يعمل في منظمة عمل ويحمل رصيد إجازات لثلاث سنوات (مايقارب ٩٠ يوما) بحجة أن رئيسه لايستغني عن خدماته، وعدم وجود من يقوم بمهامه أثناء غيابه ويخشى أن تصاب منظمة العمل بالشلل والخسارة أثناء غيابه.
تختلف مدة الإجازة من منظمة إلى منظمة ومن دولة إلى أخرى فحسب لائحة العمل السعودية يستحق العامل عن كل سنة من سنوات الخدمة إجازة سنوية بأجر كامل لا تقل مدتها عن (21) يوماً. بعض الموظفين لايرغبون بالخروج في إجازة لظروفهم وأسبابهم الخاصة التي لن أتطرق لها في هذه المقالة. وأحيانا يكون تأجيل الإجازة من القائد وذلك بسبب ثقته الكبيرة في عدد محدود من الموظفين وتفويض كل المهام التي يريد إنجازها لهم، ويشعر بقلق كبير حينما لايجدهم من حوله.
تكدس إجازات أي موظف بسبب تطلبات العمل المزعومة يكشف تقصير القائد وضيق أفقه ورؤيته وسوء تخطيطه. فالقائد الكفؤ الفذ هو من لايعتمد على موظف واحد أو اثنين فقط لتسيير مهامه بل يضع له خطة لتدريب وتطوير أكبر عدد ممكن ممن يعملون معه ويثق في قدراتهم وإمكاناتهم بحيث يقوم كل منهم مقام الآخر ليتمكن كل موظف من الاستمتاع بإجازته السنوية بدون إحداث ربكة ولاتقصير في مجال العمل. كما أنه بخروج أحد الموظفين في إجازة يتيح الفرصة أمام الموظفين الآخرين لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وإثبات وجودهم وتفجير طاقاتهم واكتشاف مالديهم من إمكانات.
ومايغفله بعض القادة تلك المنافع الجماء والأثر الإيجابي الذي ينعكس على الموظف وأدائه حينما يستمتع بإجازته مع عائلته بعيدا عن جو العمل وضغوطاته. تلك الإجازة تعيد شحن بطاريته ليعود بصحة أفضل ومعنويات مرتفعة محملا بالحيوية والنشاط والذهن المتفتتح للإبداع ومضاعفة الإنتاج بأداء متميز.
لاأريد الإسهاب في هذا الموضوع فقد وردت الكثير من الدراسات في الفوائد التي يجنيها الموظف بسبب إجازة قصيرة وانعكاساتها الايجابية على أسرته وعلى جهة العمل، وأكتفي بذكر موقف حدث قبل أكثر من خمسة عشر عام تقريباً. حين قررت منح أحد المهندسين الذين يعملون معي إجازته السنوية، طلب مني مسؤول التشغيل الذي تُقدم له الخدمات بتأجيل الإجازة معللا بأن ذلك المهندس لديه العديد من المهام الضرورية الملحة التي لايمكن تأجيلها. لم أوافقه على طلبه وقدمت له أحد المهندسين المستجدين ليقوم بمهامه ولكنه أبى إلا أن يرفع الأمر إلى قائده ليستعين به ويؤجل إجازة المهندس. حينها دعاني قائده وهو جالس بجواره وقال استمر في إجراءات الإجازة فالعمل مستمر، وإن كانت شركتنا العملاقة تتوقف على شخص واحد فلاخير فينا ولا فيها. نعم لقد كانت كلمة قائد كفؤ متميز اتسم بالحكمة والحنكة.
وبعد انقضاء الإجازة دخل مكتبي المهندس المستجد وقال شكرا لك على ثقتك وعلى هذه الفرصة الثمينة التي جعلتني في تحد للبحث عن المعلومات وايجاد الحلول بنفسي سواء عن طريق البحث في المكتبة أو استشارة المهندسين ذوي الخبرة. لقد تعلمت فيها مالم أتعلمه في ستة أشهر. وعندما سألت مسؤول التشغيل أبدى إعجابه وتقديره بما قدمه المهندس المستجد من خدمات بكفاءة عالية وزمن قياسي لم يكن يتوقعه منه. هذا بالإضافة إلى ماعاد به المهندس من حيوية ونشاط بعد إجازته وتكليفه بمهام جديدة ليتمكن من سد ثغرات أخرى ليستمتع كل موظف بأيام إجازته خلال أيام السنة.
عبدالله الحجي
٢٠١٥/١/١٠
مقال جميل أيها القائد الفذ 🌹🌹🌹👍👍 فعلاً هناك قادة يفتقدون لروح الإنتماء والشعور بالحاجات المادية والمعنوية التي تعتبر بمثابة حافز تشجيعي من أجل بذل المزيد من الجهد بروح معنوية متجددة .