الموائد الرمضانية مختلفة.. فأيهم نختار؟

قياسي

الموائد الرمضانية مختلفة… فأيهم تختار؟

أقبل شهر الرحمة والبركة بموائده المتنوعة من مائدة الطعام إلى مائدة اللهو والتسلية والترفيه ومائدة الخيرات ومائدة النفحات الربانية.
 شهر يتميز عن باقي الشهور وله وقع خاص في نفوس البشر، وكل له مأربه منه طبقا لميوله ورغباته، حتى خرج البعض عن الغاية المنشودة من الشهر الكريم المتمثلة بفنون الدعوات وتلاوة القرآن وعبادة الرحمن حق عبادته والابتعاد عن محارمه، إلى الانغماس في الملهيات والمسليات والسهر إلى ساعات متأخرة حتى بعد طلوع الفجر. 
 شهر رمضان هو احدى المحطات التي يحتاج الإنسان الى أن يعيد حساباته فيها مع نفسه باعتباره أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام وساعاته أفضل الساعات وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر, قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة».
عندما يرحل العبد من هذه الدنيا وقد خفت موازينه يتحسر على ما اقترفته نفسه من ذنوب ومعاصٍ وينادي الرب الجليل: «رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت»، ولكن هيهات له ذلك وما هي إلا كلمة هو قائلها، وفي الحقيقة هنيئا لمن يوفق في مثل هذه الأيام الرحمانية وليالي القدر ويتخيل نفسه كأنه قد اتيحت له الفرصة فما هو صانع ليعوض عن الأيام الخالية التي قضاها بعيدا عن الله عز وجل ويجلس على هذه المائدة الروحانية.
من المظاهر السلبية التي انتشرت بشكل كبير وأصبحت من الأهداف الأولية لدى البعض في هذا الشهر هو الانغماس والإحاطة بمائدة اللهو والتسلية طيلة ليالي الشهر مباشرة من بعد الإفطار والتجول من قناة إلى أخرى خلف المسلسلات التي كانت تعد لها العدة منذ رمضان المنصرم والأغاني والطرب والبرامج الأخرى التي تتنافى وقدسية الشهر الكريم. وأيضا ما يعيشه الشباب في النوادي والشوارع ساهرين جل ليلهم بالتسلية واللعب والانغماس فيمالا يرضي الله.
أما عن مائدة الطعام فحدث ولا حرج وكأن الناس جياع طوال أيام السنة ولا يحلو الطعام وصنوف الموائد إلا في شهر رمضان.. تسابق وتصارع على أبواب المجمعات وطوابير من العربيات محملة بجميع الأصناف وتفنن وتنافس بين السيدات في الطبخات ومصير ما يزيد على النصف أوعية النفايات.
لقد أنعم الله علينا ومهما ارتفعت الأسعار فلن نقبل أن يستشعر أبناؤنا أي نقص أو أن نحرمهم ما تشتهيه أنفسهم، ولكن حبذا لو وضعت مائدة الطعام إزاء مائدة الخيرات.
أبواب الخير مشرعة أمامنا فها هي الجمعيات الخيرية مفتوحة أبوابها على مصراعيها في الشهر الكريم ليقف من أنعم الله عليه وقفة إنسانية يستشعر مرارة العيش التي يعيشها الفقراء والأيتام الذين يتطلعون إلى الأيادي البيضاء التي تمتد إليهم لتسد جوعهم وتوفر كسوة العيد التي تدخل البهجة على نفوسهم وتدعمهم لمواصلة تعليمهم وتحميهم من لسعات البرد القارس وتسهم في تهيئة المأوى المريح.
إن خير الأعمال في هذا الشهر ما سطرته خطبة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في استقبال شهر رمضان بدعوته إلى تقوى الله والابتعاد عن محارمه وحسن الخلق وتلاوة كتاب الله والدعاء وكثرة الصلاة والاستغفار والذكر والصدقة والرأفة بالأيتام وصلة الرحم وتفطير الصائمين وغيره من الأعمال التي تقرب من الله فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: «الشقي كل الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم».
نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى وأن يهدينا لخيار موائده ويتقبل من جميع المسلمين صيامهم وقيامهم.

 

6 رأي حول “الموائد الرمضانية مختلفة.. فأيهم نختار؟

  1. واصل السماعيل

    احسنتم مهندسنا المحترم توجيهات وأرشادات عظيمة دالة على أهتمامكم بواقع مجتمعنا وشبابنا. جزيتم خيرا بماكتبتم

  2. علاء الموسوي

    إختيار المنشور موفق في المضمون والتوقيت……التفاتة غي محلها.
    رمضان مبارك عليكم و أعاده اللّه علينا وعليكم بالخير والبركات أخي أبو محمد.

  3. شاكر النصير

    مقال ممتاز يدعونا الى مراجعة النفس وتحديد ماهو المطلوب منها في هذا الشهر المبارك حيث أنه فرصه يجب أستغلالها فيما يفيدنا ويعود علينا بالمصلحة والثواب في الدنيا والأخره

  4. ابومحمد

    موضوع شيق وممتع وكما قلت شهر كريم وفضيل فابلكرم تجود على ابنائك واحبابك بما انعم الله عليك وافاض من خير ونعمه وان تعمل او تنفق بما هو منطقي ومعقول من باب عدم الأسراف وحفظ النعمه
    ومن فضل الله على البشر انه اعطاهم عقول وميزهم واكرمهم بالعقول فيجب علينا ان نختار من برامج ومجالس واصدقاء من هم يفيدوننا ونستفيد منهم وان لا نجعل هذا الشهر فقط للهو والسهر وان نقسم اوقاته للعباده والأستمتاع بأطباقه وان نجالس الخيرين امثالكم

التعليقات مغلقة.