من المؤسف..
من المؤسف أن نصنع قادة وشخصيات ونجعل لها مكانة مرموقة، ومنزلة عالية، ونرفعها ونعطيها أكثر من حجمها وماتستحقه، وهي غير مؤهلة لذلك، ونجعلها كل شئ من لاشئ، ونجعلها تُصدِق وتُصادق، ونصفق لها ونقدمها، ونبجلها ونقدسها، وكأن الوجود ليس فيه سواها.. مهلا .. مهلا..
من المؤسف أن يكون التنافس والتناحر والطعن والتراشق ليسقط من يسقط، ويبرز من يبرز لينال الوجاهة والمكانة والقداسة بانفراد تحت مظلة من صنعته الأيادي
من المؤسف أن يكون التملق والتزلف لكسب الرضا ونيل الثقة ممن تربع فوق عرش القيادة والزعامة ليرفع هذا ويُسقط هذا حسب معايير خفية وهو غير أهل لها
من المؤسف التحزب والاصطفاف إلى كل من يدعي القرب من ليلى
من المؤسف أن يخسر المرء عزته وكرامته في سبيل الوصول إلى دكة العرش ليحظى بنظرة حانية وقبلة دافئة وتزكية …
من المؤسف أن تعطل العقول ويصيبها الجمود وتُصندق وتُخندق وتُكبل بسلاسل لاتُفل لكي لاتسرح وتمرح، وتفتش وتنقب، وتكشف زيفا لايحلو لها سماعه وتكون سببا في سقوط تاج الزعامة والقيادة الموهومة.
من المؤسف أن يباع ماهو أهم ويتم التنازل عنه في سبيل ماهو أقل أهمية وأحقر من الالتفات إليه
من المؤسف أن نزرع أوهامنا في عقول أطفالنا فينشأو ويحذوا حذوها بالطاعة والانقياد جيل بعد جيل بلا تفكير ولا إدراك مرددين “هذا ماوجدنا عليه آباءنا” وهم قدوتنا منزهون من كل خطأ.
من المؤسف أن نخدع أنفسنا ونجرها نحو الهاوية ونخدع من يأتي بعدنا بهالة وأوهام صنعناها بأيدينا وصدقناها لتتناسب مع أهوائنا وميولنا ورغباتنا.
من المؤسف أن تُغلق العيون وتُدس الرؤوس في التراب لكي لاتنجلي الحقائق، ولايُسمح لوميض من نور وبريق من أمل لينكشف من نهاية النفق فينير القلوب ويلهم العقول للتحرر
من المؤسف ومن المؤسف ومن المؤسف أن تدوم الغيمة الرمادية ويخيم الصمت والمجاملة والمحاباة، ويتهاوى لنا أحبة حباها الله بنعمة العقل لتميز بين الزيف والحقيقة وترسم طريقها بعيدا عن التأثيرات الجانبية.