لدي مهام كثيرة هذا اليوم ولكني لم أنجز أيا منها! عبارة تتكرر كثيرا لدى بعض الأشخاص لإخفاقهم في إنجاز مالديهم من أعمال وذلك يعود لأسباب مختلفة منها فقدان التركيز. فماهو التركيز ومتى نحتاجه ولماذا وماهي بعض الطرق التي تساعد على التركيز؟ تحدثنا في المقال السابق عن التفويض وفي هذا المقال نتناول موضوع التركيز وأهميته في زيادة الكفاءة والإنتاجية.
التركيز هو تخليص الذهن مما يشتته والإهتمام بشئ معين في وقت محدد. البعض يحاول العمل على إنجاز أكثر من مهمة في نفس الوقت متنقلا من مهمة إلى أخرى فينتهي به الأمر إلى عدم إنجاز أي شيء. وأحيانا يتناول مهمة واحدة ولكنه لايتمكن من إنجازها خلال الوقت المتوقع بسبب عدم تركيزه.
إذا انعدم التركيز أصبح الإنسان عاجزا عن تحقيق أهدافه وتدنت كفاءته وقلت إنتاجيته وقد يهدد الخطر حياته. بدون التركز لايمكن الجلوس والقراءة في كتاب لأكثر من دقائق معدودة، ولايمكن الكتابة والتأليف، ولا المذاكرة والدراسة، ولا التحليل وحل المشكلات واتخاذ القرارات، ولا إجراء العمليات الجراحية، ولا قيادة السيارة وتشغيل الآلات والمعدات، ولا الخشوع والتلذذ في الصلاة والعبادة، ولا الإبداع والإبتكار، ولا التنفس بطريقة صحيحة، ولا .. ولا..
في حياتنا العصرية كلما زاد التطور والتكنولوجيا أصبح الإنسان مشغول الذهن أكثر وأكثر ومن أبرز مايشتت ذهنه الجوالات الذكية والشبكة العنكبوتية والتلفاز ووسائل التواصل الإجتماعي وغيرها التي غزت حياتنا وأصبحت جزءا لايتجزأ منها وطغت سلبياتها على إيجابياتها مع بعض الأفراد وانعكست على حياة الكثيرين في مختلف الميادين.
أسباب انعدام التركيز كثيرة وتختلف من شخص لآخر وحسب نوعية العمل وهذه بعض المقترحات العامة للتطوير من القدرة على التركيز:
١- التخطيط الجيد ووضع الأهداف المختلفة سواء كانت طويلة أو قصيرة المدى.
٢- تحديد الأولويات والعمل على تنفيذ الأهم فالمهم وعدم تشتيت الذهن والتنقل من مهمة إلى أخرى.
٣- تفعيل قائمة الأعمال اليومية أو ما يعرف بقائمة (To do) بكتابة جميع الأعمال والمهام التي ترغب بإنجازها خلال اليوم.
٤- تنظيم وترتيب مكان العمل والمنزل والتخلص من كل شئ لاتحتاجه برميه أو وضعه في المكان المناسب للرجوع إليه وقت الحاجة.
٥- التحكم في التكنولوجيا لكي لانصبح عبيدا لها. سوء استخدامها جعل منها أدوات عدوة بدلا من أن تكون صديقة وأسهمت بشكل كبير في سلب التركيز في مجال العمل والعلاقات الأسرية والإجتماعية.
٦- الكثير من الوقت المهدور يمكن توفيره وزيادة التركيز عندما تجعل أجهزتك الذكية على الصامت ولاتصدر أي صوت أو اهتزاز. فماهو حاصل الآن البعض يضبط جواله لصدور نغمة عند وصول كل رسالة، فيترك مافي يديه ليقرأ الرسالة وعلى ذلك قس كم رسالة وكم ساعة ذهبت هباء منثورا. بالطبع إغلاقها لايكفي إذا كانت لاتزال مفتوحة في عقلك ودائما تفكر فيها.
٧- التحكم في الرسائل الإلكترونية (الإيميلات) بالإستفادة من المميزات الموجودة لفرز الرسائل الواردة أتوماتيكيا وذلك بتوجيه الرسائل الواردة إليك والمتطلب منك اتخاذ قرار والرد عليها إلى المجلد الرئيس وماعداها إلى مجلدات أخرى تقرأها كلما سنحت الفرصة.
٨- أخذ قسط كاف من الراحة والإستراحات القصيرة بين المهمة والأخرى.
٩- الراحة النفسية والجسدية والنوم الكافي وتجنب السهر فإن ذلك يساعد كثيرا على التركيز وتنشيط القدرات الذهنية والجسدية.
١٠- الإسترخاء ولو لمدة خمس دقائق يوميا في مكان هادئ وممارسة التنفس بالطريقة الصحيحة.
١١- عدم تضييع الوقت في البحث دائما عن الكمال والجودة المطلقة فكثير من الأعمال يكفي فيها الجودة حتى بمقدار ٨٠-٩٠٪ وماتبقى من نسبة قد تستغرق ضعف الوقت المستغرق والذي يمكن الاستفادة منه في انجاز مهام أخرى أكثر أهمية.
١٢- الإستفادة من الإجازة والاستمتاع بالطبيعة الخلابة التي تضفي على النفس الراحة والطمأنينة وتعيد شحن بطاريتك لتعود بكامل طاقتك ونشاطك.
١٣- ممارسة الرياضة والتغذية الصحية.
١٤- ممارسة الهوايات والإستفادة من الألعاب والبرامج التي تحفز العقل بعيدا عن الضغوط النفسية.
١٥- التدريب باستمرار على التركيز كماهو الحال في تدريب العضلات.
عندما تركز على أمر معين فإنك ستبذل كل مايمكنك لإنجازه في الوقت المناسب وستبذل قصارى جهدك وكامل طاقتك وكل ماتملك من مهارات في التواصل والإقناع والحوار والتفاوض إن لزم الأمر. قانون التركيز “ماتركز عليه تحصل عليه” ليس مختصا بمجال دون آخر بل تحتاجه في جميع شئون الحياة. فإن كنت تركز على الخير والسعادة والنجاح ستحصل عليهم، وإن كان تركيزك على الشر والتعاسة والفشل ستحصل عليهم بكل تأكيد، والأمر يعود إليك ماذا تريد..
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٣/١٨