قبل عام تقريبا كتبت مقالا في جريتنا الغراء (اليوم) بالعدد 12472 بعنوان «وئدت ياجبل القارة ولم يعرف لك قدر»، وتطرقت لأهمية السياحة وتسليط الضوء على هذا الجبل، مشيرا إلى بعض المعالم السياحية في النمسا.
حينها اتصل بي أحد الزملاء الذين زاروا النمسا، وقال لي: كأنك بالغت كثيرا يا أبا محمد بمقارنة جبل القارة بالكهف والمعالم السياحية في النمسا. وعلق أحد الإخوة في الانترنت بأن ذلك مخالف للدين وقواعد الطبيعة وأن أي مخالفة لخلق الخالق يعد كفرا وأن لدينا ما هو أهم من جلب السياحة إلى الوطن.
مضت الأيام وها هي الواحة الأحسائية تسارع الخطا في هذه الأيام وتنافس بقوة على المراكز العشرة الأولى لعجائب الدنيا السبع الطبيعية. فمنذ أن بدأ التصويت وأسئلة كثيرة تتردد على الألسن، هل الأحساء حقا مؤهلة لتكون ضمن العجائب السبع بوضعها الراهن؟ وما هي الرؤية المستقبلية لها إذا ما تحقق ذلك الحلم وأصبحت من العجائب التي تجلب السياح المحبين للاستطلاع من كل حدب وصوب؟ وما هو مصيرها إذا لم يحالفها الحظ في هذه الحملة؟
لن أخوض في هذه التساؤلات وأكتفي بالقول في أن آمال اللجنة القائمة على الترشيح كبيرة في أن الواحة الأحسائية سوف تلقى اهتماما أكبر بعد فوزها لتصبح أحد المعالم السياحية المشهورة عالميا وعليه لابد أن تكون مهيأة لاستقبال السياح من كل بقاع الأرض.
لقد قرأت أكثر من موضوع في (اليوم) عن السياحة وكل كاتب يعبر عن رأيه في السياحة الداخلية والخارجية وبين بعض المحاسن والمساوئ.
من خلال جولة سياحية في ربوع البلاد الحبيب وبعض الدول الأخرى التي تعتبر السياحة أحد أهدافها الاستراتيجية لزيادة الإيرادات ودعم الاقتصاد يمكن تلخيص بعض أهم المقومات السياحية العامة لجذب أكبر عدد من السياح فيما يلي:
· الجو البارد أو المعتدل فرارا من حرارة الصيف الملتهبة.
· توفير برنامج سياحي شامل ومتكامل يضم أهم المعالم السياحية المتنوعة التي يمكن زيارتها خلال فترة زمنية. والدول السياحية تصرف الكثير على جانب الإعلان والتسويق بطباعة الكتيبات والمطويات بأعداد كبيرة بالصور والألوان الزاهية لتضع بين يدي السائح أهم المعالم السياحية مع نبذة مختصرة عنها.
· المقومات الجغرافية، ومنها الطبيعة الخلابة من جبال وبحيرات وأنهار وشلالات وغيرها. فالدول المهتمة بالسياحة لا تدع فرصة طبيعية إلا واستثمرتها بشتى الوسائل الفنية والإبداعية لجلب أكبر عدد من السياح. فعلى سبيل المثال يوجد في النمسا وسويسرا وماليزيا ولبنان بعض الكهوف الجميلة التي تبهر كل من يدخلها بجوها البارد العليل وتتميز بعضها بالشلالات والأشكال الجميلة التي نحتتها المياه في الصخور. هذه الكهوف لا تخلو من السياح خصوصا في فصل الصيف ويبدو واضحا كم صرف من أجل تسهيل الطرق الوعرة إليها بشتى وسائل المواصلات وتزويدها بالإضاءة والمرشدين ليأخذوا السياح في جولات لا تقل عن ساعة.
· المرتفعات الشاهقة والقمم الجليدية كالتي في النمسا وسويسرا التي مهدت لها الطرق الإسفلتية والتليفريك والقطارات. فمن الملفت للنظر في انترلاكن السويسرية الجميلة امتداد سكك حديدية إلى أعلى قمة في جبال الألب (جنقفرو) تمتطيها قطارات برحلة تستغرق خمس ساعات ذهابا وإيابا تعبر خلال أنفاق قد شقت في الجبال الجليدية.
· البحار والأنهار والبحيرات التي تتميز بتنظيم رحلات سياحية بحرية لمشاهدة أهم وأبرز المعالم أو الاستمتاع بشواطئها الجميلة، وخير مثال على ذلك ما كسبته الواجهة البحرية من شهرة في مدينة الدمام.
· الحدائق والمنتزهات العامة، وقد برعت ماليزيا في موضوع الحدائق بتخصيص حديقة لكل شيء يخطر على البال، فمن حديقة للحيوانات وحديقة للطيور وحديقة للفراشات وحديقة للفواكه وحديقة للزهور وحديقة للبهارات وحديقة للتماسيح وحديقة للقرود.. كل ذلك من أجل إضفاء شيء من التغيير والتنوع.
· أبرز العجائب الصناعية والطبيعية والمعالم السياحية التي تميز المكان. فعلى سبيل المثال برجا ماليزيا الشهيران وبرج ايفل بفرنسا الذي يزوره كل عام تقريبا ستة ملايين سائح من مختلف دول العالم ليصعدوا إلى أعلى قمة لرؤية باريس من الأعلى وتسجيل هذه الزيارة في سجلهم لأحد أهم المعالم في العالم.
· المواصلات الجوية والبحرية والبرية التي تسهل على السائح التنقل بأي وسيلة يريدها. فعندما يريد الطيران لا يقيد نفسه بخطوط طيران معينة بل له حرية الاختيار بتواجد أكثر من منافس وتوفر المطارات المهيأة لاستقبال رحلات منظمة بشكل دوري. وإذا لم يرغب بالطيران فله أن يستخدم القطارات السريعة كتلك التي تربط الدول الأوروبية مع بعضها وتجعلها تبدو وكأنها دولة واحدة. أما بالنسبة للمواصلات الداخلية فقد تميزت أوروبا وبعض الدول بوجود شبكة منظمة ورحلات تسير بانتظام خلال اليوم تأخذك أينما شئت باستخدام «المترو» أو «الترام» أو الباص. فأين دولنا الخليجية من الاستفادة ولو بنسبة 5 بالمائة من هذه الخبرات التي تسهم في راحة المواطن قبل السائح وتفك الاختناقات المرورية وتقلل الحوادث التي تزهق العديد من الأرواح؟
· المتاحف والآثار والمعالم السياحية والتاريخية.
· المجمعات التجارية والفعاليات المتنوعة.
· الفنادق والشقق المفروشة بمختلف درجاتها التي تكفي للأعداد المتوقعة من السياح وربطها بالشبكة العنكبوتية لتسهيل عملية الحجز من بعد.
· أماكن الترفيه والتسلية التي تتميز بأفكار فنية و إبداعية جديدة مستفيدة من بعض الخبرات الموجودة في بعض الأماكن، مثل «ديزني لاند» و «المدينة الجليدية» في دبي، التي لم تقف حرارة الصيف الملتهبة عائقا أمام تحقيق هذا الإنجاز المتميز.
· البنية التحتية الجيدة والشوارع النظيفة والجميلة.
· حسن معاملة المواطنين وتحليهم بالأخلاق الحميدة التي تعكس صورة جيدة عن البلد المضيف.
هذه أهم مقومات السياحة، فهل ستتوافر في الأحساء لتصبح أحد المعالم السياحية المشهورة عالميا؟!