اللي على راسه بطحه يحسس عليها

قياسي
 
يقال بأن مصدر هذه المقولة أن رجلا كان يملك دجاجاً ويعيش في قرية صغيرة ولكن كان هناك من يسرق منه ولم يشأ أن يتهم أحداً من سكان القرية فاشتكى إلى إمام المسجد. وفي اليوم التالي اجتمع الناس للصلاة وأخذ الإمام يتحدث عن الأمانة وجزاء السارق وأنهى خطبته بقول تخيلوا من وقاحة السارق أنه يكون جالسا بيننا وقد نسي إزالة الريش عن رأسه فقام الفاعل مباشرة يمسح رأسه فاضحا نفسه بنفسه.

قبل أكثر من سبع سنوات كتبت مقالا بعنوان “البنك العاطفي بين الرمل والصخر” وتوالت ردود الفعل من فئات وبيئات مختلفة فأرسل زميل في العمل قائلا لعلك تقصدني بمقالك وسأبذل قصارى جهدي للتغيير الايجابي، وانبرى شخص من الأصدقاء وقال كأنك تعنيني وآخر من العائلة وغيره من المجتمع كل فهم بأنه هو المعني والمقصود والبطل الذي يدور حوله المقال. 
 
الأمر لم يتوقف عند هذا المقال بل يتكرر مع الكثير من المقالات وليس معي فقط بل مع الكثير من الكتاب فيما تسطره أقلامهم سواء بالمقالات أو التغريدات بل يمتد الأمر مع المحاضرات والخطب والأفلام والمسلسلات الهادفة والقصص التي تتناول قضايا معينة للتنبيه عليها ومعالجتها. البعض يتحسس من الموضوع ويفهم بأن الرسالة موجهة إليه ويتصرف معها بتهور بعيدا عن الحكمة والموضوعية ويكون مصداقا لهذه المقولة “اللي على راسه بطحه يحسس عليها” حتى وإن لم يكن هو المعني أو ليس المعني الوحيد، وعليه يكون له ردة فعل عكسية وموقف سلبي من الطرف الآخر ويصب عليه غضبه ونقمته ويحاول الإنتقام بأي طريقة أو يملأ صدره حقداً وغلاً يسعى للتنفيس عنه بأي طريقة شاء للنيل من الطرف الآخر.
 
أخي وعزيزي قبل اتخاذ أي موقف سلبي عليك أن تتفهم أن الكاتب أو المتحدث أو القاص أو الممثل أو غيره يحمل رسالة إنسانية ويتفاعل مع الأحداث والقضايا التي تجري على الساحة من حوله وليس شرطا أن تكون شخصية، ويحاول تحليلها وإبرازها من الناحية الإيجابية و السلبية واقتراح الحلول من وجهة نظره أو طرح المشكلة والقضية على أصحاب الشأن والمسؤولية لدراستها وتقييمها وإيجاد الحلول المناسبة التي تخدم الجهات والأطراف المعنيين.
 
بكل تأكيد الإختلاف وارد وليس حديثنا عن الشواذ وكما قيل الإختلاف في الرأي لايفسد في الود قضية ويبقى رأي كل طرف مقدراً ومحترماً لايستدعي تحميله أكثر ممايستحق وكل يعمل بقناعاته ومبادئه وقيمه. فلنبتعد عن تحسس البطحة التي على رأسنا وتوجيه أصابع اللوم والإتهام إلى أنفسنا، وإن كان لدينا ثمة خلل أو خطأ فلنتقبل ذلك بصدر رحب ولنبادر بإصلاحه ومعالجته والتعديل من سلوكنا وتصرفاتنا بكل هدوء وموضوعية بدلا من التمادي والإصرار على الخطأ.
 
أملي أن لايضع البعض أنفسهم أبطالا لهذه المقالة أيضا ويعملوا بعنوانها ويضيعوا أوقاتهم في القيل والقال والتأويل والتخمين على حساب ماهو أهم وأولى للإصلاح والتغيير.
 
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٧/٢٧