هل لازال طالب العلم قدوة؟
انتشر مؤخرا في وسائل التواصل الاجتماعي طالب علم من بلد آخر يهرب مخدرات تحت عمامته وقد فضحه الكلب بنباحه. وقبل فترة من الزمن انتشرت مقاطع فيديو أخرى بأخبار مختلفة:
طالب علم يرقص بصايته وعمامته
طالب علم يسيء الأدب والخلق ويضرب رجلا في الشارع
طالب علم يسرق وينهب
طالب علم ….
وتطول القائمة بالأفعال الشنيعة واللاأخلاقية التي تسيء له ولطلاب العلم والطائفة التي ينتمي إليها والمجتمع.
قد يقول قائل بأنه عمل فردي ولايسيء إلا لنفسه، وقد يقول آخر بأنه ليس طالب علم بل هو مجرم من الأصل وتلبس بعباءة الدين.
ولكن هل ذلك هو الواقع عندما تقع مثل هذه الأعمال المشينة القبيحة وغير المقبولة وتنسب للمجرم بشخصه وكفى ليتحمل وزره؟! أم أنه يجر العار والشنار على طائفته حتى ولو كانت بريئة من عمله وغير مؤيدة له بما اقترف؟
قد يصرخ أبناء طائفته ويتبرأون منه ومن عمله ولكن ماذا حدث بالأمس عندما قامت مجموعة من الشباب بتخريب أحد المنتجعات؟ لقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي ونسبت العمل المشين إلى الطائفة التي ينتمون إليها ليخرج الخبر منسوبا إلى الطائفة ولم يقولوا شباب أو مواطنون!!
شئنا أم أبينا سينتشر الشرار ويصيب الطائفة وستبقى وصمة عار تلاحق الطائفة التي ينتمي إليها حتى وإن سلمنا جدلا بأن ذلك لن يحدث من المنصفين إلا أنها تبقى أصوات نشاز، أصوات تتصيد في الماء العكر لتحظى بأي مستمسك للنيل والتشهير والتسقيط وتعتبرها فرصة ذهبية للتشفي والشماتة.
لطالما تعود المجتمع على سماع الوعظ والارشاد والنصائح والتوجيهات من طلاب العلم واتخاذهم قدوة له ليحذوا حذوهم ويقدسهم ويجعلهم كالملائكة بتقواهم وورعهم الظاهر للعيان.
ومعاذ الله من التعميم فهناك ولله الحمد الكثير ممن يتشرف الإنسان باحترامهم وإجلالهم وتقديرهم وماشذ منهم إن شاء الله نسبة ضئيلة لاتُعد ولاتُحصى ولكن كما هو المثل الشائع التفاحة الفاسدة تفسد باقي التفاح وطالب العلم الفاسد لايسيء لنفسه فقط بل ستوجه الإساءة إلى نظائره من طلاب العلم وكذلك لطائفته. إنها شرذمة قد تكون مجرمة من الأصل و تسربلت بسربال الدين للتستر على جرائمها وأراد الله أن يفضحها بسبب إصرارها على الذنب.
إنها دعوة من أبناء المجتمع إلى طلاب العلم الأفاضل لاحترام هذه المهنة التي سلكوها وهذه العباءة التي ارتدوها وهذه المكانة التي صنعوها لهم في المجتمع وهذا الحب والولاء والتقديس الذي زرعوه في قلوب الناس. ومن يجد نفسه ليس أهلا لهذه العباءة فعليه أن ينزعها بنفسه ولايدنسها.
عندما ترتسم صورة مشرفة لطالب العلم في أعين محبيه ويسعى لتشويهها ستؤثر سلبا عليهم وسيصيبهم الإحباط وردة فعل عكسية لاهتزاز صورته وانخداعهم فيه طوال فترة حياتهم معه، ويتمنون لو أن الأرض تنشق وتبتلعهم ولم ينكشف لهم المستور ويتجلى أمامهم الوجه الآخر المزيف المجرم.
إن الله ستار العيوب ويحب الستر لعباده حتى يتوب العبد توبة نصوحة قبل أن ينفضح أمره. نعم الإنسان غير معصوم عن الخطأ وإن كان طالب علم وقد قالها سيد الموحدين (عليه السلام): “لو تكاشفتم ما تدافنتم”، ولكن الإصرار على الذنب والمعصية والجرأة على الله بلا حياء كفيلة بأن تكشف المستور وينفضح العبد على الملأ وحينها لاينفع الندم ويستحيل أن يعاد بناء ماتم هدمه وإصلاح ماتم إفساده.
نسأل الله أن يحفظ طلاب العلم الفضلاء الأتقياء ويجعلهم قدوة يحتذى بهم ويخلص المجتمع ممن هم ليسوا أهلا لذلك لينزه الدين من إساءتهم.
عبدالله الحجي
٢٠١٧/١٠/٤