تعدد المشايخ
اعتدنا على وجود إمام راتب واحد في معظم المساجد يقوم بإمامة المصلين في كل فريضة بالرغم من وجود عدد كبير من المشايخ في بعض الأحياء والقرى. فهل ذلك هو مايريده الإمام والمصلون في المساجد؟ وماهو موقف المشايخ الآخرين غير المشاركين؟ أهو بسبب الكفاءة والمرتبة العلمية أم التفرغ أم ثمة أسباب أخرى؟ وهل في التعدد من إيجابيات تستدعي مشاركة أكثر من شيخ في كل مسجد؟
كثيرة هي المساجد التي يصلي فيها إمام راتب واحد. قد ينظر البعض إلى ذلك بنظرة إيجابية بأن يتوفر إمام واحد معروف وملتزم يفرغ نفسه ويتمكن من صلاة جميع الفرائض في كل يوم في المسجد بدون الحاجة إلى تنسيق ومتابعة مع آكثر من إمام.
ولكن البعض الآخر ينظر لذلك بنظرة سلبية مقابل الكثير من الايجابيات المفقودة التي يمكن تحقيقها للمصلين والمشايخ في حال التعدد. في السنوات الأخيرة تنبهت بعض المساجد لهذا الأمر وأصبحت سياسة تعدد المشايخ من أبرز استراتيجياتها لإشراك بعض مشايخ الأحياء أو القرى ليكون لهم دور بارز في إمامة المصلين والمشاركة في البرامج التعليمية والتثقيفية. فمن إيجابيات التعدد أنه لا يحصر خدمة المسجد ويحدها في طالب علم واحد ويحجم دور طلاب العلم الآخرين الموجودين من المشاركة في بعض الفرائض والاحتكاك بالمؤمنين وخدمتهم في المساجد.
ومن الايجابيات التنافس في فعل الخير وتنوع الفكر والثقافة وطرح العلوم المختلفة حسب التخصص والرغبة والميول لكل طالب علم بدلا من الاكتفاء بمصدر واحد فقط. وذلك لايعني الاقتصار على العلوم والثقافة الدينية من المشايخ فقط بل يمكن أن يتوسع المجال لدعوة متخصصين لإلقاء محاضرات في مختلف التخصصات التي يستفيد منها المصلون.
ومن ايجابياته أنه يفسح المجال للمشايخ ويخفف الضغط عليهم ويوفر لهم وقتا للقراءة والتحصيل العلمي والتحضير بشكل أفضل والابداع وتقديم مادة جديدة متميزة للمصلين بعيدا عن المواضيع التقليدية الروتينية التي اعتادوا على سماعها. كما أن ذلك يحرر الإمام الراتب من الالتزامات اليومية ويمكنه من التوازن في أهداف حياته المختلفة الشخصية والعائلية والاجتماعية وغيرها.
كما أن من الايجابيات الاستفادة من طلاب العلم المتميزين في فكرهم وعطائهم فهو فرصة أيضا لإتاحة المجال لبعض طلبة العلم المبتدئين للتواصل مع المجتمع بشكل أكبر وتعزيز الثقة بأنفسهم وتطبيق ماتعلموه ومواجهة التحديات وخدمة المجتمع. ومن الايجابيات سهولة الحصول على من ينيب للصلاة في حال غياب الإمام الراتب بدون تحرج أو تحسس فبعض المشايخ قد يشعر بأنه على خط الاحتياط وخدماته متوقفة على سفر الإمام الراتب فقط.
في أحدى المناسبات التقيت بأحد المشايخ الفضلاء الزاهدين المتواضعين وقد أثار موضوع التعدد وبدأ يشكو معاناته من عدم تجاوب عدد من طلبة العلم الموجودين في قريته للتناوب وإمامة المصلين في المسجد. فسألته وأين تصلي أنت حينها؟ فأجاب هم من خيرة الطلبة الذين أعتز بهم وأفخر بمستواهم وتحصيلهم العلمي ولا أتحرج من الصلاة خلف أي منهم.
