قراءة في هلال العيد لعام ١٤٣٣
اختلاف العلماء رحمة وأمر صحي واختلافهم في رؤية الهلال كغيره من المسائل ولابد أن يتقبله المجتمع بأريحية وصدر رحب وليس لهذا اللغط الذي يحدث أي داع أو مبرر!!!!
كلمات نسمعها تتكرر في كل عام ولكن ماهي الدروس التي استفدنا منها من الأعوام السابقة لتفادي ولوجزئية بسيطة مما يحدث من تفكك وكثرة القيل والقال وتعزيز ثقة المؤمنين بمجالس ولجان الاستهلال.
لعد اتسعت فوهة الخلاف في هذا العام وخرج بيان اللجنة بصيغة ضعيفة يشوبه شيء من الغمام والتخلي عن المسؤولية المنوطة بالجهة المعنية ونقلها الى المكلف ليتخذ القرار المناسب بنفسه خصوصا لمقلدي السيد الخوئي (قدس سره). وكما علمنا فالنوايا كانت حسنة من اللجنة لتوحيد الصف بين الأحساء والدمام والقطيف بالرغم من عدم اتفاق بعض أعضائها على البيان الصادر واطمئنانهم بثبوت الهلال قطعا حسب ماورد من بينات شرعية وفلكية وبلوغ الأمر حد الشياع. للأسف إصدار البيان بهذه الكيفية وترك اتخاذ القرار للمكلف أضعف الثقة باللجنة خصوصا وأن المجتمع أصبح أكثر وعيا بموضوع الهلال وبعض الفضلاء وفقهم الله لم يقصروا بتوضيح مباني المراجع العظام وربطها بأقوال الفلكيين بأيام قبل الاستهلال بحيث شكلت حالة من الإطمئنان بثبوته لمقلدي السيد الخوئي وكان البحث مركزا لإثباته لمقلدي السيد السيستاني وهذه هي إحدى الإيجابيات والمبادرات الجميلة التي ينبغي الاستمرار عليها وتفعيلها من قبل اللجنة المختصة لزيادة ثقافة ووعي المجتمع قبل موعد الاستهلال. ومن جهة أخرى بدلا من توحيد الكلمة التي يستحيل ويستحيل توحيدها على رأي كل المراجع العظام الموجودين في الساحة حاليا فقد أسهم في اتساع فوهة الخلاف وعمل كل إمام مسجد ومن يأتم به بما أحرزه من اطمئنان، فترى صلاة العيد تقام في مسجد ولا تقام في مسجد آخر يبعد عنه أمتارا قليلة وكلاهما يرجعان لنفس المرجع، فأي توحيد ذلك الذي نسعى إليه فلربما يدل ذلك على خلل موجود في تكوين اللجنة وأنها تفتقد لأقطاب وكفاءات تمثل أغلبية طبقات المجتمع. ألم يصل إلى مسامع اللجنة مايردده كبار السن الذين اعتادوا على الخروج ببيان واضح قاطع بأن يوم غد هو عيد أو آخر شهر رمضان وطرحوا علامات استفهام كبيرة منها كيف لنا أن نثق بشهود افريقيا ونطمئن لهم ونحن لانعرفهم، إننا لا نستطيع أن نثق ونطمئن لمن هم في منطقتنا فكيف لمن هم خارجها. إن ذلك من وظيفة واختصاص المؤسسات الدينية وأصحاب الخبرة بحكم تواصلهم ومعرفتهم بالوكلاء الشرعيين المقيمين في تلك المناطق.
