السلبيون

قياسي

السلبيون

الحياة جميلة لمن أرادها أن تكون جميلة، ولمن نظر إليها بايجابية، وترك البقع الصغيرة السوداء ومتع بصره بالمساحة الشاسعة من البياض، وجال بنظره نحو النصف المملوء بالماء لا الجزء الفارغ من الكأس، والجانب المثمر من الشجرة لا الذي تجرد من الثمار، والجانب المضيء لا ماخيم عليه الظلام، وبحث عن كل مايجلب له السعادة ويحرره من قيود التعاسة والكآبة.

السلبيون يشكلون حجر عثرة في طريق تقدم البشرية لمن يعيرهم اهتماما أكثر مما يستحقونه. السلبيون هم أعداء أنفسهم قبل أن يكونوا أعداء غيرهم وكما يقال “لديهم مشكلة لكل حل” ، منبوذون في المجتمع اعتادوا على النظرة السوداوية وبث الرسائل السلبية المحبطة للآخرين والمثبطة لعزيمتهم والمحطمة لمعنوياتهم. يؤلمهم ويغيظهم أي نجاح من حولهم لابتلائهم بداء الحقد والغيرة والحسد فيفتشوا عن أي هفوة ويتصيدوا الأخطاء والعثرات بنظرة تشاؤمية ليٓنفذوا من خلالها للنيل من الآخرين، فيصنعون من الحبة قبة، ويهولون الأمور، ويعممون لكي تطغى السلبيات التي قد لاتذكر على الإيجابيات.

مامن شك بأن كل عمل أو مشروع له إيجابياته وسلبياته ويستحيل أن يبلغ الكمال، ولا يمكن التطوير والارتقاء إلا من خلال التغذية الراجعة من المعنيين والاستماع إلى الإيجابيات والسلبيات معا وهنا يتجلى بوضوح تمييز السلبيين من الايجابيين من خلال أسلوب النقد إن كان هادفا وبناء أو كان سلبيا وهداما يحمل أغراضا غير نزيهة، بعيدا عن هدف الاصلاح والتطوير. السلبيون يثقل عليهم تقديم الشكر والثناء وإبراز محاسن الآخرين وتقدير جهودهم، ويفتشون عادة عن السلبيات ويضعونها تحت المجهر لتضخيمها ويسلطون عليها أضواء الإعلام ليصطف معهم المؤيدون ومن هم على شاكلتهم من المرضى بداء السلبية ليصنعوا لهم قضية من لا قضية رغبة في الظهور والشهرة.

السلبيون متواجدون في كل مكان ويحملون نفس الفكر والتوجه وإن اختلفت الأهداف. من طبعهم  التنظير والكلام والانتقاد من بعد والخوض حتى فيما ليس لهم علاقة به ولاتخصص. فعندما نسلط الضوء على مجال العمل التطوعي الاجتماعي  نلاحظ انتشار السلبيين الذين يتلذذون بنشر أفكارهم السلبية  الهدامة وإذا ماطُلب منهم الانضمام والمشاركة بمرئياتهم وأفكارهم ومقترحاتهم البناءة، وتقديم الخدمات للمجتمع رأيت منهم التقهقر والتراجع للصفوف الخلفية ووضع قائمة طويلة من الأعذار الواهية من الانشغال وعدم توفر الوقت وغيرها. هذه الفئة تنأى بنفسها للنزول إلى ساحة العمل والتطوع وتنتظر من يقدم لها طبقا ويغذيها بملعقة من ذهب وتترفع عن تقديم أي دعم معنوي أو مادي في سبيل الارتقاء بالخدمات الاجتماعية التي يقدمها المتطوعون بل بالعكس توجه اليهم سهامها المتجردة من الإيجابية لتثنيهم عما يقدمونه من خدمات جليلة.

هذه الفئة وإن كان صوتها يبدو مرتفعا إلا أنها قليلة وينبغي الحذر في كيفية التعامل معها. فلاينبغي الاستسلام لها والتأثر برسائلها السلبية وأفكارها الهدامة المثبطة، وأفضل حل هو تجاهلها وتهميشها وتحجيم دورها لكي لاتشعر بأن لها حجما وقيمة وأهمية فتتمادى وتجد من يساعدها ويشجعها على تحقيق أهدافها وإرضاء أهوائها وغرائزها السلبية.

عبدالله الحجي

٢٠١٨/٥/٣٠