لقد ازداد الوعي وانتشر الاهتمام بإحياء شعيرة الاعتكاف خلال السنوات المتأخرة لما للمعتكف من عظيم الأجر والثواب ولما له من آثار تربوية وأخلاقية وروحانية على نفس المعتكف خلال ثلاثة أيام ينقطع فيا ويتوجه إلى الله جل وعلا مخلفا وراءه نعيم الدنيا الزائل وزينتها وزخرفها مخالفا هوى نفسه وتعلقها بملذات الدنيا وشهواتها.
الاعتكاف هو أحد المحطات التي يتزود فيها المؤمن بشحنات وطاقات روحانية تقوي إيمانه وتزيده ورعا وتقوى في معترك الملهيات والهوى والشياطين التي تملأ الصدور بالوساوس وتحيط هواجسها بالقلوب وتزين حب الدنيا للإنسان وتبعده عن الآخرة. الاعتكاف فرصة للإنسان ليجدد علاقته بخالقه ويخرج نظيفا نقيا من الآثام والذنوب فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين”. كما أنه فرصة للعبد ليراقب ويحاسب نفسه ويطيل التفكر والتأمل في آيات الله ومخلوقاته وهو معتكف في بيت الله تعالى ويرسم له منهجية واضحة للمواظبة على ذلك بعد انقضاء الإعتكاف.
الاعتكافات في تزايد مستمر في أحسائنا الحبيبة وقد انبرى نخبة من المؤمنين بمبادرة رائدة بتأسيس مجلس أطلق عليه المجلس التنسيقيى لاعتكافات الأحساء تحت إشراف العلامة السيد هاشم السلمان (حفظه الله) حمل على عاتقه التنسيق بين الاعتكافات قدر المستطاع وتقديم الدعم المعنوي والديني والمادي حسب الحاجة للمتطلبات الأساسية. في هذا العام اجتمع تحت مظلة المجلس ثلاثون مسجدا شارك فيها مايربو على ١٢٠٠ معتكفا. مما لاشك فيه إن هذه المبادرة تدل على أن أبناء المنطقة بمدنها وقراها حريصون على التكاتف والتضامن والتطوع والعمل الجماعي بما يخدم المؤمنين ويجمع كلمتهم ويوحدهم. كما أنها تخلق روح التنافس الشريف لتقديم الأفضل والارتقاء بالخدمات التي تقدم للمعتكفين وتشجع على اكتساب وتبادل الخبرات والاستفادة من دروس الآخرين وتفادي أخطائهم. ومن ايجابياتها الاستفادة من الطاقات والكفاءات المتخصصة المتواجدة في مكان ما لما يعود بالنفع على جميع الاعتكافات. ومن أصدق الأمثلة، كان لي الشرف في الاسبوع الماضي بحضور الحفل الختامي للاعتكافات بإشراف سماحة السيد هاشم وقد طرح بعض الأخوة الأعزاء مبادرات ورغبات عملية صادقة تثلج الصدر لاستثمار الطاقات والكفاءات التي نذرت نفسها وتطوعت بكل أريحية وسعادة لخدمة المجتمع، وأكدت تكاتفها وتعاونها ودعمها للعمل الجماعي الخيري.
٢٠١٤/٩/١٢