التخصص الجامعي.. ورغبة الوالدين

قياسي

التخصص الجامعي.. ورغبة الوالدين

بعد التخرج من المرحلة الثانوية يواجه أبناؤنا منعطفا أكثر تحديا بمتطلباته من الناحية التعليمية، والاجتماعية وتحمل المسؤولية التي لاتقتصر على الذات بل تشمل الأسرة والمجتمع، بكونهم ركيزة أساسية تلعب دورا رئيسيا في تطور وازدهار الأوطان.

بعد المرحلة الثانوية يفترق الطلاب وكل منهم يلتحق بجامعة أو كلية؛ منهم من يواصل طريقه بنجاح وتميز حتى النهاية، ومنهم من يتعثر ويتوقف في وسط الطريق ويبدأ في إعادة النظر لرسم خارطة طريق جديدة بعد هدر سنين من عمره.

سوء التخطيط هو من أبرز الأسباب التي تجعل بعض الأبناء في حالة تردد لاتخاذ القرار السليم في اختيار التخصص المناسب وذلك بعدم وضوح الرؤية قبل وقت كاف من موعد التخرج. البعض ينتظر حتى يحين وقت التخرج أو قبله بأيام ويشرع في البحث. اختيار التخصص هو أهم ولربما أول قرار مصيري كبير يتخذه الطالب بحيث يكون مسؤولا عنه وعليه أن يخطط له مبكرا وتكون خارطة الطريق واضحة أقلها مباشرة بعد الانتهاء من المرحلة المتوسطة إذا لم يكن قبل ذلك.

والسبب الآخر في الإخفاق هو تهميش الذات والالتحاق بالتخصص الذي يرغب فيه الأب أو الأم أو أحد الإخوة. وأحيانا لايفرض الوالدان رغبتهما بل إن الطالب نفسه يقلد أحد والديه أو أصدقائه ويريح نفسه من جهد التفكير ومعاناة البحث والاختيار. عندما يلتحق الطالب بتخصص ليس له رغبة فيه فإنه سيكون عليه ثقيلا ولن يستمتع بمواصلة مشواره وإن واصل على مضض لن يبدع ويتميز بل سيكون فقط من أجل التخرج وإرضاء رغبة الوالدين. لا شك بأن الوالدين يرون أنفسهم في أبنائهم ويتمنون رؤيتهم في مهن مرموقة بعد التخرج وهم محط فخرهم واعتزازهم في المجتمع ومن هذا الباب يكون حرصهم وإبداء رغبتهم وأمنيتهم. قد يكون ذلك مجرد حلم وأمنية ولكن لو أبدى الطالب عدم رغبته وقناعته ومقدرته وتمكنه  من الالتحاق بتخصص ما فلا شك بأنه سيكون محل تقدير واحترام من قبل الوالدين لكي لايكونا مصدر تعاسة وهدم لمستقبل الابن. وبالنسبة لتقليد غيره فذلك أيضا غير صحيح نظرا لاختلاف الميول والرغبات والفروقات الفردية والظروف المحيطة، وفيه تعطيل لمهارة هو في أمس الحاجة إليها، ألا وهي القدرة على اتخاذ القرار وتحمل نتائجه.

والسبب الثالث هو عدم تمكنه من الالتحاق بالجامعة أو الكلية التي يجد فيها رغبته وذلك بسبب عدم حصوله على المتطلبات التي حددتها الجامعة. وهنا تكمن أهمية التخطيط المبكر للجد والاجتهاد للحصول على النسب المطلوبة في الدراسة والقدرات والتحصيل وغيره من المهارات التي يمكن اكتسابها حتى وإن تطلب الأمر الالتحاق ببعض الدورات التدريبية.

