القيادة الناجحة والتفويض الفاعل

قياسي
في كل يوم يقضي ساعات إضافية على ساعات العمل المحددة ويشكو من تراكم الأعمال ويعيش ضغطاً نفسياً، ويتأخر في إنجاز مهامه خلال الفترة الزمنية المتوقعة. مثل هذه المواقف ربما تكون مقبولة تحت ظروف خاصة أما أن تكون بشكل مستمر فذلك ينم عن وجود خلل في منظمة العمل يتمثل في نقص الموارد، أو كفاءة القائد نفسه وافتقاده لبعض المهارات التي يحتاجها مثل حسن إدارة الوقت وتحديد الأولويات والتركيز والتفويض الفاعل وغيره من الأسباب، وفي هذه المقالة سنركز على مهارة التفويض.

التفويض الإداري يعني منح القائد بعض صلاحياته ومهامه لمرؤوسيه لتنفيذها ولكنه يبقى مسؤولا عنها. بعض القادة يفتقدون لمهارة التفويض فينتهي بهم الأمر لعمل كل شيء بأنفسهم وذلك يعود لعدة أسباب منها حبهم في السيطرة والنفوذ والمركزية والتحكم في كل شيء، وحرصهم على نيل التكريم والشكر والتقدير لأنفسهم بدلا من توجيهه لأشخاص آخرين يعملون معهم، كما أن البعض يعتبر ذلك مما يهدد مستقبله ومنصبه بالخطر. ومن الأسباب عدم ثقتهم بالفريق الذي يعمل معهم مما يجعلهم دائما في حالة خوف وهلع من الفشل والإخفاق في حال عدم إمكانية إنجاز المهمة على أكمل وجه خلال الفترة الزمنية المحددة،  وأحيانا يتوهمون بأن ذلك فيه ضياع الوقت بسبب تدريب الأفراد ومن الأفضل إنجاز المهام بأنفسهم مهما كلفهم الأمر وجعلهم يعملون لساعات كثيرة بشكل روتيني تحت ضغط نفسي يؤثر على صحتهم وعلاقاتهم الأسرية والإجتماعية.
 
القائد الناجح ليس من يحرص على إنجاز كل شيء بنفسه بل من يكون بارعاً ماهراً في التفويض ليحقق عدة فوائد منها التخلص من العبء والضغط النفسي وإنجاز مهامه ضمن الأطار الزمني المحدد ومضاعفة الإنتاجية، واستغلال الوقت في وظيفته الحقيقية كقائد للتخطيط الاستراتيجي وتحقيق الأهداف وفق الرؤية  والرسالة المتفق عليها. ومن الفوائد تطوير المنظمة التي يعمل فيها والتابعين له من أعضاء فريقه، وتعزيز الثقة بهم، والاستثمار في تدريبهم بكل فخر لكسب مهارات جديدة. كما أن التفويض يساعد في تأسيس وصنع قادة ذوي مهارات عالية يمكن الإعتماد عليهم بعيداً عن الأنا والخوف من فقدان المنصب والكرسي… فكما قيل لو دامت لغيرك لما وصلت إليك.
 
التفويض لايعني التخلص من العمل ورميه على الغير بطريقة عشوائية بل ينبغي أن يتم بطريقة مناسبة بتقديم الشرح الوافي والإتفاق على الأهداف والنتائج النهائية مع المفوض إليه، والمتابعة الدورية خلال فترة الإنجاز للتأكد من السير على المنهجية والخارطة التي تحقق النتائج المطلوبة في زمن محدد. كما ينبغي من القائد أن يعزو كل تقدم ونجاح لمن قام بإنجاز المهمة، ولاينسب النجاح لنفسه ويبخس حق المفوض إليه. ومن سمو الأخلاق أن لا يتنصل القائد عن المسؤولية ولا يلقي باللوم والعتاب على المفوض إليه أمام الآخرين إذا ماحصل تقصير أو إخفاق.
 
ومن النماذج السلبية أن بعض القادة يسيء المغزى من التفويض ويكون إنتقائيا باختيار المهام التي فيها مصلحة له وإبراز لذاته ويرمي بغيرها على أفراد فريقه. والبعض منهم يرمي كل صغيرة وكبيرة على من يعمل معه ليستمتع هو بمتسع من الوقت متحررا من العبء والضغوط النفسية وغير مكترث من نقل المشكلة لمن يعمل معه ليصارع الوقت والضغوط النفسية.  
 
عبدالله الحجي

٢٥/٢/٢٠١٥