فقلت له هنا تكمن المشكلة ولعلهم لايشعرون بالراحة بالصلاة وأنت تصلي خلفهم خصوصا إذا كان في بداية الأمر، ولايرون أن ذلك من الاحترام والتقدير وأنت بمنزلة والدهم. ونقلت له موقف أحد المشايخ في أحد المساجد الذي قالها بصراحة لن أتقدم للصلاة وأستاذي في المسجد إحتراماً وتقديراً له. فما كان من أستاذه إلا أن توقف عن الحضور في نفس المسجد ليفسح المجال له للمشاركة في الصلاة ولكي لا يشعر بالحرج.
ولضمان الاستمرارية ينبغي أن لايكون التنسيق بين المشايخ وجدولة الصلاة بيد أحد المشايخ نظرا لحساسية الوضع. ومن الأفضل تشكيل لجنة خاصة تتولى التنسيق بينهم ضمن الضوابط واللوائح التنظيمية والخطوط العريضة المتفق عليها من قبل إدارة المسجد. المرونة والتفهم والتعاون من المشايخ المشاركين خصال لابد من توفرها لنجاح سياسة التعدد واستمرارها، وكلما زاد عدد المشايخ تطلب الأمر جهدا أكبر من الشخص أو اللجنة المنسقة خصوصا في أوقات المناسبات التي لايتوفر فيها الكثير منهم.
قرار التعدد من عدمه يختلف من مسجد إلى آخر، ويعتمد على مدى قابلية واستعداد الإمام الراتب والإدارة المشرفة على المسجد، ويمكن أن يكون بنسبة محددة من الفرائض حسب العدد الذي يمكن استيعابه من المشايخ مع الاحتفاظ بمكانة وقدر الإمام الراتب. المؤيدون لسياسة التعدد يرون فيه التغيير والتجديد وفسح المجال للعدد الكبير من المشايخ ليكون لهم دور فاعل في خدمة المجتمع ونشر الفكر والثقافة المتنوعة بما يخدم المؤمنين وبيوت الله بالإضافة إلى ماذكر أعلاه من الايجابيات. ومع تطبيق هذه الاستراتيجية قد يكون عدد المساجد محدودا في بعض الأحياء فلا يُتوقع استيعاب العدد الكبير جداً من المشايخ لأن الكثرة المفرطة لها سلبياتها من ناحية التنسيق والمتابعة، ولكن مالايدرك كله لايْترك جله.
عبدالله الحجي
٢٠١٧/٩/٦
*ملاحظة
الإختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي فالبعض من أفراد المجتمع والمشايخ قد يؤيد التعدد والتنوع والبعض الآخر لايؤيد. المدونة تستقبل آراء الجميع لإثراء النقاش وقراءة رأي المجتمع حول هذا الموضوع. كل شخص يمكنه وضع تعليقه في الأسفل (الإسم والبريد الالكتروني اختياري وليس شرطا لاعتماد التعليق) بشرط الالتزام بالإحترام وعدم الإساءة لأي شخص.