نكتفي بهذه الأسباب الثلاثة لنركز على مايحتاجه الطالب لاختيار التخصص المطلوب. كما أسلفنا سابقا الرغبة هي من أهم وأبرز الأمور التي ينبغي مراعاتها للاختيار. لابأس من أن تسمع وتعرف رغبات الآخرين من حولك، وتسمع لبعض التوجيهات والمقترحات ولكن تذكر بأن القرار قرارك وأنك صاحب القرار وأنت المسؤول عنه لكي لاتتعثر في منتصف الطريق وتلقي باللوم على الآخرين. من باب ماكل مايتمناه المرء يدركه يفضل اختيار أكثر من تخصص حتى لو كانت ثلاثة تخصصات وتصنيفهم حسب الرغبة والأولوية بحيث يتم تقبل الوضع بسلاسة وعدم الشعور بصدمة أو ردة فعل قوية لو انغلق أحد الأبواب.

الأمر الآخر هو القدرات والإمكانات والمواهب التي تملكها وتمكنك من اختيار التخصص المناسب الذي يتوافق معها. فعلى سبيل المثال كان يعمل معنا أحد المهندسين ولكنه كان يواجه صعوبة في التعامل مع الآخرين وإنجاز المهام المنوطة به وذلك بسبب خجله وعدم قدرته على التواصل والتفاوض مع مختلف الأصناف من البشر كما تتطلبه مهنة الهندسة. تم إعطائه أكثر من فرصة ولكن في نهاية الأمر تم تكليفه ببعض الأعمال المكتبية. وكذلك الحال مع باقي التخصصات التي يحتاج الطالب التعرف عليها.

بعد ذلك يأتي موضوع جمع المعلومات التي تساعد في اتخاذ القرار وذلك بالجلوس مع أطراف متخصصة في نفس المجال مثل الطلاب والخريجين والموظفين ذوي الخبرة لمعرفة التفاصيل وطبيعة العمل. من الأفضل الجلوس واستشارة أكثر من شخص يتم انتقاؤهم بعناية قبل ترتيب أي أثر، فبعض الأشخاص قد يكونون سلبيين أكثر من اللازم ويهولون الأمر ويختلقون صنوف العقبات والصعوبات، ولايعجبهم شيء والاستماع إليهم لايزيدك إلا نفورا من جميع التخصصات المتوفرة. جميل أن تتوفر بعض الجهات التطوعية لتقديم هذه الخدمات للتوجيه والإرشاد وتزويد الطلاب ببعض التفاصيل كما يحدث في بعض الملتقيات و ورش العمل سنويا، ولكن ذلك لايمنع من البحث وجمع أكبر عدد من المعلومات قبل التخرج لو سنحت الفرصة حتى لو احتاج الطالب لعمل زيارات ميدانية خلال سنوات دراسته.

ولاتكفي الرغبة والقدرات والإمكانات والمهارات والمعلومات بل يتطلب الأمر دراسة ومعرفة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل. قد يرغب الطالب في تخصص معين ولكنه يتفاجأ بمحدودية الفرص في سوق العمل وحينها يضطر للانتظار طويلا مع احتمالية عدم وجود فرصة في نفس التخصص، ويضطر للعمل في أي مجال مختلف عن تخصصه.

وعندما يبذل الطالب جهده في اختيار التخصص فماعليه إلا أن يتوكل على الله ويكافح ويثابر في دراسته، ويعمق ثقته بالله عز وجل ويكون متفائلا بأن الله سيتدبر أمره ويتكفل برزقه بعد تخرجه.

عبدالله الحجي

٢٠١٨/٢/١٦

 

 

رأيان حول “التخصص الجامعي.. ورغبة الوالدين

  1. ابو محمد

    هههههه جزء من الشباب الطموحين تتحقق احلامهم والوصول الى مايصبون اليه والجزء الأكبر تذهب احلامهم ادراج الرياح وهذا واقعونا الذي نعيشه
    كم من خريج جامعي لم يتحقق ولا ربع احلامه المسمى الجامعي شي والوظيفه شئ اخر كم خريج معهد تقني وصناعي الشهادة شئ والعمل شئ اخر

  2. ابومحمد

    احلام ابنائنا تذهب ادراج الرياح
    الا ماشاءالله
    ٣٠٪؜ تتحقق رغباتهم
    ٧٠٪؜ تذهب ادراج الرياح
    مع الأسف واقع مرير جداً

التعليقات مغلقة.