والمأخذ الآخر على اللجنة وإن سلمنا جدلا بعدم معرفتهم واطمئنانهم كلهم لشهود افريقيا إلا أن بعض من حضر من الفضلاء في لجنة الاستهلال كانوا مطمئنين بحكم تواصلهم ومعرفتهم بوكللاء في افريقيا، أفلا يحرز ذلك شيئا من الاطمئنان لثقتنا بهم وخصوصا بأن مواصفات الهلال من بقائه أكثر من ٢٥ دقيقة بعد غروب الشمس وارتفاعه أكثر من ٥ درجات في افريقيا قد تشكل اطمئنانا للرؤية لدى الفلكيين؟ ولو تجاوزنا ذلك ألا يوجد في مراجعنا العظام من اطمأن لشهود افريقيا والشياع الحاصل وأصدر بيانا بثبوت العيد؟ أين نحن عن ثقة مرجعنا الأعلى آية السيد السيستاني آية السيد محمد سعيد الحكيم الذي يتوافق مبناه ولو جزئيا مع مبنى السيد الخوئي والذي نرجع إليه في الكثير من المسائل الإحتياطية إذا ماأردنا مخرجا شرعيا سهلا يتوافق مع الظروف المحيطة بنا ولم يقتصر الأمر بالسيد الحكيم بل بآية الله الشيخ محمد اسحاق الفياض وإن كان الوقت متأخرا فيمكن استدراكه لتفادي صوم يوم عيد قطعي وحتمي ليس فيه شك ولاريب. فمن الدروس هنا التي ينبغي أن يستفاد منها تشكيل لجنة في للتواصل والتعرف على المؤسسات والوكلاء في افريقيا لإحراز الثقة والاطمئنان إذا استدعت الحاجة في السنوات القادمة وأيضا النظر في تأخير الإعلان أو تأجيله إن لزم الأمر وإحداث آلية تواصل فاعلة مع المجتمع عبر أئمة المساجد أو وسائل التواصل الحديثة التي كانت تنقل الأخبار مباشرة لكل من ثبت لديهم هلال العيد في هذا العام.
أما على مبنى السيد السيستاني حفظه الله فلانقاش في ذلك ولااختلاف باعتبار مبناه ضيقا جداً جداً محدودا ب ٨٩٠ كم حيث أنه يمكن أن يثبت في المدينة ولا يثبت في الأحساء باعتبار المسافة تقريبا ١٢٠٠ كم. إننا نحترم مباني السيد الخوئي والروايات الواردة في رسالته العملية والتي بموجبها ارتأى اتحاد الأفق وأيضاً نولي كل التقدير والاحترام والإجلال لسيدنا آية الله السيد السيستاني حفظه الله وإن كنا نطمح من الفضلاء العظام التواصل مع السيد وتوضيح ما يدور في منطقتنا بشكل خاص وإمكانية وجود مخرج شرعي ولو بجعل هذه المسألة احتياطية كغيرها من المسائل الخلافية للرجوع فيها لأحد المراجع العظام من أجل توحيد الصف قدر المستطاع بين شيعة آل البيت عليهم السلام وتوحيد العيد قدر المستطاع في البيت الواحد ليكون له رونقه وبهجته فكثير من الأباء يراعي مشاعر أطفاله ولايلبس الجديد ولايأكل أمامهم ولايظهر السرور. ومن جهة أخرى الأغلبية العظمى يحصل لديها اطمئنان بأنه يوم عيد وتقطع المسافة الشرعية من أجل أن تفطر وتقضيه فيما بعد فأملنا أن لا تنتشر هذه الظاهرة. أما عن كثيري السفر فإنهم يشرقون ويغربون باحثين عن مخرج شرعي ولكن ليس لهم إلا الصوم والنوم. وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والصلاح وتقبل أعمالنا وأعمالكم.
هذه السطور ليست للطعن في جهة معينة بل من أجل الاستفادة من الدروس السابقة والعمل جديا بخطوات عملية للتشاور وتفادي ما يحدث في كل عام ولكي نعزز الثقة باللجنة المتصدية ويكون لها قرارا واضحا بينا يتوافق مع ما يدور في الساحة والبينات الفلكية والشرعية لمختلف المراجع العظام في المنطقة قدر الإمكان.
عبدالله عباس الحجي
August 22, 2012
Info@moterfy.com