يعارض البعض وجود ساهر لمراقبة سرعة السيارات وأنه ليس بالطريقة المثلى، ولكن ليعذرني الإخوة الأعزاء بقولي أن جنوننا وتهورنا بحاجة إلى أضعاف تلك السيارات للمراقبة على الطرق السريعة وبمضاعفة الغرامات بل حتى السجن لمن يتمادى في تجاوزاته وتهوره واستخفافه بأرواح الآخرين.
إن مانشاهده على الطرق السريعة غير طبيعي أبداً، سرعة جنونية متهورة، تجاوزات غير نظامية، أخلاق سيئة، والأسوأ من ذلك ظاهرة الصدام في الصدام التي أخذت تنتشر بشكل كبير وكأنهالاتشكل أي خطورة فأنت بين أحد خيارين أما أن تتجاوز السرعة المحددة لتحصل على مخالفة أو تقبل بالقيادة متجاهلا من خلفك وداعيا الله أن ينجيك وينجيه من كارثة مع أي خلل بسيط.
لم كل هذه السرعة الجنونية المتهورة وكم دقيقة ستوفر في كامل المسافة وأين ستستثمر هذه الدقائق؟ وماذا ستستفيد إن حدث ماحدث في أقل جزء من الثانية وأصبحت معاقاً على سريرك أو كرسيك، أو أصبحت من عداد المفقودين الذين واراهم الثرى؟ إن كانت حياتك رخيصة ولاتهمك فحياة الآخرين ممن تتسبب في موتهم ليست كذلك، وإن كنت لاتحمل ذرة من المسؤولية والثقافة والوعي وحياتك لاتعني لك شيئا فتذكر تلك القلوب التي سيفجعها فراقك وتقطيع أشلائك، تذكر أباك وأمك، تذكر زوجتك وأبناءك، تذكر تلك القلوب التي تأنس برؤيتك وتترقب عودتك بالسلامة من طرق الموت.
يقال بأن القيادة فن وذوق وأخلاق… مع الأسف هذه الشعارات في دول أخرى تشعر بالمسؤولية وتحترم الذات وتتمتع بوعي وثقافة أكثر. أما عندنا فالسياقة جنون وتهور واستخفاف، ولاأعمم في ذلك فيوجد ولله الحمد عدد كبير من السائقين الواعين الوقائيين ممن يتمتعون بالخلق الحسن والذوق الرفيع وهم قدوة يحتذى بهم. وإنما الخطاب إلى تلك الثلة المتهورة التي تعرض نفسها والآخرين للخطر فهي بحاجة لزيادة مواقع ساهر على الطرق السريعة، وتغيير مواقعها باستمرار، وأن يعي بأن من يرسل إشارات تنبيه للسيارات المقابلة للتخفيف من السرعة بوجود ساهر واقعا لا يقدم خدمة جليلة بل يكون شريكا له في التمادي والتهور وزهق أرواح الآخرين. هذه الشريحة المتهورة بحاجة إلى مايردعها ويوقظها من غفلتها لتكون أكثر وعياً ومسؤولية حتى وإن استدعى الأمر السجن لعدة أيام بعد عدد معين من المخالفات.
من المواقف الجميلة التي شهدتها في كوريا الجنوبية عندما كنت راكبا في إحدى سيارات الأجرة كانت الإشارة خضراء وتحركت السيارات التي أمامنا ولكن صاحبنا توقف في محاذاة الإشارة. نبهته بأن الإشارة لازالت خضراء ولكنه أشار إلى ازدحام السيارات في الأمام وأنه ربما يكون في وسط التقاطع ويعيق حركة السير للشارع الآخر عندما تأذن لهم الإشارة بالحركة. ولاداعي لمقارنة الوضع عندنا في نفس الموقف وكيف ستكون التصرفات، فالتنازلات للآخرين مستحيلة حتى وإن تعرضت أرواحهم ومركباتهم للخطر.
حفظ الله عموم المسلمين من كل سوء وإن كانت هناك سبل وأفكار أفضل وأكثر فعالية للحد من هذه التهورات والحوادث غير ساهر فما المانع بالمشاركة بها بكل إيجابية مع الجهات المعنية لدراستها وتطبيق مايمكن تطبيقه، لنكون جزءاً من الحل بدلاً من مجرد توجيه الإنتقادات بنظرة سلبية في المجالس.
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٤/١٠