في زيارة لإحدى الجهات أخذت رقما وانتظرت، وماهي إلا دقائق وظهر رقمي على الشاشة الالكترونية. ذهبت إلى الموظف وأخبرني بأن تنفيذ الطلب سيتأخر، فسألته كم يستغرق من الوقت ساعة، يوم أو أكثر؟ فأجاب لا.. يستغرق تقريبا عشر دقائق.
فتبسمت وسألته متعجبا وهل ترى ذلك تأخيرا؟ فقال نعم.. لقد بدأت الإدارة بتطبيق برنامج المراقبة للموظفين لمعرفة عدد العملاء الذين يخدمهم كل موظف خلال ساعات العمل والوقت المستغرق لكل عميل، وعليه يحاول كل موظف الحرص على عدم إضاعة الوقت ومراعاة الإنتاجية بخدمة أكبر عدد ممكن من العملاء خلال فترة زمنية وجيزة.
فمازحته وأين الإدارة عن تطبيق ذلك من قبل؟ ثم أثنيت عليها لحرصها على تطوير خدماتها بما يصب في خدمة العميل ورضاه واحترام وقته وتقديم أفضل الخدمات له. فلم يعجبه كلامي وقال ولكنك ياعزيزي لاتعرف حجم الضعط النفسي الذي خلقته هذه المراقبة على الموظفين لكي يظهر كل منهم بالأداء المتميز ليضمن البقاء على رأس العمل ويكون أسمه في أعلى القائمة عند الإدارة.
نكتفي بهذا القدر من الحوار مع الموظف، وموقف آخر شاهدته في تخليص الجوازات في مطار هونج كونج حيث كان المطار مكتضا بالمسافرين ومن حولهم طاقم من الإدارة يقوم بإحصاء المسافرين الواقفين في طابور الإنتظار ودراسة وتقييم الوقت المستغرق لكل مسافر وعلى ضوئه تحديد العدد المناسب من الموظفين لتسريع الإجراءات مراعاة للمسافرين.
كل مواطن يشعر بالراحة النفسية عند مراجعة أي جهة تحترمه وتحترم وقته وتحرص على تنفيذ إجراءاته في وقت قياسي. ولكن مع شديد الأسف الملاحظ في بعض الدوائر أن الموظف لايكترث بمقدار الوقت الذي تستغرقه كل معاملة فتراه تارة يستمتع بحديثه مع زملائه، وتارة أخرى لايترك الإتصالات التي ترده على جواله والتي يقوم بها بنفسه، وتارة يذهب لفترة الراحة والتدخين والصلاة ومتى ما عاد يعود، وأحيانا يباشر تخليص المعاملات ولكن على آقل من مهله مستغرقا أضعاف الوقت المتوقع بحيث لايقوم بتخليص ربع المعاملات التي يخلصها زميل يجلس بجانبه، وتارة أخرى يكون مشغولا بتخليص المعاملات التي تأتي من الباب الخلفي والتي يحضى أصحابها بأولوية لاجدال فيها!
كل ذلك يجري بلاحسيب ولا رقيب سواء أنهى معاملة واحدة أو عشر معاملات فهو يرى نفسه صاحب معروف وفضل على العميل إن شاء أن ينهي معاملته اليوم وإن شاء تأخيرها لمدة أسبوع أو أكثر. ذلك أمر طبيعي عندما يتساوى جميع الموظفين ولايوجد تفاضل بينهم، وعندما تنعدم المراقبة الدقيقة للأداء، وعندما ينعدم التحفيز والتشجيع وتكريم المتميزين، وعندما يغيب العقاب ومحاسبة المقصرين. ماتقدم يخص الإدارة وأما من جانب الموظفين لايتورع عن المماطلة في تأخير العملاء والتقصير في عمله من لايعيش الرقابة الذاتية التي تردعه عن ذلك، كما لايكترث من لايستشعر الرقابة الربانية ممن لايخفى عليه شيء.
كثيرة تلك المواقف التي يعيشها كل مواطن ولا يمكن حصرها في مقال واحد فكل له مواقفه التي لاينساها. فكم هي النوافذ والكبائن والمكاتب المخصصة لخدمة العملاء ولكن أكثرها قد علق عليه لوحة مغلق بالرغم من وجود العشرات بل المئات من المنتظرين.. أهو بسبب قلة الموظفين؟ فإن كان كذلك فأين هي تلك الأيادي العاطلة خريجة الثانوية والجامعة التي سئمت الإنتظار؟ وإن كان بسبب الكفاءة والفاعلية والإنتاجية فأين برنامج الرقابة والتحفيز والتشجيع والتكريم والعقاب؟ ومن جهة أخرى ماهو منشأ فلسفة أنتهى العدد المحدد لهذا اليوم فنرجو أن تراجعنا غدا كما هو منتشر في بعض الدوائر حتى وإن كان ذلك خلال الساعة الأولى من بداية الدوام؟ أليس المراجعون هم موظفون من جهات أخرى ممن يواجهون صعوبات وإحراجات من كثرة الإستئذان لمتابعة معاملاتهم، ومن حقهم استلام معاملاتهم خلال ساعات العمل وتحديد الوقت المناسب للمراجعة حسب الإمكانات المتوفرة؟
إنها أمنية كل صاحب معاملة أن يستشعر كل موظف وكل مسؤول بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في أي جهة كان، وأن يبذل كل مافي وسعه لتخليص المعاملات في أسرع وقت ممكن، متحلياً بالأخلاق الحسنة، ومراعياً كرامة العملاء ومقدراً قيمة وقتهم، وباذلاً قصارى جهده لراحتهم.
عبدالله الحجي
٢٠١٥/٢/١٢
مقال جميل يحاكي الواقع ولكن لا حياة لمن تنادي
كانت لدي معاملة بالمحكمة وجد بها خطأ في كلمة واحدة تم إعادتها للأمانة بعدها راجعت الأمانة التي بدورها سلمتني المعاملة لتعديل الخطأ من المكتب الهندسي توجهت للمكتب وتم تعديل الخطأ ثم توجهت للبلدية وخلصت المعاملة خلال ساعة بين المكتب والبلدية ثم توجهت للأمانة وسلمتهم المعاملة الساعة العاشرة صباحاًً بعدها أخبرني الموظف بأنها تحتاج لتوقيع مدير إدارة التخطيط وهو غير متواجد حالياً وكان ذلك اليوم أول يوم بالأسبوع انصرفت بعدها وبقيت أتردد على الأمانة بقية أيام الأسبوع وكان المدير متواجد طيلة أيام المراجعة وكل يوم يخبرني الموظف بأنها لم توقع بعد إنتهى الأسبوع وبدأت المراجعة الأسبوع الثاني ولم توقع في منتصف الأسبوع جائتني رسالة برقم المعاملة استبشرت خيراً ذهبت للأمانة وتوجهت رأساً إلى الصادر والوارد أعطيتهم رقم المعاملة قال لي الموظف سترسل بالبريد للمحكمة وراجع المحكمة برقم المعاملة رفضت وأخبرته إني أريد استلامها يدوياً لتوصيلها للمحكة بعدها سلمني المعاملة مغلفة بظرف ذهبت للسيارة أنتابني الفضول لفتح الظرف فهمت بقرأتها لتأكد من تصحيح الخطأ وأتفاجأ بأن المعاملة غير موقعه من مدير التخطيط .
تعليق :
عندما يغيب الحافز سواء المادي أو المعنوي لا تنتظر أداءً جيداًً من الموظف .
وعندما يغيب الأداء لا تنتظر رضا العميل .
وعندما يغيب رضا العميل لا تنتظر السمعة الطيبة .