مطار الأحساء موجود وغير موجود, نسي بعض المواطنين وجوده على خارطة الأحساء وضل طريقه البعض الآخر بعد أن فقدوا الحلم في تحوله إلى مطار دولي أو حتى مطار داخلي يلبي حاجات أهالي جوهرة الذهب الأسود. مطار مضى على تشييده العقود وكثرت طلبات ومناشدات الكتاب ورجال الأعمال والكثير من المواطنين لتفعيله وتكثيف الرحلات الداخلية والدولية بما يتناسب مع الكثافة السكانية للأحساء ومدنها وقراها وهجرها و ما تشهده المنطقة من نمو وازدهار في الصناعة والسياحة والتجارة والزراعة.
انتظر الأحسائيون طويلا بشغف وتوق تجلي هذا الحلم على أرض الواقع وتأملوا خيرا إلا أنهم مع كل بصيص من الأمل يصابون بإحباط و خيبة أمل. ففي عام 2004 م أورد الكاتب العزيز عادل الذكرالله خبرا في جريدة (اليوم) العدد 11436 مفاده بأن الخطوط الجوية القطرية تنتظر موافقة الطيران المدني بالمملكة لبدء رحلات دولية منتظمة من مطار الأحساء. وأيضا وجود خطوط جوية عربية أخرى مثل الإماراتية والاتحاد و(العربية) تدرس تسيير رحلات مماثلة لعدد من العواصم العربية و الدولية. وذكر بأن مطار الأحساء استقبل عددا من الرحلات الدولية منذ سنوات طويلة من مصر وسوريا. حينها استبشر أهالي المنطقة بهذا الخبر وتبادلوا التهاني والتبريكات لتواجد خطوط جوية أجنبية تثمن قيمة المنطقة وترغب بتفعيل المطار شبه المعطل، ولكن ماذا تمخض عن تلك الأطروحة؟
وحينما ظهر المنافسون للخطوط السعودية على الساحة كانت الوعود بتسيير رحلات يومية من الأحساء إلى مناطق المملكة الأخرى وسيشهد المطار تفعيلا مكثفا بالرحلات الداخلية والدولية، ولكن لم يكن ذلك سوى أضغاث أحلام تلاشت في الفضاء وبدلا من تكثيف الرحلات تم الاكتفاء برحلتين أو ثلاث فقط لمدينة واحدة حسب جدول لا يتناسب مع شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين.
ومن المؤسف أن تقرأ مانشرته جريدة الشرق الأوسط في العدد 10643 عن الهيئة العامة للطيران المدني بأن مطار الأحساء ليس بحاجة حاليا لتحويله إلى مطار دولي وأن المطار بسعته الحالية مناسب جدا، ويفي بالمتطلبات الحالية والمستقبلية على المدى القريب، وأن الهيئة تعكف لإعداد مخطط عام للمطار .. ولكن متى؟ لـ 25 عاما المقبلة حسب ماورد في الجريدة!!
هل حقا لاتوجد أعداد كافية من المسافرين، من مواطنين ومقيمين، من مدن وقرى وهجر الأحساء تستحق تسيير رحلات لها من الأحساء مع ماتشهده الأحساء من تقدم ونمو أم أن المطار حكم عليه بالتهميش وعلى كل مسافر أن يركب راحلته برا ويبذل شيئا من العناء ليتوجه لمطار الدمام أو مطار البحرين أو مطار قطر ليحلق جوا للجهة التي يريدها؟
ألا يوجد في الأحساء موظفون من المناطق الوسطى والغربية والجنوبية يعانون من التنقلات بسبب عدم توافر رحلات جوية من الأحساء؟ ألا يوجد من يرغب من المواطنين والمقيمين بالسفر إلى مختلف مناطق المملكة أو دول الخليج أو غيرها من دول العالم؟ ماهي نسبة المسافرين من الأحساء خلال الإجازات الصيفية إلى الأماكن المقدسة للتشرف بزيارة النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم ) والسلام عليه، وأداء العمرة وزيارة المناطق السياحية، فلماذا لاتسير رحلات يومية لهذه المناطق؟ ماهي نسبة الحجاج من الأحساء، فلماذا تضطر بعض شركات الحج للحجز من الدمام واستئجار الحافلات لقطع هذه المسافة برا إلى الدمام؟ لماذا يضطر الوافدون إلى الأحساء للزيارة والسياحة أو الأعمال للتوجه لمطار الدمام أولا ومن ثم إكمال الرحلة برا إلى الأحساء؟
فمادام المطار قد اكتفى برحلتين في الاسبوع فكيف يلقى باللوم على عدم توافر أعداد كافية لتسيير رحلات منتظمة منه وإليه؟ لقد فقد المسافرون الثقة في مطار الأحساء وأصبح لديهم نسيا منسيا ولا يعبأ المسافر بإضاعة الوقت بالبحث في الانترنت أو السؤال عن الرحلات من وإلى الأحساء، فلا بد من التضحية والصبر في بداية المشوار لكسب ثقة الناس وتغيير الصورة السلبية المطبوعة في أذهانهم, وذلك بتسخير الجهود وإعداد دراسة وافية وإجراء عصف ذهني للخروج بخطة فاعلة لكيفية إنجاحه. فكما يقال ما تركز عليه ستحصل عليه، فإن كان التوجه ايجابيا فستؤول الجهود وتتضافر لتحقيق النجاح الباهر وإن كان التوجه سلبيا على أن يبقى المطار في سباته العميق فسيبقى لما خطط له.