عرس التقاعد
تمر على الإنسان مناسبات تخالج نفسه سعادة تستقر في الذاكرة ولاتنمحي على مر العصور ومنها هذا العرس احتفاء بالتقاعد وإنهاء رحلة العمل. يوم من أسعد الأيام أبت العائلة الصغيرة بقيادة شريكة الحياة أم محمد ومعها الأبناء وأزواجهم والأحفاد إلا أن يجعلوه عرسا حقيقيا، وكما هي عادتهم التفنن في المفاجآت بعد دراسة ومشاورات وتخطيط خلف الستار وتحيُّن للفرصة المناسبة.
خطة مدبرة في السيناريو بإلحاح وإصرار على إلتقاط صورة تذكارية للأحفاد مع جدو ولكنها لاتحلو بثوب البيت… ياالله يابابا استعد وتهيأ وتكشخ كل ذلك لإخلاء الجو لهم لتنفيذ خطتهم… وماأن تخرج عليهم حتى تجد نفسك في وسط حفل بهيج جُهز في سرعة فائقة يأخذك إلى عالم آخر يحيط بك الكبير والصغير مترقبين تلك اللحظات وجوههم تغمرها الابتسامة وقلوبهم تنبض بالحب والمودة وعيونهم يشع منها بريق البهجة والسعادة وأنفاسهم تردد ألف مبروك.. “وداعا أرامكو” تخرج من أعماق قلوبهم. “وداعا أرامكو” قد خُطت على صورة –عرضت على شاشة التلفاز– معبرة بمعنى الكلمة بزي العمل في المعمل الجديد الذي أنشأ في شيبة واختتمت به مسيرة العطاء والإنجاز.
يحق لهم أن يبتهجوا في هذا العرس وتتهلل وجوههم فرحا وسرورا مودعة العمل الذي كان ينازعهم ويشاطرهم بل يسلبهم أكثر ساعات اليوم. هاهم اليوم يودعون أرامكو بصوت عال يكفيك ما نلت، يكفيك ماسلبت من الصحة وإنهاك الجسد والعقل في رحلة طويلة على مدى ٣٤ عاما من العطاء والإنجاز والوفاء والإخلاص في تآدية الواجب وخدمة الوطن، لينعم اليوم أبونا بوافر الصحة والعافية في محطة أخرى وحياة جديدة نحن أبطالها وسفراؤها.
لقد صبرت الأسرة وأعطت ووقفت عونا وسندا خلال هذه الرحلة التي لم تتكلل بالنجاح لولا دعاء الوالدين ووقفة الأسرة مضحية متنازلة عن الكثير من وقتها وسعادتها صابرة على ألم الفراق والغربة متحملة المسؤولية وتدبير شؤونها. نعم يحق لها أن تسعد وتطرب في عرس التقاعد للتحرر من تلك القيود فهي شريكة في العطاء وهذه الرحلة المضنية التي شملت ابقيق والعثمانية والحوية والعضيلية والظهران وشيبه وبريطانيا وكوريا الجنوبية وغيرها.
التقاعد هو بداية حياة جديدة في محطات آخرى نسآل الله أن يمتعنا بالصحة والعافية وآن يجعلها حياة تقاعدية سعيدة بعيدا عن أجواء العمل.
الشكر الجزيل لأسرتي الغالية على هذه المفاجأة المتميزة والعرس الجميل والهدية الثمينة.
عبدالله الحجي
الجمعة ٢٧ يناير ٢٠١٧
٢٩ ربيع ثاني ١٤٣٨ هـ