تشرفت ليلة البارحة بحضور الأمسية القرآنية العاشرة التي تنظمها دار الرحمن لعلوم القرآن ويسعدني المشاركة بهذه الوقفة مع إحدى فقرات البرنامج المتميز.
بداية باسمي وباسم عائلة الحجي نرفع أسمى آيات الشكر والتقدير والثناء لفضيلة الشيخ عبدالله الياسين حفظه الله والكوكبة المؤمنة التي نذرت نفسها في دار الرحمن على جهودهم الجبارة الملموسة المتميزة في الاهتمام بالقرآن الكريم والتي كان لها دور كبير و صدى واسع في العديد من المساجد في المنطقة، فالله نسأل أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم ويوفقهم ويسدد خطاهم.
لقد استوقفتني فقرة من فقرات الحفل وأبيت إلا أن أنثر هذه السطور لنستلهم منها عبرة ودرسا في حياتنا العملية، ألا وهي فقرة الحوار مع الشيخ عبدالله الرصاصي وابنه الشبل محمد الذي حفظ القرآن الكريم بأكمله عندما بلغ السابعة من عمره. لقد توجه الحضور لمحمد بالأسئلة المختلفة والتي منها ذكر موضوع معين كالخمس والوضوء وغيره وهو يقرأ الأية المتعلقة بذلك. وسؤاله بإكمال آية ما وأكثر من ذلك قراءة أية له وهو يقوم بذكر اسم السورة ورقم الآية ورقم الصفحة بكل ثقة.
لقد كان مسجد الإمام الحسن (ع) يضج بالصلوات من قبل الحضور وقد توجه إليه البعض بعد الانتهاء ليتشرف بالسلام عليه ويبدي فخره واعتزازه بذلك الشبل الذي يحفظ بين طيات صدره كامل المصحف الشريف. إنه الشرف وكل الشرف أن يكون الإنسان حافظا لكتاب الله المجيد هو وكذلك أبناؤه ولكن ذلك لايكون بين عشية وضحاها ولايكون بالتمني فقط فكما قال الشاعر أحمد شوقي: “ومانيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا”.
تحقيق هذا الهدف السامي يتطلب الإعداد والاستعداد له والمواظبة من قبل الوالدين والأبناء. فدور الوالدين يكمن من قبل انعقاد النطفة وبعد تكون الجنين في رحم أمه ومتابعته والاهتمام به بعد الولادة. فكما روى فضيلة الشيخ كان يتعاهده ويشرف على تعليمه بعض الآيات والسور منذ أن كان عمره سنتين حتى لقي عنده قابلية الحفظ بسرعة وألحقه بمدرسة للقرآن الكريم. ومما كان له دور كبير في تحقيق هذا الهدف هو إصرار والده على تحقيق هذا الهدف وأيضاً البيئة التي عاش فيها مغتربا خارج الوطن والتي هيأت الجو المناسب للحفظ بعيدا عن الملهيات التي يغرق فيها الأبناء منذ نعومة أظفارهم من ألعاب وإنترنت ومسلسلات وبرامج تلفزيونية يساء استخدامها وتسهم في تشتت ذهن الطفل وتجرفه بعيدا عما ينفعه وينمي قدراته وطاقاته ومواهبه. إن كل عام ينقضي هو محسوب من العمر والآفة الكبرى هي التسويف من يوم إلى آخر وإساءة إدارة الوقت حتى يصل الإبن لطريق يصعب فيه التخلص من الشوائب التي تعششت على عقله واستحوذت عليه، وإن تمكن من ذلك سيستغرق منه حتما الوقت الكثير لكي يفتح صفحة جديدة يشرع في التفكير والتخطيط لأهداف سامية. إنها وقفة تأمل لن أخوض في أعماقها ولكن أحببت رسم الخط العريض لنا الآباء ولفلذات أكبادنا وكل دار أعلم بعلتها وتستطيع تشخيص دائها ووصف الدواء المناسب للعلاج قبل أن يهتك المرض بها.
عبدالله الحجي
٢٠١٣/٧/١٩
مرتبط