لايستحق أن يكون زوجاً لكريمتك

قياسي
ظاهره ملتزم دينيا، مواظب على صلواته ومحافظ عليها، و يحرص على أن يكون دائما في الصف الأول في المسجد..
تقدم لخطبة فتاة لإكمال نصف دينه.. كانت بوادر القبول المبدئية إيجابية للغاية بعد عرضها على الموازين الشرعية والمعايير التي حددها رسول الله (صلى الله عليه وآله)  في الزوج وهي الخلق والدين حيث قال: “إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه”، وأردف (صلى الله عليه وآله) ذلك بالنهي عن رد صاحب الخلق والدين فقال: “إنّكم إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”
 
عملا بالعرف السائد تم السؤال لمعرفة المزيد عن المتقدم. منهم من ذكره بالخير والصلاح والتدين، ومنهم من زكاه بالتزامه دينيا إلا أنهم تحفظوا على سلوكه العملي وخلقه وسوء تعامله وتصرفاته مع الآخرين.  
 
لم يتحقق الشرطان عند ولي الأمر وشكك في الأمر من أنه قد يكون المعني شخص آخر.. فكانت حجته على أنه لايترك الصلاة ويطيل ركوعه وسجوده!!
 
غالبا ماتكون الصلاة والإلتزام دينيا يردع الشخص عن سوء الخلق وينعكس على تعامله وسلوكه مع الآخرين عندما ينهل من الدروس الأخلاقية السماوية. إلا أن تلازمهما ليس شرطا وقد يكون أداؤه للصلاة مجرد عادة اعتاد عليها يستأنس بأدائها ويستوحش بتركها، كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): “لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شيء اعتاده، ولو تركه لاستوحش لذلك.. ولكن انظروا إلى صدق حديثه، وأداء أمانته).
 
يوضح هذا الحديث المنهجية في الحكم على الناس وعدم الاغترار والنظر إلى طول الركوع والسجود بل الالتفات إلى الجانب الأخلاقي والسلوكي في التعامل مع الوالدين والأهل والأصدقاء وغيرهم. وقد أكد على هذه المنهجية صاحب الخلق العظيم (صلى الله عليه وآله) بقوله: “الدين المعاملة”. بهذه العبارة القصيرة رسم لنا (صلى الله عليه وآله) الطريق الذي يجب أن نسلكه لنستحق حمل الدين، فليس الدين بكثرة الصلاة والصيام والحج والزكاة بل لابد أن نهتم بحسن معاملة من حولنا بالتحلي بالأخلاق الحميدة والترفع عن الأخلاق المذمومة التي بدأت تنتشر وتدب في النفوس كالأمراض المستعصية التي يصعب التخلص منها حتى تقضي على صاحبها.
 
كيف لا، وهو من وصفه الله جل وعلا بالخلق العظيم في قوله: “وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ”. لقد استطاع بخلقه الكريم وطيبة قلبه وسمو نفسه الزكية أن يجذب الكثير ويرغبهم للإسلام ولم يتبع سياسة التنفير والقسوة والإساءة والترهيب وقد أشاد بذلك عز وجل في قوله: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”
 
ولاتقتصر المعاملة على الأقربين ومن لهم صلة وعلاقة وطيدة بل تشمل الجميع بمختلف أطيافهم ومذاهبهم وقد أكد على ذلك إمامنا الصادق (عليه السلام) في وصيته المشهورة لكل من ينتسب إليه: “كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً ، قولوا للناس حسناً ، واحفظوا ألسنتكم وكفّوها عن الفضول ، وقُبح القول”
 
في أيام ذكرى ميلاد سيد الخلق والمرسلين (صلى الله عليه وآله)، وحفيده الإمام الصادق (عليه السلام) ماأحوجنا أن نراجع حساباتنا وسلوكنا وأخلاقنا وتعاملنا مع والدينا وأزواجنا وأبنائنا وكل شخص من حولنا ليكون صاحب الخلق العظيم (صلى الله عليه وآله) هو أسوتنا وقدوتنا، وأن نكون عند حسن ظن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) لكي يدعو له الناس بالرحمة لحسن تربيته وتأديبه لنا.
 
عبدالله الحجي
١٤٣٦/٣/١٧