احسنتم بارك الله فيكم على هذا الطرح
تعدد وتنوع المشايخ في أداء الصلاة أراه أمر جيد – لعدة أسباب من أهمها إعطاء المشايخ الآخرين فرصة إمامة الجماعة
وكذا إعطاء الجماعة فرصة التجديد وعدم الرتابة خلف إمام معين وثابت لا تغيير ولا تجديد .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله اوقاتمة بالخير
اشكرك أستاذي على هذا الطرح الجميل وهذا الموضوع الأجمل
انا مع تعدد المشايخ وهذا يعطي عدة فوائد
منها تغير مصدر المعلومات و تعدد المصادر وهذا يعطي للمصلين أن يأخذوا من أكثر من مصدر وحتى أساليب الطرح تختلف من أمام إلى آخر
ولاكن انا ودي أن يتواجد الإمام الراتب في الصف الأول حتى مع وجود أمام آخر
أحسنتم أستاذ عبدالله على إثارة هذا الموضوع لعل المساجد تحذوا حذوكم
التعدد له إيجابيات كثيرة منها ما هو مهم للإمام الراتب حيث يعطيه أوقات يتحرر فيها من المسجد
ومنها التنويع في العطاء من خلال تنوع الفكر لكل إمام ومنها استفادة المصلين أكثر لاختلاف علاقات الناس مع أئمة المساجد
من ميزة تعدد المشايخ شخص لا يطمئن للشيخ أ ليكون نحرمه من حضور المسجد…يستطيع الصلاة خلف الشيخ ب…
استاذ عبدالله
كثير من الناس يرفضون ان يستلموا منصب والتزام به بمواعيد دقيقة وعدم التاخير
وتحمل مسؤليه
ولاكنهم ينتقدون من يتصدر منهم انه
يقولون يريد الوجاهه وغير ذالك
اتذكر قبل مايقارب15 سنة
ذهب السيد علي الناصر حفظة الله الى ايران عند وفاة السيد ناصر اجتمع به مشائخ اهل البطاليه واشتكوا له بان غير رجال الدين (اي انهم موظفون في ……….)في البلد هم المتصدين للمساجد
واستفتوا كل المراجع
والحمد لله اليوم مثلا مسجد الامام الحسن عليه السلام
يصلي فيه اكثر من امام مرتب بالاوقات والايام
اما مسجد النبي محمد صل الله عليه واله فقط لصلاة العشائيين ثلاث ائمه رواتب
من ليلة السبت حتى ليلة الاثنين
الشيخ عبد العزيز القضيب
ليله الثلاثاء السيد محمد باقر الهاشم من اهل الجبيل
ليله الاربعاء الشيخ القضيب
اماليلة الخميس والجمعة الشيخ نجيب الحرز واذا كان احدهم مرتبط بسفر او غيره فيتتدب غيره
سلام الله عليكم حبيبي بومحمد
تعدد الأئمة لاشك ان فيه فائدة التنوع الفكري والتعرف على كفاءات لا يمكن اكتشافها الا بمثل هذه المشاركات اذا كان دورهم لايقتصر على امامة الجماعة فقط
موضوع متكامل ورائع بومحمد والتنوع مطلوب وإفساح المجال للمشايخ الجدد
بارك الله في جهود الجميع 🌹🌹🌹❤
انا اضم صوتي مع الأخوان نريد دماء شيوخ جديدة تنوع الأفكار تنوع الأطروحات ابراز الشيوخ قد يكون البعض منهم في سفر او تحت اي ظرف طارئى انا مع التنويع والتجديد.
فبعض المشايخ قد يشعر بأنه على خط الاحتياط وخدماته متوقفة على سفر الإمام الراتب فقط ،،،،،
استوقفتني هذه العبارة وشعرت بروح الحسد والضغينه بين هذا وذاك وكذلك بروح الانانية ايضاً عند هذا وذاك
فهل المبادرة بإمامة الصلاة منصب او رتبه من وجهة نظر هذا وذاك ؟!
وهل المسجد ملك لهذا وذاك اما هو بيت من بيوت الله الكل يسعى لينال الشرف سواء بخدمتها او الصلاة فيها إماماً او مأموماً اكنان هذا احتياطاً ام اساساً !!
فكلا النوعين ضروري للمسجد التعدد والراتب لكن مع روح التعبد فقط بمنهج مجتمعي علمي بعيداً عن رياء النفس او لنيل شرف او تنظير شخصي لهذا وذاك !!
