النبي محمد أنموذج عالمي للقيادة المثالية – الجزء الأول
يبحث الكثير من القادة عن أنموذج ليكون قدوة لهم في فن القيادة وليس استنقاصا في أحد من القادة المعاصرين إلا أن خير البشر وسيد الأنبياء والمرسلين هو خير أنموذج للقيادة العالمية المثالية. بالرغم من أنه كان قبل أكثر من ١٤٠٠ سنة إلا أن الكثير من المفاهيم والمبادئ والسمات التي تدرس اليوم كانت متأصلة في شخصيته القيادية. وفي هذه الأسطر نسلط الضوء على النزر اليسير من ذلك بالوقوف على بعض جوانب القيادة المحمدية.
يعرف القائد بأنه هو الذي يؤثر على أتباعه لتحقيق هدف معين. وتأثير نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) واضح وجلي على هذه الأمة خلال دعوته لاعتناق الدين الإسلامي والتي استمرت لمدة ٢٣ عام. لقد تميز بأسلوب مؤثر على من حوله بسلوكه المتميز وخلقه الرفيع الذي جعل الناس يتبعونه طواعية ويلتزمون بأوامره ويجتنبون نواهيه.
هذه الشهادة ليست خاصة بالمسلمين فقد صنفه العالم والمؤرخ مايكل هارت ليحتل المرتبة الأولى في كتابه المائة الذي صنف فيه الأشخاص الأكثر تأثيرا في التاريخ. هذا الكتاب يحوي الكثير من القادة المشهورين أمثال إسحاق نيوتن والنبي عيسى وبوذا وكونفوشيوس الذين احتلوا المراتب المباشرة بعد النبي (ص)، وقد قال هارت بأنه قد يعترض الكثير لحصول النبي محمد على المرتبة الأولى ولكنه كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً على كل من المستوى الديني والدنيوي.
يتحدث فن القيادة عن سمات مهمة في القائد ومن أبرزها الأمانة وكما هو معلوم بأن نبينا المصطفى (صلى الله عليه وآله) قد عرف بالصادق الأمين قبل بعثته بالرسالة. بالإضافة إلى ذلك فقد كان لديه رؤية واضحة فيما يريد تحقيقه لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وتحقيق المساواة والكرامة الإنسانية وأن تكون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس. كما أنه كان ملهما مخلصا مستقيما عادلا مكرسا حياته وعلى درجة عالية من تحمل المسؤولية والإهتمام بالرعية ومايضمن لهم من حياة سعيدة. وكان يتميز بالشجاعة والكفاءة والعلم والحكمة والذكاء والحنكة ،واتساع الأفق والتخطيط ووضع الاستراتيجات والبراعة في اتخاذ القرارات وحل المشاكل والنزاعات وغيرها من السمات التي يتحلى بها القائد المثالي.
لقد اتبع النبي (صلى الله عليه وآله) الكثير من أساليب التأثير ومنها الترغيب والترهيب كما قال الله جل وعلا: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا”. ومن الأساليب أيضا الخطابة لتميزه بالبلاغة والفصاحة وقوة البيان و الإقناع. ومنها التأثير بالتعامل بالخلق الحسن فكيف لا وقد وصفه الله جل وعلا بقوله: ” وإنك لعلى خلق عظيم” وقالت عنه السيدة عائشة (رضي الله عنها): “كان خلقه القرآن”. ومن أبرز الأساليب والتي تعد أكثر فاعلية وتأثيرا وأقوى من الكلمة هو العمل ليكون قدوة يحتذى به وقد وصفه الله جل وعلا في قوله: “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”
تميزت شخصيته القيادية بنمط الرحمة واللين والصبر والحلم والعفو وحسن الخلق التي كانت سببا رئيسا في كسب قلوب الكثير من الناس، قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”. وأيضا كان فيها نمط الديمقراطية والتشاور بعيدا عن الديكتاتورية والإستبداد بالرأي. ومع كل ذلك فنمط قيادته يمتاز بالتوازن وإن تطلب الأمر الحزم فلايتردد في ذلك فإنه يتوكل على الله لضبط الأمور وحفظها وقد وصف الله كل ذلك بدقة في هذه الآية العظيمة التي تحتاج للتمعن والتدبر “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ“
قال مهاتما غاندي متحدثا عن صفات النبي: “أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف..»
وقال الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) واصفا النبي (صلى الله عليه وآله) بوصف دقيق شامل: “كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فاحش، ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يوئس منه ولا يخيب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء (الجدال) والإكثار (أي الإكثار من الكلام أو المال) وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدًا ولا يعيبه، ولا يطلب عورته (أي لا يكشف عورة أحد أو لا يظهر ما يريد الشخص ستره ويخفيه عن الناس) ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه.
عبدالله الحجي
٢٠١٦/١١/٢٨
١٤٣٨/٢/٢٨
- الجزء الثاني سيتناول بعض الجوانب القيادية الأخرى.
جميل .. جميل
أوقع الله اجرك على الله ..
يقرأ الشخص ماكتبت وكم يدمع عينة من فقد هذا النبي الكريم الشهم النبيل … رزقنا الله واياكم شفاعة النبي محمد وال محمد .
راااائع أبا محمد 🌹
👍👍
أحسنت ابامحمد
مقال رائع عزيزي أبا محمد استطعت أن تطبق فيه صفات القائد الناجح حسب النظريات الحديثة على ماكان يتمتع به النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ووفقت بالشواهد القرآنية الداعمة