من لم يجد اليوم وقتا للراحة سيجد غدا وقتا للعلاج

قياسي
من لم يجد اليوم وقتا للراحة سيجد غدا وقتا للعلاج
استوقفتني هذه المقولة الجميلة لتكون عنوانا لهذه المقالة القصيرة
(أنا مشغول جدا جدا إلى درجة أنني لاأجد وقتا أخصصه لنفسي!)
العمل من جهة والعائلة من جهة والمجتمع من جهة أخرى و.. و.. والقائمة بالإلتزامات والارتباطات التي لامفر منها طويلة جدا

من الذي جعلك مشغولا إلى هذا الحد وفرض عليك كل ذلك حتى أصبحت قائمة أولوياتك خالية منك أنت؟ نعم خالية منك أنت…
هل جلست يوما وسجلت برنامجك خلال ال ٢٤ ساعة  وقيمت بصدق ماتقوم به؟ وكيف هي إدارتك للوقت وحسن استثماره؟ وأين يكمن الخلل وهدر الوقت؟ وماهي الأمور التي يمكن التنازل عنها أو إعادة جدولتها؟ أو حتى قول (المعذرة .. لا – عندما يستدعي الأمر)
الأمر ليس فقط مع الموظفين الذين يضحون بإجازاتهم السنوية وأوقات الراحة والاستجمام،  بل الأغرب من ذلك عندما تسمع هذه العبارة من المتقاعدين الذين انزاح عن عاتقهم مايزيد على ٨ ساعات كانت مخصصة للعمل! فيقول لك أحدهم أصبحت مشغولا أكثر بعد التقاعد!
في حديث ودي قبل عدة سنوات مع أحد الزملاء المتعلقين بالعمل والالتزامات الأخرى وُجه له سؤال عن موعد التقاعد فقال على الستين إن شاء الله (وأنه سيغلق أبواب الشركة). بعدها بشهر تقريبا سمعنا بخبر سقوطه وإصابته بشلل أقعده وكان سببا في خروجه من العمل ليتلقى العلاج نسأل الله أن يلبسه ثوب الصحة والعافية هو وجميع مرضى المؤمنين.
الأمر يخصك أنت فلاتخدع نفسك بأعذار واهية وتبرر لها وتشتكي بأنك دائما مشغول، ولايمكن أن تكون في قائمة أولوياتك. فإن لم تجد وقتا للراحة والاستجمام اليوم بإرادتك فغدا سيجبرك المرض على الجلوس ويكون وقتك مخصصا للعلاج.
ولنفسك عليك حق، ووقت الراحة والاستجمام سيجعلك حتما أكثر نشاطا وطاقة وحيوية وتميزا لمزيد من العطاء والإبداع فيما تبقى من الوقت بمشيئة الله تعالى.
عبدالله الحجي
٢٠١٧/٥/١٥

همسة إضافية ٢٠٢٠/٥/١

كان هذا المقال قبل 3 سنوات (٢٠١٧/٥/١٥) وقد عدت لقراءته وتوقفت عنده طويلا بعد الوعكة الصحية وقلت لنفسي ها قد وجدت وقتا للعلاج…

والسبب الآخر الذي جعلني أضيف هذه الهمسة هو مايحدث أثناء جائحة كورونا والوصول إلى الحجر الصحي والعزل المنزلي إلا أن البعض لازال يشكو من الانشغال وعدم وجود الوقت لديه بالرغم من اختفاء الكثير من الالتزامات والمناسبات الدينية والاجتماعية وغيرها من الأجندة، وكذلك توفير الكثير من الوقت المهدور في الشوارع وازدحاماتها ومكث معظم الوقت في المنزل.

أهو بسبب سوء إدارة الوقت أم سوء تقدير وتحديد للأولويات؟ إذا كان المرء لازال يشكو من قلة الوقت خلال هذه الأزمة ومكثه في داره معظم ساعات اليوم مع حظر التجول فمتى سيجد الوقت؟ وهل يحتاج كل منا أن ينتظر إلى الوقت المخصص للشطر الثاني من العنوان؟

ربما يقول قائل بأن ذلك قد يكون صحيحا مع الطاقم الصحي المنهمك في مكافحة كورونا خلال هذه الفترة. نعم قد يكون ذلك مع البعض منهم جزاهم الله خيرا وحفظهم من كل سوء ولكن حتى من الطاقم الصحي يوجد من يستثمر وقته بشكل جيد. لقد كنت في تواصل مع أحد الإخوة الأعزاء من الأطباء المباشرين لعلاج حالات كورونا وقد عزل نفسه عن عائلته حفاظا على سلامتهم وصحتهم، وفاجأني عندما تحدث عن أحد أهدافه وبرامجه خلال هذه الفترة بقيامه بقراءة عدد من الكتب القيمة وتلخيصها ليستفيد منها أبناؤنا الشباب.

من كانت لديه إرادة وعزيمة وشغف بأي شيء فسيخصص له الوقت الكافي، ولكن ينبغي مراعاة الموازنة، وعدم المبالغة في جانب على حساب الجوانب الأخرى التي لاتقل أهمية. فكثير مما يعمله البعض قد لايحتاج إلى نصف الوقت المستغرق إذا ما تمتع الشخص بحسن إدارة الوقت ومهارات القيادة من تمكين وتفويض وثقة وغيره.

4 رأي حول “من لم يجد اليوم وقتا للراحة سيجد غدا وقتا للعلاج

  1. بواحمد

    دائما وابدا يا بومحمد…. مواضيعك ذات صلة مباشرة بصراع الإنسان في الحياة – فمن أين تستشفي رؤوس الأقلام لأي موضوع تريد التحدث عنه ؟
    قطعا الإجابة من الواقع ….

  2. التميمي

    موضوع أكثر من رائع
    و لكن أنجع القول أنه لن يجد وقتاً للعلاج وإنما يمكث وقتاً في طلب العلاج.

  3. ابراهيم عبدالله القريني

    نعم الكلام جميل وهادف ينبغي للجميع تخصيص اقل مايمكن لراحة والهدوء والسكينه

التعليقات مغلقة.