اتفق فيما ذهبت إليه مهندسنا و ارى لو ينظر إلى الموضوع من زاوية المركزية و اللامركزية سنرى أنه في السابق كانت المركزية قائمة في إدارة المساجد بإمام واحد هو الكل في الكل
اليوم هناك ( تخمة ) في الكفاءات و القدرات و التخصصات و أفضل طريقة برأيي لاستثمارها و الاستفادة منها هو اللامركزية .
ولكن كل هذا له ضريبته فكثير من القرارات و الشؤون تقتضي المركزية لإنهاء الجدل
وحل المعضلات وما واجهناه في هذه السنة في عيد الأضحى خير مثال ، إضافة لصعوبة التنسيق و المتابعة . و إغراق المسجد بالبرامج و الأنشطة فوق ما يحتمل .
أقتراح مفيد وفعال حيث أن وجود أكثر من أمام أو شيخ يفتح مجال التنافس بين طلبة العلم ويقضي على الروتين المتبع وفِي نفس الوقت يستفيد المصلين من تنوع الثقافات والمعلومات الدينيه وذلك لأن لكل شيخ أسلوبه الخاص في توصيل المعلومات وبهذا يعود النفع والفائدة على الجميع ..
طبعا هذا جيد من ناحية ان الشخص يصلي و يتعرف على عدد من أئمة المساجد و ايضا يعطى فرصة لطلبة العلم ايضا لإمامة الجماعة
ولكن يحرم الجامع من إقامة برامج او فاعليات مختلفة لإن لا يوجد شخص واحد يتابع البرامج
مقال رائع ياابا محمد
وفقك الله
اتفق معك خصوصا ان طالب العلم ميدانه المجتمع فهو لم يتعلم ليكون وحيدا بل ليخدم بعلمه الناس
وهذا معنى احيوا امرنا
والمسجد يعد الانطلاقة لطلاب العلم اذ من خلاله يتعرف الناس على طلاب العلم ويكونون على تماس بهم
ان شاء الله تكون التجربة الرائدة انطلاقة مباركة لبروز دور طلاب العلم اكثر فأكثر 🌹
مع إحترامي الى أرئكم أنا ضد كثرت المشاركه للمشايخ لابأس مع الشيخ الراتب يكون شيخ معين ينوب عنه فى حاله عدم إمكانيته للحضور
من ملاحظتي لبعض المؤمنين الامتناع من الصلاه مئمومآ لسبب عدم الأرتياح من هذا الشيخ
شكرا لك بومحمد لاتاحة الفرصه للمشاركه بالرأي..
حتما ان فوائد التنوع كثيره كما اسلفت ولكن مستوى المشايخ المشاركين في المسجد بمستوى علمي واحد او متقارب فإذا كان هدفنا الفائده فلا بد من عمل دعوه على الاقل مره اسبوعيا لكبار علماء المنطقه للصلاه وعمل محاضره او خطبه متكامله ولا اريد ان اعين اسماء فهم معروفون لدى الجميع وسيشكل هذا انعكاس كبير جدا على مجتمع الحي وثقافتهم .. ارجوا بألا نكون محصورين بمستوى علمي محدووووود ..
واكرر شكري وتقديري .
السلام عليكم
موضوع جيد للنقاش لا شك في ذلك .
كولي لأحد المساجد أفضل ان يكون شيخا واحدا وهو من جانبه يعين بديلا له في حالة غيابه وهذا لا يمنع من إستدعاء بعض الرموز سواءا كانت دينية او طبية او اجتماعية و غير ذلك للمشاركة بالمحاضرات و البرامج .
عزيزي المهندس
مقال فوق الرائع
دمت موفقا
وجود ٱكثر من ٱمام او شيخ فكرة رائدة يمتاز بها مسجد السبطين وفق الله القائمين عليها
1- يثري المصلين بالمعرفة والاسلوب المتجدد في الحديث والخطابة
2- يزيد في الروحانية بالمسجد في الدعاء لان بعض المشائخ لا يملك هذا
3- إفساح المجال لمشايخ تريد خدمة ورفع المستوى العلمي للمؤمنين
كلام راقي