زينب نموذج في الصبر والقيادة
عرفت السيدة الحوراء زينب ابنة علي (عليها السلام) بأم المصائب لما قاسته وكابدته من المصائب والمحن التي مرت بها في حياتها. لقد شهدت مصيبة أبيها أمير المؤمنين (ع) حين ضُرب في محرابه، وعاشت محنة أمها الزهراء (ع) وماجرى عليها من اعتداء وتسقيط جنينها، وماجرى على أخيها الحسن (ع) وتقطيع كبده بالسم، والمصيبة العظمى في يوم الطف وماجرى على أخيها الحسين (ع) وأبنائه وأصحابه وشاهدتهم مصرعين مضرجين بدمائهم على بوغاء كربلاء، وما تلاها من أحداث السلب والسبي ودخول المجالس بعد أن كانت مخدرة لايرى لها خيالا.
ساعدك الله سيدتي ياابنة المصطفى، ياابنة المرتضى، ياابنة الزهراء لقد كنت رمزا في الصبر والاحتساب والقوة وتحمل المصائب والجلد مصداقا لقول الله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة ١٥٧
بالرغم من تلك المصائب إلا أنها كانت رمزا وانموذجا في القيادة بعد قتل الإمام الحسين (ع) وشاء الله أن تتولى زمام الأمور والقيادة لتكمل مسيرة ونهضة الحسين (ع) وترعى النساء والأطفال وتدافع وتذب عنهم وتسليهم وتصبرهم. زينب هي رمز في القيادة وتحمل المسؤولية والوقوف في وجه الظلم والطغيان والعدوان. حين استدعى الأمر بأن تقف وتخطب في الناس لم تتوانى ولم تتردد وهي بكامل سترها وحجابها وعفافها فالأمر يحتم عليها أن تتولى الجانب الإعلامي وتوضح الحقائق وتكشف الزيف وتنصر المظلوم. وقفت بكل شجاعة وجرأة وخطبت في الكوفة والشام خطبتين في ذروة الفصاحة ، وقمة البلاغة كما فعلت أمها الزهراء (ع) من قبل مطالبة بحقها.
لقد خطبت في الكوفة وقالت في مقدمة خطبتها: ” يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا قطعت الرنة انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم الا وهل فيكم الا الصلف النطف والصدر الشنف وملق الإماء وغمر الأعداء أو كمرعى على دمنة أو كفضة على ملحودة ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون وتنتحبون اي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها ابدا…”
وخطبت في الشام وستبقى كلماتها تدوي في الأسماع متحدية الطغاة في كل الأزمان الذين يريدون طمس ذكر أهل بيت الرحمة عليهم السلام: “فإلى الله المشتكى وعليه المعول فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحض عنك عارها وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد وجمعك الا بدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين …”
لله درك يا ابنة المرتضى، ياعقيلة الطالبيين فأنت كما قال مولانا زين العابدين (ع): ” عمتي عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة”. اتسمت بالصبر والجلد وتحمل المسؤولية والثقة بالله والايمان الصلب والشجاعة والتضحية وسمو الرؤية والهدف وسرت على نهج أخيك الإمام الحسين (عليه السلام).
عبدالله الحجي
٢٠١٧/٤/١٦
بارك الله فيك بومحمد الى الامام