هذا العنوان ذكرني بمقطع فيديو قديم شاهدته على اليوتيوب بعنوان «قوة الكلمات» كان مرفوعاً منذ فبراير 2010 وبلغ عدد المشاهدين حتى تاريخه أكثر من 19مليوناً. هذا المقطع يوضح اندهاش رجل كفيف بمدى تفاعل المتبرعين له جراء تغيير العبارة المكتوبة إلى جانبه من «أنا رجل كفيف… الرجاء المساعدة» إلى «إنه يوم جميل وأنا لا أستطيع رؤيته». ما من شك فإن العبارة الجديدة لها وقع كبير في النفس ودغدغة العواطف والمشاعر مما تجعل المتبرع يتفاعل ويضاعف من عطائه، هذه الكلمات لا تخص مديري المشاريع فقط بل تشمل عديداً من المجالات والأدوار التي نعيشها في حياتنا سواء في المنزل مع الأبناء والزوجة أو في العمل مع الرئيس والموظفين أو في الحياة الاجتماعية مع الأصدقاء وسائر البشر. واقعاً قبل ذلك كله فالأمر يتعلق بالشخص نفسه فأنت من تبرمج عقلك الباطن بنوعية رسائلك وكلماتك المستمرة له. فكلما كانت الرسائل إيجابية حتماً سيكون تأثيرها إيجابياً في تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز والتفاني والإخلاص وتحسين الأداء والتميز والإنتاجية العالية وحسن التعامل والمعاشرة مع الآخرين، والعكس عندما تكون الرسائل سلبية.
كل شخص هو قائد في مجال عمله أو منزله أو أي من الأنشطة الاجتماعية، والقائد الفاعل يحتاج أن يملك مجموعة من السمات والمهارات تمكنه من التكيّف مع المواقف والأحداث واختيار الأسلوب والنمط الأمثل للتعامل مع فريقه والآخرين. ومن هذه المهارات مهارة التواصل الجيد والذكاء العاطفي باختيار الكلمات المناسبة لجذب الآخرين وتحقيق التوافق والانسجام والتأثير عليهم. الكلمة المناسبة يكون لها سحر في التأثير والتحفيز وخلق التعاون والتكاتف وروح الفريق الواحد. وفي الطرف المقابل فالاختيار غير الموفق لبعض الكلمات كفيل بأن يقضي على رصيد الإنسان في بنكه العاطفي وينتج عنه آثار سلبية تؤدي إلى هدم العلاقات الأسرية ولربما يصل الحد إلى الانفصال بين الزوجين وتشتيت شمل العائلة. وكذلك ينتج عنه آثار سلبية في العلاقات العملية والاجتماعية.
بكلماتك وأسلوبك وتعاملك قد تجعل الموظف ينفر من عمله ويقدم على النقل أو الفصل أو التقاعد المبكر مع أنه لايزال يتمتع بكامل قدرته وطاقته على الإنتاج والعطاء، وقد تخلق بكلماتك جواً من الحب والشغف بينه وبين عمله فينصهر وفاء وإخلاصاً وولاء ولا يقبل إلا أن يكون عمله عظيماً وإنجازاته المتميزة هي المحفز الأكبر له لتقديم المزيد. فكما قال ستيف جوبز الرئيس السابق لآبل: «الطريقة الوحيدة لتكون راضياً بحق هي أن تعمل ما تعتقد بأنه عمل عظيم، والطريقة الوحيدة لإنجاز عمل عظيم هي أن تحب ماتعمل»
بكل تأكيد أن كل شخص هو مسؤول عن تغيّر ذاته ولايمكن تغيير العالم بأسره كما قال الله عز وجل «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ». ولو غيّر كل شخص من كلماته فإنه حتماً سيغيّر من نفسه وعالمه في الدرجة الأولى ومن ثم سينتج عنه تغيير في العالم المحيط به. نعم بالانتقاء المناسب لكلماتنا يمكن أن نحدث تغييراً جذرياً ونؤثر إيجابياً على كل من نتعامل معهم ونخلق حالة من الألفة والانسجام والذكاء الاجتماعي لتدوم العلاقات الوطيدة ونحقق أهدافنا التي نصبو إليها بنجاح. ويسعدني أن أختم بمقولة القائد المهاتما غاندي العظيمة: «كن ذلك التغيير الذي تتمنى أن تراه في العالم»
٢٠١٤/٨/١٠
غير كلماتك .. تغير عالمك – صحيفة الشرق
غير كلماتك … تغير عالمك
قياسيألقى جون دوسشينسكي كلمة في المؤتمر العالمي الذي نظمه معهد إدارة المشاريع في دبي في مايو 2014 وكانت كلمته بعنوان (Change your words, change your world)، أي «غير كلماتك، تغير عالمك». وقد تعرض في كلمته إلى أن الناس لا يهوون وظيفة مدير المشاريع وذلك لأنه عقلاني ينصب تركيزه على أهداف المشروع ومجاله والميزانية والجدول لإنجاز المشروع في الوقت المخطط له. وتطرق إلى أن مدير المشاريع يفتقد للجانب العاطفي ولا يتصل بالقلب والروح مركزاً فقط على الجانب الإداري.