طالب معيد خمس سنوات.. لماذا؟!
بقلم | عبدالله الحجي
في حديث ودي مع أحد المعلمين أخبر بوجود طلاب لديهم في المدرسة معيدين أكثر من سنة، وبعضهم ثلاث سنوات في نفس الصف. فاستغربت لهذا الأمر وكتبت تغريدة مع بعض التساؤلات فرد معلم آخر بأن لديه طالب معيد أربع سنوات. وفي المساء التقيت بمعلم ثالث وقال بأن لديهم طالب معيد خمس سنوات في نفس الصف.
هذه الحالات كانت من مدارس مختلفة، ولولا ثقتي بهؤلاء المعلمين لقلت بأنه يستحيل أن تكون حقيقة نعيشها في مدارسنا. أن يعيد الطالب نفس الصف مرة واحدة قد يكون الأمر مقبولاً نوعا ما لظروف معينة؛ أما أنه يعيد أكثر من ذلك فالأمر جدير بالوقوف عنده بالكثير من علامات الاستفهام. أين تكمن المشكلة؟ أهي من الطالب نفسه؟ أين المدرسة عن هذا الطالب؟ أين المعلم وأين دور المرشد الطلابي؟ وماذا فعلت المدرسة لتساعد هذا الطالب وأمثاله لتخطي هذه العقبة لمواصلة مسيرتهم التعليمية؟ وأين هي الأسرة ومادورها؟
هذه الفئة من الطلاب يُرثى لحالها وإن كانت نسبتها ضئيلة في كل مدرسة. فهي بحاجة إلى رعاية خاصة من المدرسة والأسرة وتستحق التركيز لدراسة وتحليل حالتها دراسة مستفيضة للوقوف على الأسباب والعوامل الرئيسة التي جعلتها تخفق لأكثر من مرة، ومن ثم العمل معا لوضع الحلول الناجعة المناسبة لكل حالة وتوجيهها التوجيه الصحيح وتقويمها ومساعدتها لتخطي هذه العقبة.
أسباب الإخفاق كثيرة وتختلف من طالب إلى آخر وليس من الإنصاف تحميلها طرف دون آخر بل هي مشتركة بين الطالب والأسرة والمدرسة، والحل يكمن في تعاون وتكاتف جميع الأطراف. فمن الأسباب قد يكون الطالب ليس له رغبة في الدراسة أو في إحدى المواد. وقد يكون بسبب الإنفلات السلوكي والخُلقي، ومرافقة أصحاب السوء والفكر المنحرف. أو ضعف في القدرات العقلية.
وقد يكون ذلك بسبب عدم ملائمة البيئة المدرسية أو أن أسلوب المعلم منفر ولايمكنه إيصال المادة بسهولة، وقد يكون بسبب انشغال المرشد الطلابي بالعدد الكبير من الطلاب وعدم التركيز على هذه الحالات وتخصيص جلسات خاصة لهم والعناية بهم، أو عدم كفاءته وأهليته ليقوم بهذا الدور.
وقد يكون بسبب البيئة المنزلية وفقد الاستقرار الأسري أو انفصال الزوجين وكل منهما سلك طريقا مختلفا في الحياة وأصبح الأبناء هم الضحية. أو إهمال الأسرة وعدم تعاونها مع المدرسة وعزوفها عن التواصل المستمر. وقد يكون الطالب من ذوي الاحتياجات الخاصة وقد زُج به في المدارس الاعتيادية لعدم رغبة ولي أمره في تسجيله في المدارس الخاصة ظنا منه بأنه من مصلحة الطالب بينما هو يجني عليه وعلى مستقبله، ويزيد من معاناته النفسية بسبب التفاوت الكبير في الأعمار وبقائه في مكانه لأكثر من سنة وهو يرى وجوها جديدة تصاحبه في كل عام وتودعه في نهاية العام.. ومع شديد الأسف هذه هي إحدى الحالات الثلاث على أرض الواقع.
إن ذلك يوحي بالمرارة والأسى لما يضيع من مستقبل أبنائنا ومكثهم سنين من عمرهم في نفس المرحلة، وكل يتنصل من المسؤولية ويلقيها على الطرف الآخر. قبل أسابيع كان لمجلس الحي لقاء مع مدير التعليم بالأحساء الأستاذ أحمد بالغنيم لمناقشة بعض الأمور التي من شأنها تحسين البيئة، والرقي بالتعليم في مدارس الحي. وقد شملت الضعف الإداري والإشرافي، وعدم ملاءمة بيئة المدرسة التي تحتاج للصيانة والنظافة بالإضافة إلى الإنفلات السلوكي والخُلقي من بعض الطلاب. كما لمسنا أيضاً تقصير الكثير من أولياء الأمور في التواصل الفاعل مع إدارات المؤسسات التعليمية لمعالجة مثل هذه القضايا، أو تصعيدها للجهات العليا إن لزم الأمر. ولايفوتني أن أقدم الشكر الجزيل لمدير التعليم على حسن استقباله وسمو خلقه واستماعه لجميع الملاحظات بصدر رحب، وعلى اهتمامه بمستقبل أبنائه، وحرصه على التواصل والتكامل بين المدرسة والبيت للرقي بالتعليم في المنطقة.
لن أخوض في ذكر الحلول التي تختلف من حالة إخفاق إلى أخرى، ونحن على ثقة بوجود من هم أهل من المعلمين والتربويين الأكفاء لإيجاد البلسم الشافي لكل حالة واتخاذ الإجراءات المناسبة إذا ماتم تشخيص العلة. إن توفر برنامج خاص يعنى بهؤلاء الطلاب المعيدين سيزرع الأمل في نفوسهم من جديد ويعزز ثقتهم بأنفسهم لمواصلة مسيرتهم التعليمية، والنجاح بجدارة وتنشئة جيل فاعل يسهم في نهضة وتقدم الوطن.
http://www.hasanews.com/6419942.html#sthash.kG4kZAbK.dpuf
رابط المقال في صحيفة الأحساء نيوز