لاتتسرع في الحكم على الآخرين
منذ بداية الرحلة وصاحبه جالسا على المقعد المجاور له في الطائرة ممسكا بجواله بين يديه يلعب بحماس وتركيز. انتظره لبرهة من الزمن عله يتوقف ولكن لم يحدث ذلك فقاطعه بأدب قائلا هل تسمح لي بخمس دقائق من وقتك؟ قال له تفضل بكل سرور… فبدأ يتحدث إليه ويوجه له النصيحة قائلا ماذا لو استثمرت هذا الوقت في قراءة القرآن أو كتاب آخر تستفيد منه بدلا من هدر وقتك وتضييعه فيما لاينفع كما ورد في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): “لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عُمُره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت”. ومن وصاياه لأبي ذر (رض): اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”
كان صاحبه صامتا مطرقا برأسه منصتا للنصيحة بصدر رحب وما أن انتهى من كلامه قال له هل انتهيت من نصيحتك؟ فقال نعم ولكن أرجو المعذرة ولاتزعل مني… قال له لن أزعل وأتقدم لك بجزيل الشكر والتقدير على هذه النصيحة القيمة ولكن هل تعرف هذه اللعبة والغرض منها قبل توجيه مثل هذه النصيحة؟ فقال له لعبة كسائر الألعاب التي تهدر الوقت بلا نفع ولافائدة.
حينها نظر إليه وقال له ليتك سألتني عن هذه اللعبة والهدف منها وجمعت بعض المعلومات قبل أن تحكم عليها وعلي بمجرد نظرة بعيدة.. قال وماعسى أن تكون؟ قال له نصيحتي الأولى لك هي أن لاتحكم على الآخرين بمجرد نظرة أو ماتسمعه وتبني الحكم بحسب الصورة المرسومة في ذهنك والتي ليس شرطا بأن تكون هي الواقع. ألم تسمع بقصة ذاك الذي رأى أحد المصلين في المسجد يطيل النظر إلى جواله فصب عليه غضبه بأن المسجد مكان للعبادة وله قدسيته بأن يترك الجوال ويتوجه لله بالعبادة والصلاة وقراءة القرأن والذكر؟ فماكان من صاحبه إلا أن رفع له جواله لينظر إليه ولم ينطق بكلمة واحدة وعاد للنظر إليه مرة أخرى.. لقد كان منشغلا بقراءة أحد الأدعية.. فقال له ولكنك لم تكن تقرأ دعاء ولم تكن تقرأ القرآن بل كنت تلعب!
حينها وضح له بأن الألعاب ليست كلها لتضييع الوقت بل أن الكثير منها للتعليم والتفكير والتركيز وتحريك الذهن فالعقل يحتاج للتدريب كما هو الحال للعضلات التي تحتاج للتدريب بانتظام وإلا كانت ضعيفة واهنة. ولكي تطمئن بأنني لاأضيع وقتي فهذه اللعبة لتدريب الذاكرة وتنشيط العقل.
اعتذر إليه صاحبه وتعلم درسا ثمينا لن ينساه في حياته ليس فقط مع الجوال بل في مختلف شؤون الحياة ليجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، ويتحقق من الأمر ويسعى لمعرفة الأسباب والمبررا،ت ويتريث قبل الحكم على الآخرين بمجرد مايراه أو يسمعه.
عبدالله الحجي
جزاك الله خيرا يا ابو محمد هذا درسا مختصرا مفيدا للملاقيف اللذين تعج بهم مجتمعاتنا لعلا وعسى ان يتعلموا منه ويهتموا بشؤونهم ويتركوا الاخرين الآمنين وشؤونهم
ألف مبروك عالمدونة الجديدة
و
ربي لا يحرمنا من دررك الثمينة
تحياتي و أمنياتي
لك بالتوفيق و المزيد