لايكن أبناؤك ضحية التعدد

قياسي
في كل عام يجمع بعض أبنائه ويسافر معهم في رحلة داخلية في ربوع البلاد. قد يسأل سائل أليس لديه زوجة لتذهب معهم؟ بلى.. لديه بدل الزوجة الواحدة أربع زوجات وكل واحدة تأخذ نصيبها من السفر معه ولكنه خلال عامين على التوالي يخصص رحلة تجمع فقط بعض الأبناء من زوجاته لأهداف سامية منها تعميق العلاقة بين الوالد وأبنائه وبين الأبناء أنفسهم. وفي الجهة المقابلة زوج هجر أبناءه من إحدى زوجاته وكأنهم لايمتون إليه بأي صلة ولايعرفهم حتى في المناسبات التي هم بأمس الحاجة فيها ليغدق عليهم بعطفه وحنانه الأبوي!

لن أخوض بعمق في موضوع التعدد وأحتفظ برأئي لنفسي فالأمر محلل شرعا وكل له قناعاته وأسبابه وظروفه الخاصة للزواج بأكثر من واحدة ومن هذه الأسباب البحث عن الأبناء أو مرض الزوجة أو تقصير الزوجة في تلبية حقوقه أو تقصيرها في الاهتمام بنفسها وبه والإنشغال بالأبناء وشؤون المنزل أو عدم التوافق والانسجام بينهما. وأحيانا يكون لأسباب تعود للرجل ذاته لرغبته في التغيير وإشباع رغباته الجنسية، والبحث عمن يدعم حالته المادية، ومنهم من يقول أنه يحمل هماً وحساً إجتماعياً لمعالجة العنوسة والزواج ممن فاتهن القطار والأرامل والمطلقات. ومهما تعددت الأسباب يوجد في الجهة المقابلة بعض الأزواج ممن يوجد لديهم الأسباب والمبررات التي تعذرهم للزواج كالرغبة في الذرية أو مرض الزوجة مثلا ولكن يبقى الود والوفاء والإحترام والتقدير متأصلا في نفوسهم صابرين محتسبين لسنوات عديدة قد تتجاوز العشرين عاماً وأكثر.
 
التعدد قد يكون نعمة يعيش فيها الزوج ملكاً وقد يكون نقمة يتمنى أنه لم يتزوج حتى بواحدة وذلك يعتمد على عدالته وحنكته وحسن تعامله وقيادته لزمام الأمور، وفي الدرجة الأولى تفهم الزوجات وتقبلهن للوضع وتنافسهن أما لدلاله أو لتنكيد عيشه وتقصير عمره.
 
من المؤسف المحزن بأن الأبناء قد يكونون هم ضحية ذلك التعدد. يقول أحد المتزوجين مضى على زواجي عشر سنوات ولم تعرف زوجتي الأولى بذلك. ويقول آخر مضى أكثر من ١٥ سنة على زواجي الثاني وكل زوجة تسكن مع أبنائها في منزل مستقل بعيد عن الآخر ولايوجد بينهم تواصل حتى في المناسبات. وأحيانا يكون السكن قريباً جداً ولكن تتدخل الأمهات بتعبئة رؤوس الأبناء وزراعة الحقد والغل فيعيش الإخوان علاقة عدوانية على مدى سنوات عديدة مادام الزوج موجوداً على قيد الحياة. وما أن يتوفاه الله حتى ترق قلوب الزوجات وتتحسن علاقتهن وتنعكس إيجابا على أبنائهن لتبدأ مرحلة جديدة من صلة الرحم والمحبة، والندم على مامضى من سنين الجفاء والعداوة والبغضاء. ولا يتوقف الأمر على قطيعة الرحم بين الأبناء فقط، بل الأسوأ من ذلك عندما يتخذ الوالد موقفا سلبيا ويقطع علاقته بأبنائه بمجرد سوء العلاقة مع أمهم أو عندما ينتهي الأمر بالإنفصال فيذهب كل من الزوجين في سبيله ليبدأ حياته الجديدة  بشرط التخلي عن الأبناء بأي وسيلة كانت.
 
مهما دبت الخلافات بين الزوجات، فهل يستدعي الأمر غرس الحقد والكراهية في نفوس الأبناء منذ نعومة أظفارهم؟ وهل يستدعي الأمر أن يعيش البعض في أقصى الشرق والبعض الآخر في أقصى الغرب؟ وهل ينبغي قطع التواصل والعلاقة بينهم والانتظار حتى يرحل والدهم إلى جوار ربه؟ وهل يستحق لقب الأبوة والأمومة من اندثر عطفه وحنانه ومات قلبه ولم يكترث بأبنائه عاشوا أو رحلوا؟ وهل يستحق الأبناء ليكونوا هم الضحية؟
 
عبدالله الحجي
١٤١٥/١/٢٧