الإسلام دين السلام .. خطبة الجمعة من الحرم النبوي
حملت خطبة الجمعة الماضية بين ثناياها رسالة الإسلام الحقيقية وصورته المجردة من التدنيس والتشويه من جوار صاحب الرسالة السماوية ومنهجيته المناشدة للحب والسلام. بتوفيق الله تشرفنا بالسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) والصلاة في مسجده الشريف حيث تناول فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم موضوع “السلام” في خطبة الجمعة. لقد كان الموضوع في قمة الأهمية لما حواه من مواعظ وتعاليم إسلامية سمحاء سأسلط الضوء على بعض منها في هذه الأسطر الموجزة.
بين فضيلته في المقدمة أن السلام اسم لله تعالى شامل جميع صفاته، دال على تنزيه الرب وتقديسه، وبراءته من كل عيب، وتعاليه عما لا يليق بجلاله وكماله وعظمته. وذكر بأن من أراد الأمن والسلام في نفسه وأهله ومجتمعه فعليه بدين الإسلام، وأنه كلما زاد تحقيق الإسلام في مجتمع عمّ فيه الأمن والسلام. وأن سلام هذا الدين شامل لجميع الخلق فكل من شهد الشهادتين فهو معصوم وحسابه على الله عز وجل. وذكر بعض الأحاديث الشريفة التي تحفظ سلامة الإنسان من كل أذى ومنها: “من قَتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة”، و “من أخاف معصوما ولو بالإشارة فقد توعده الله”، و “من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه”.
ولم يكتفِ الإسلام بسلامة الإنسان بل أنه كفل للبهائم والدواب عيشها وأمنها وسلامتها واستدل بأن إمرأة دخلت النار في هرة، وبغي سقت كلبا فغُفر لها به. ومن جمال الإسلام وكماله أنه سنٌ السلام للأحياء والأموات وليس أحد أحوج إلى الدعاء ممن فارق الحياة. وكان من هديه عليه الصلاة والسلام إذا أتى المقبرة يقول: “السلام عليكم دار قوم مؤمنين”
وتابع قوله بأن الإسلام دين سلام شامل لجميع تعاليم الحياة، صالح لكل زمان ومكان، وفي أحكامه استقامة أمر الدنيا والآخرة، وسعادة البشرية، ومن تمسك به فاز وعز ونال رضا المولى. وأكد أن المسلم مأمور بنشر السلام بين الخلق بقوله وفعله. قال رسول الله (ص): المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. كما امتدح الله من سالم الجاهل وقابل المسيء بالاحسان؛ قال تعالى: ” وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا”
وتحدث عن تحية السلام وفضله وآدابه مشيرا إلى أن تحية السلام هي من شعائر الدين ففيها الأمن والاطمئنان والألفة والمحبة. سُئل رسول الله (ص) أي الاسلام خير؟ قال: “تطعم الطعام وتفشي السلام على من عرفت ومن لم تعرف”. وقال: “لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولاتؤمنوا حتى تحابوا. أولا أدلكم على شئ لو فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.”
انتهى كلام الشيخ القاسم… نعم لقد أشار فضيلته إلى مايحقق الأمن والاستقرار والسلام وأن ديننا الحنيف هو دين السلام لكل من أراد الأمن والسلام في نفسه وأهله ومجتمعه، وأن الإسلام لم يهتم فقط بسلامة الإنسان بل كفل أمن وسلامة الحيوان. ولكن مع هذه التعاليم السمحاء من ينظر لواقعنا المرير في شتى بقاع الأرض يرى العجب العجاب من فئة محسوبة على الإسلام شوهت صورة الدين الناصعة بوقوفها ضد الإنسانية، وبعدوانيتها البشعة، وانتهاكها لحرمة الإنسان حتى أصبح دمه أرخص وأهون من دم الحيوان. فعلى المستوى العائلي يتهور البعض بالاعتداء على أحد أقرب المقربين إليه ويتسبب في إعاقته أو مفارقته للحياة بسبب خلافات شخصية تافهة. وقد يتفاقم العداء والكراهية بين المسلمين أنفسهم بمجرد اختلاف أطيافهم ومذاهبهم وتوجهاتهم وذلك لاختلافهم في الفكر والرأي والعقائد. الاختلاف في الرأي أمر طبيعي ويستحيل أن يتفق الجميع على فكر ورأي واحد والإنسان بحاجة لتقبل ثقافة الاختلاف والرأي الآخر، والتعايش السلمي الذي يدعو للوحدة والتلاحم. حتى وإن حصل اختلاف في بعض الأمور فلايوجد مبرر لأي طائفة كانت للإعتداء والنيل والتسقيط نظرا لوجود الكثير من القواسم المشتركة التي تجمعهم تحت شهادة التوحيد والنبوة، وتوجههم نحو قبلة واحدة، وتلاوتهم لكتاب واحد. الاحترام المتبادل لمعتقدات كل فئة وحرية العمل بها مطلب أساس للتعايش بأمن وأمان بالإضافة إلى نبذ العنف والكراهية، وعدم غرسها في صدور الأجيال البريئة، وعدم التعرض لرموز أي طائفة بما يسيء ويؤجج نيران الفتنة والغضب، فالحساب والثواب والعقاب كله بيد الله عز وجل ولم يجعله في يد أحد من البشر.
الدين المعاملة وأن كل شخص يسعى لتشويه صورة الإسلام ويسيء للإسلام والمسلمين بالقول والفعل لايمثل المسلم الحقيقي الذي قال عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، ومهما ارتُكِبت من جرائم في حق الإنسانية سيبقى الإسلام هو دين السلام الذي جاء به من وصفه الله جل وعلا بقوله: “وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ”.
عبدالله الحجي
٢٠١٧/١٠/١٦