سبيل المثال من المواقف السلبية المنتشرة بنسب متفاوتة في المجتمع  منهم من يدعي التقى والورع والفضيلة ولكن تصرفاته مع الآخرين تُظهر عكس ذلك، ومنهم من يعادي أخاه لسنوات وكأنه لايعرفه وربما يكون الأجنبي أعز عنده من أخيه ، ومنهم من يظلم زوجه/زوجته ، ومنهم من يسيء معاملة والديه أو أبنائه، ومنهم من لايسلم أحد من يده و لسانه، ومنهم من يسيء لجاره، ومنهم من يظلم موظفيه، ومنهم من هو منغمس في الشبهات والمحرمات، ومنهم من يعبث بالممتلكات العامة ويؤذي المجتمع بسلوكه السيء وتصرفاته غير اللائقة التي تسيء للإمام ولاتجعله قدوة حسنة يتشرف بها الإمام بانتسابها إليه.

عبدالله الحجي

٢٥ شوال ١٤٤٠

٢٠١٩/٦/٢٨