متعة الحياة في تحدياتها!

قياسي
سنوات عديدة من الخدمة.. تميز في الأداء.. مثابرة وكفاح.. تكريس وإخلاص.. كل ذلك لم يكن ليشفع له في المؤسسة التي كان يعمل فيها فظل يصارع التحديات التي تعصف به، والأمواج التي تلاطمه وتحطم معنوياته وتسلبه تحقيق أحلامه وبلوغ طموحاته وأمنياته.


ذلك مجرد مثال يعيشه الكثير في المجال المهني وعليه يمكن القياس على غيره من المجالات. فكل شخص يواجه في حياته تحديات كثيرة سواء كانت عائلية أو عملية أو اقتصادية أو صحية أو اجتماعية أو غيرها. ولكن كل شخص يختلف عن الآخر في طريقة التعاطي والتفاعل مع هذه التحديات.

رجوعاً إلى المثال السابق، البعض يستسلم للأمر ويستمر على وضعه يكابد الآلام والتحديات يوما بعد يوم يعيش على أحلام واهية. ومنهم من يختصر المسافة ويحيل نفسه على طريق التقاعد المبكر ليتفرغ لإستثماراته الخاصة وعمل مايروق له بلاقيود. ومنهم من يستيقظ من سباته متأخرا ويتكيف مع تحدياته مؤديا واجبه بعيدا عن الضغوطات النفسية، مستفيدا من هذا التحدي لإعادة ترتيب أوراقه وأولوياته، وتحقيق التوازن بين أهدافه التي تشمل جميع الأدوار التي يشغلها، ويبحث عن فرص واعدة ليعيش حياته باستثمار وقت فراغه و طاقاته ومواهبه وهواياته فيما يحقق له السعادة والرضا الذاتي. ومنهم من يقرر وضع نهاية لتلك التحديات واجتثاثها من جذورها وتحويلها إلى فرصة للتغيير والالتحاق بمنظمة عمل أخرى يجد فيها مساحة واعدة أكبر لتحقيق طموحاته وأهدافه، والإستمرار في عطائه واستثمار طاقاته وخبراته للرقي بالمنظمة التي انظم إليها.   


التحديات التي تواجهنا مهما كانت لاينبغي أن تكون عائقاً أو أن تقف حجر عثرة أمام تحقيق مانصبو إليه من أهداف سامية أو سبباً في تعكير صفو العيش والتأثير على الحالة النفسية والصحية. بل بالعكس ينبغي أن ننظر إليها بنظرة إيجابية، وبعقل متفتح ونبحث عن طرق فاعلة للتحكم في كيفية التفاعل والاستجابة معها بحكمة وروية. فكما قيل: “تحديات الحياة لايفترض أن تعيقك، بل يفترض أن تساعدك لاكتشاف نفسك”.برنيس جونسون. 

وذلك لايمكن تحقيقه بيسر وسهولة إذا كانت ردة الفعل مبالغ فيها إلى درجة أن يبدأ التحدي بجعل حياتك مأساوية وغير مرضية. عندما ينغلق أحد الأبواب أمامك لاتهتم كثيرا ولا تكن متشائما ومتحطما معنويا، ولكن افعل مابوسعك لتجد طريقة مثلى لكي تتمكن من فتحه مرة أخرى، وإذا ما تعسر إعادة فتحه فلا تقف أمامه محملقاً كثيراً وتضيع وقتك منتظراً طوال حياتك مُصراً على إعادة فتحه. انظر من حولك وسترى أبواباً كثيرة مفتحة تستطيع اختيار أي منها بما يناسب احتياجاتك ويلبي رغباتك لتعبر من خلاله بابتسامة لعلك تجد فيه الخير الكثير الذي لم تجده في غيره من الأبواب.

التحديات ليست دائماً سيئة، والحياة أحياناً تكون مملة بدونها. التحديات تجعل الحياة أكثر متعة ومعنى لأنها تخرجك من المنطقة المريحة التي اعتدت المكث والاستقرار فيها. وعليه فنحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نتفاعل ونتعامل مع جميع أنواع التحديات التي تواجهنا في مختلف الأصعدة لكي لانسمح لها أن تعكر صفو عيشنا. علينا أن نتحلى بالصبر والإستعانة والثقة بالله جل وعلا، وأن نكون عقلانيين آخذين بجميع الأسباب والظروف المحيطة. كما ينبغي أن نكون إيجابيين وننظر لوجهي العملة ونقيم الإيجابيات والسلبيات. ومن الضروري أن نتحلى بأعلى درجات الثقة بالنفس وبقدراتنا وإمكاناتنا لنتمكن من تحويل أي تحد بيسر وسهولة إلى فرص مثمرة واعدة نستفيد منها على المدى القصير والبعيد.

وليس شرطا بأن تكون هذه الفرص من نفس طبيعة التحدي بل يمكن أن تكون في أي مجال وفي أي بيئة قريبة أو بعيدة. وذلك الأمر يتطلب منا أن نكون أكثر وعيا ومبادرة وانفتاحا، ونفكر خارج الصندوق بدون قيود أو حدود. وأي إخفاق في ذلك يعني بأننا استسلمنا وقررنا أن نواصل العيش مع تلك التحديات ونتصارع معها، ويبقى الحال على ماهو عليه بغض النظر عن النتائج السلبية الوخيمة. ومن جميل ما قيل: “لاتتمنى أنه كان أسهل، تمنى أنك كنت أفضل. لاتتمنى مشاكل أقل، تمنى المزيد من المهارات. لاتتمنى تحديات أقل، تمنى المزيد من الحكمة.” جيم رون

والآن عزيزي القارئ خصص جزءا من وقتك، وخذ قلما وورقة وسطر فيها بعض التحديات التي تواجهك في مختلف المجالات العائلية والعملية والإجتماعية والإقتصادية ..  وغيرها. ثم ابدأ بالتفكير ايجابياً وبكل تفاؤل وحكمة في كيفية تحويل هذه التحديات لفرص مثمرة واعدة تحقق لك النجاح والسعادة الدنيوية والأخروية.

عبدالله الحجي

٢٠١٤/١/٣


3 رأي حول “متعة الحياة في تحدياتها!

  1. ما شاء الله مقال اكثر من رائع ويلامس الوضع الذى يعيشه الاغلبيه هذه الايام

    ياليت تكون عندنا الشجاعه والارادة القويه باتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب،

    وفقك الله ابو محمد ونفع بك الامه الاسلامية

التعليقات مغلقة.