في أول يوم من كل أسبوع يجول بين المكاتب حاملا بين يديه علبة من الحلاوة، يلقي بتحية عطرة وإبتسامة مشرقة ويقدم قطعة لكل شخص بإسم حلاوة الأسبوع. في أحد الأيام دخلت مكتبي فوجدت قطعة الحلاوة بالقرب من لوحة المفاتيح فتذكرت الموظف الذي انظم إلينا مؤخراً. لحظات وإذا به يطرق الباب بابتسامته المعتادة قائلا “حلاوة الأسبوع”.
قلت له لقد وصلت حلاوتك، فقال كلا… ربما تكون من شخص آخر يقلدني – وهو ممازحا. فأثنيت عليه وقلت له إنه عمل حسن والله يكثر المقلدين لك..
استوقفته وسألته ماهو السر وماهي الفلسفة في حلاوة الأسبوع؟ فأجاب لرؤية الإبتسامة على شفاه الإخوة الزملاء!
نعم وإن كانت قطعة صغيرة من الحلاوة البعض لايرى لها قيمة كبيرة ولكن مفعولها وأثرها ووقعها كبير في النفوس خصوصا في الساعات الأولى عندما تحط بهم الطائرة في تلك المنطقة النائية التي تحيط بها الكثبان الرملية من كل جهة… وخصوصا عندما يغادر الموظف منزله مودعا أهله وأبناءه بمزاج متعكر لسرعة انتهاء إجازة نهاية الأسبوع. صاحب حلاوة الأسبوع اختار هذا الوقت ليبعث في النفس السعادة والسرور ويحفزها لتنطلق بطاقة وحيوية وشحنة ايجابية مع بداية الأسبوع.
إنها عادة وسنة حسنة بالفعل تنم عن حب البذل والعطاء لزرع المحبة وتأكيد أواصر الأخوة ولإحياء السنة النبوية التي تحث على التهادي كما ورد عن أفضل الخلق والمرسلين صاحب الخلق العظيم (صلى الله عليه وآله): “تهادوا تحابوا، تهادوا فإنها تذهب بالضغائن” وقال : “تهادوا فإن الهدية تسل السخائم، وتجلي ضغائن العداوة والاحقاد”. وقال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : (لأن أهدي لأخي المسلم هدية تنفعه أحبُّ إليَّ من أن أتصدّق بمثلها)
قطعة من الحلاوة تضفي على النفس البهجة والسرور فترسم إبتسامة على الشفاه، وحتى هذه الإبتسامة التي ليس فيها جهد ولاعناء ولاتعب يبين قيمتها من يقدرها ألا وهو سيد الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله) في قوله: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”. الإبتسامة مفتاح القلوب وهي كما قيل لغة الشعوب المشتركة والتي لا تحتاج الى ترجمة أبدا.
نعم ماأحوجنا لتفعيل مفتاح القلوب، وإلى التهادي بين الفينة والأخرى وإن لم تكن قيمة الهدية المادية كبيرة -كل حسب ظروفه وامكانياته- فالهدية في قيمتها المعنوية، وهي بلسم للنفوس بين الوالدين وأبنائهم وبين والزوج وزوجته وبين الإخوان والأصدقاء والزملاء. الهدية يفرح بها الصغير والكبير والفقير والغني، ومن محاسن الخلق أن تكون مبادرا بالهدية لتذيب كل مايترسب في النفوس من شوائب وأحقاد وحواجز وتقرب بينها لتدوم العلاقة بالمحبة والألفة والمودة.
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٤/٤